لو لم نكن في نواكشوط البارحة ... لو تم العرض في أي مكان آخر خارج موريتانيا فحينها لن تشاهد إلا فيلما واحدا كان مبرمجا أن يعرض ، أما وقد هم المشرفون على الفيلم أن يعرضوه في انواكشوط فقد أضاف هذا أبعادا أخرى قد تتجاوز في مضامينها التراجيدية ما قد يقدمه فيلمنا من التراجيديا
التي هي موضوعه الأصلي ..
لقد شعر الفيلم نفسه بالغيرة مما قدمته مدينة انواكشوط لزوار دار العرض من خدمات تراجيدية توفرت قبل العرض وأثناءه وقضت عليه قبل أن ينتهي ..
فهناك ذلك الفيلم التراجيدي المريع الذي لا ينتهي عن وسط العاصمة "كابيتال" في أي ساعة أو دقيقة من السنة وهو الناموس ، لقد ساهم الناموس قبل العرض بدور عظيم في تتفيه ما قد يقدمه الفيلم من الآلام ، فقد هاجمتنا كتائب خاصة جدا من ناموس النخبة في انواكشوط قبل عرض الفيلم وأثناءه.
ليس الناموس هو الوجه التراجيدي الوحيد الذي قد ينغص الإحساس بعمق الآلام التي وضع فيها فنان مخضرم ومخرج عالمي كل تركيزه في إيداعها الفيلمَ في محاولة لرصد إحدى أكثر الكوارث الإقليمية ألما خلال العشرين عاما الماضية ، فقطع التيار الكهربائي المتصل الذي أمعن القاطعون في قطعه مباشرة بعد أن "تيترنا" أبو بدر في إحدى قصصه الخيالية أننا سنصير عما قريب من الدول المصدرة للطاقة وأننا سنضمن ـ قطعا ـ تصدير الطاقة "الفائضة" عن حاجتنا إلى جيراننا ، ثم طالعتنا وسائل الإعلام بعد هذا التصريح بأيام قليلة بخبر اتفاق بموجبه تصدر موريتانيا كمية معتبرة من الطاقة لجارتنا السينغال ، لقد كان هذا منذ سنوات قليلة وصارت قصة تصدير الطاقة رمزا للتندر بعد الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. لم تترك مدينة نواكشوط مناسبة عرض فيلم تمبكتو تفوت دون أن تجهز إضافة إلى الناموس أعمق أبعاد الرعب والتراجيديا على أجواء صالة العرض وهي انقطاع التيار الكهربائي لعدة دقائق،
هناك نكتة قديمة اشتهر بها التلفزيون النظامي وصاحبته على مدى عمره حتى اليوم وهي عبارة "خلل بسيط"، تلك العبارة يا أعزائي كانت لقطة النهاية التي قضت على فيلم تمبكتو قبل اكتماله وكأنها تقول له ـ مانك حاكي شي ـ وأبقت فيلم انواكشوط المستمر على منواله الغرائبي الجامع بين الطرافة والرعب والمأساة .