أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يوم أمس الخميس تغييرات عسكرية تعتبر الأهم، والأكبر منذ وصوله للسلطة، شملت أبرز جنرالات البلد، ولعل أهم تغيير حملته تلك الحركة العسكرية هو تعيين الجنرال مسقارو ولد لقويزي قادا لأركان رئيس الجمهورية، فلماذا تم تعيين ولد لقويزي في هذا
المنصب العسكري الحساس ؟ ولماذا قرر الرئيس نقل ولد لقويزي عن جهازي أمن الطرق الذي أسسه، وبناه ، وارتبط لدى المواطنين باسمه؟
يرى العديد من المراقبين أن الرئيس ولد عبد العزيز لا يتبع بالضرورة أي معايير ثابتة في تعييناته، وإقالاته، ولا يخضع للتوازنات القبلية في كثير من الأحيان، لكن ذلك في التعيينات، والإقالات المدنية، أما في التعيينات العسكرية، والأمنية فلا يمكن بحال من الأحوال أن تكون عشوائية، بل تتم عبر حسابات دقيقة، وتوازنات أمنية مدروسة، ومحسوبة.
يعتبر اللواء مسقارو ولد سيدي ولد لقويزي أحد أكثر العسكريين قربا من ولد عبد العزيز، وتمتد العلاقة بين الرجلين إلى أوقات سابقة، لم يكن حينها ولد عبد العزيز رئيسا، ولا ولد لقويزي جنرالا، وربما بنا الرجلان ثقتهما المتبادلة منذ ذلك الحين، فهذه العلاقة الشخصية برئيس الجمهورية ساهمت في جعل الرئيس يعهد لولد لقويزي بقيادة أركان رئيس الجمهورية.
كما يتميز اللواء مسقارو ولد لقويزي بالصرامة، والانضباط، والمهنية، وهي ميزات جعلت منه عسكريا ناجحا، شق طريقه بثبات، ومنحته ثقة ساكن القصر الرمادي، حتى بات يعهد إليه بمتابعة ملفات حساسة لا علاقة لها بتخصصه كقائد لتجمع أمن الطرق – حسب بعض المصادر-.
تجربة ولد لقويزي في قيادة تجمع أمن الطرق مشجعة برأي الكثيرين، فالرجل استطاع في ظرف قياسي بناء جهاز أمني محترف، يقوم بمهمة بالغة الصعوبة، والتعقيد، ألا وهي تنظيم، وضبط حركة السير في عاصمة تعج بمئات آلاف المركبات، بل ونجح الرجل في تغيير عقلية المواطن عن شرطي المرور، وأعاد للدولة هيبتها، وللقانون احترامه في هذا المجال،ورغم حداثة جهاز أمن الطرق فقد استطاع مسقارو أن يتجاوز به مرحلة التأسيس، والتشكيك في أهميته، وقدرته، إلى أن أصبح جهازا أمنيا يحسب له حسابه.
وهناك عامل آخر لا يريد الكثيرون الحديث عنه، لكن نعتقد أنه من الأوراق التي رجحت كفة مسقارو ولد لقويزي وهو علاقته بالجانب المدني، فهو يعتبر أكثر العسكريين اتصالا بالمدنيين، وقربا منهم، ويتمتع بعلاقات واسعة مع فاعلين سياسيين، وأطياف شعبية متعددة على المستوى الوطني، هذا فضلا عن الدور الذي لعبه الجناح المدني التابع للجنرال ولد لقويزي في الانتخابات البرلمانية، والرئاسية الأخيرة، فقد شكل أنصار ولد لقويزي قطبا جماهيريا بارزا كان له الدور الكبير في إنجاح ولد عبد العزيز، وحزبه في الحوض الغربي وهو دور لم يكن الجنرال ولد لقويزي يجاهر به، ويعلنه حتى لا يتهم بخوض السياسة، لكن نتائجه الإيجابية لم تكن خافية على الرئيس ولد عبد العزيز، الذي اكتشف – برأي البعض – أن الجنرال مسقارو ولد لقويزي يتمتع بكاريزما، ومرونة، جعلته ينسج علاقات طيبة مع المدنيين، فضلا عن مؤهلاته العسكرية الواضحة.
انتقل إذا اللواء مسقارو ولد لقويزي من قيادة الجهاز الأكثر قربا من المواطنين ( تجمع أمن الطرق) إلى قيادة الجهاز العسكري الأكثر قربا من الرئيس ( الأمن الرئاسي) وبذلك يكون ولد لقويزي قد حقق أعلى ما يطمح إليه عسكري، لكن تبقى العيون مسلطة على القائد الجديد لتجمع أمن الطرق، فمن المؤكد أنه لن يستطيع تغيير الارتباط الذهني لدى المواطنين بين هذا الجهاز، ومسقارو، ... فما الحب إلا للحبيب الأول، فهل سينجح ولد المعيوف في الحفاظ على الزخم، والمكانة التي وجد عليها أمن الطرق، ويطورها؟