مادة التربية الإسلامية(IMCR) سابقا ،والتي أصبحت في مرحلة لاحقة "التربية الدينية(ir) في خطوة كانت تهدف إلي فصل سلوك التلميذ عن معتقداته الدينية، وأنشئت لتلك المهمة مادة التربية المدنية التي تقاسمت مع التربية الدينية أوقات تدريس وضوارب مادة التربية الإسلامية ، وأصبح تدريس
المادة الأصلية مشتتا بين برنامجين متنافرين ومُنع أساتذة التربية الدينية خاصة من تدريس مادة السلوك خوفا من تأثيرهم علي سلوكيات التلاميذ ، وهكذا بدأ الانفصام واضحا في شخصية المتعلم، وأخذ تعليمنا يفقد تدريجيا خصوصيته ويبتعد عن الهوية الوطنية للإنسان الموريتاني .وما لايفهمه البعض هو أن الضارب الجديد الممنوح لمادة التربية الدينية لامعني له في ظل بقاء السلوك الإسلامي خارج نطاق التدريس ،ولعل السؤال المطروح هو: هل مادة التربية الإسلامية هي (ir )أم (ic)؟
رحب بعض رجال الدين والعامة بالتعميم الذي نشرته وزارة التهذيب الوطني بشأن الزيادة المقررة علي ضارب و توقيت التربية الإسلامية...
قرأت الخبر علي صفحات المواقع ،واستمعت إليه في الإذاعات المحلية والتلفزيونات وكأن مادة "التربية الإسلامية" هي المُستهدفة فعلا بهذه الزيادة الكريمة...!
إن قرار الوزارة يُغفل أبعادا استراتيجيه في تحديد وجهة القرار ..إن التربية الإسلامية كمادة تُعني بتدريس العقيدة الإسلامية،وتهدف إلي مد التلاميذ بالمعطيات الشرعية الضرورية لممارسة السلوك الإسلامي الصحيح لم تعد موجودة (اسما ومسمي)، وحلت محلها مادة التربية الدينية التي تُعني فقط باطلاع المتعلمين علي الشرائع السماوية وما تضمنه من هدي وتوجيه، ويمكن أن يصيح تدريس هذه المادة في وقت قادم لايُميز بين دين وآخر- كما هو الحال في البلدان التي أوحت إلي تعليمنا بإدخال هذا التعديل علي مادة التربية الإسلامية - (تونس بورقيب مثلا).
من الواضح إذا أن العقيدة الإسلامية ليست فكرة مجرة ولاهي سرد لأحداث ووقائع وتأريخات لتراث ينتمي إلي الماضي البعيد ، ولكنها سلوك وممارسة وتوجيه وهي بالتالي: بناء شخصي متكامل يحمل في طياته ماهو صالح للمعتقد والعمل ..
إن هذا المفهوم الأخير هو ما كان يحققه تدريس مادة التربية الإسلامية ،وهو ماينبغي أن نستعيده ، ومن ثمة نزيد أوقات تدريسه وضواربه ...
أما قرار الوزارة الأخير فهو تكريس لواقع مُختل ،وهو يرَسِِم تدريسا لا يجدي في تحقيق الأهداف التربوية للمادة الأصلية .
إن من يعتبر مادة التربية الدينية بمحتوياتها الحالية كافية لتحيق الأهداف العامة لتدريس التربية الإسلامية ، لايعلم شيئا عن واقع تدريس المادة ولا عن محتوياتها ..
إن مادة التربية المدنية - في نظري- أحق بأن تمنح وقتا أكثر وعناية أكبر بتدريسها وأن نجعل محتوياتها أكثر تأصيلا وارتباطا بعقيدتنا وشريعتنا وهي المادة المسؤولة عن تنمية السلوك الصحيح وغرس القيم الإسلامية في ممارسات المتعلمين .. وهذه المادة الممنوع علي أساتذة التربية الإسلامية تدريسها(بقرار وزير تعليم سابق) ويُسمح لأساتذة الإنكليزية والفرنسية والرياضة البدنية بتدريسها...هي الأكثر ارتباطا بقيم المجتمع وهويته ...
إن هذا الخلل الواضح في البرامج التربوية لايمكن تجاوزه بقرار ارتجالي لاينطلق من مراجعة جادة لوضعية تدريس المواد التربوية ،إنما يتجه للتحايل علي واقع تدريسي منحرف. والأخطر من ذلك أن الرأي العام الوطني غير منتبه لهذه المعطيات ولايدرك تماما خطورة الفصل بين السلوك والعقيدة في تدريس الأبناء ..