الأزمة الدستورية في بوركينافاسو بداية لتغيير شامل في غرب إفريقيا؟ / اسغير ولد العتيق

   تابعت عن كثب الأخبار التي تقاطرت من بوركينافاسو لحظات وقوعها أولا بأول ،فسبحان الله إنها كانت بالسرعة التي قرأنا وسمعنا عن سرعة تتابع ظهور العلامات الكبرى للساعة.
بلا فوارق زمنية تذكر، تزاحمت الأحداث التي أدت لإجبار الرئيس ابليز كمباوري على الاستقالة مكرها بسرعة غير معهودة ولا مألوفة ،

والغريب في الأمر أن إجبار الرئيس المتحكم عسكريا وقبليا وأهليا وسياسيا في مفاصيل الدولة أكثر من ربع قرن ،لم يستغرق وقتا طويلاولم  يكلف الشعب البوركينابي الكثير .
إن انهيار الحكم البوليسي الديكتاتوري القوي أمام أمواج الاحتجاجات الشعبية -التي ظهرت بقوة تفوق بكثير قوة الأمواج البحرية الهائجة ،وسرعة الأعاصير والفيضانات وباندفاع أقوى من اندفاع الحمم البركانية -، ليعبر بصدق عن رفض الشعوب للإهانة  والوصاية والظلم وأحادية التسيير والغبن والحيف والإقصاء والتهميش والفساد والهيمنة .
إن قوة أمواج الاحتجاج التي اقتلعت جذور حكم الاستخبارات البوركينابي ومن قبله الليبي والمصري والتونسي والأكراني هي نفس الأمواج التي ستنتزع جذور الأحكام الأحادية في كل البلدان خصوصا الإفريقية والعربية التي لا تعرف الديمقراطية ولا تؤمن بالتناوب ولا تفكر في عواقب الأمور ،ولا تعرف إلا لغة الاحتقار والابتزاز والسخرية من الآخر والمسخرة والاستهزاء والانغماس في ملذات الحكم والاستماع لشياطين القصر وأكلة المال العام ،فضللوهم وأضلوهم عن جادة الصواب فغابوا كلهم وغيبوا كلهم عن فضاء معاناة شعوبهم ،المتمثلة في الحاجة للدواء ،للنقل،لسكن لائق،لعمل لائق،لماء صالح للشرب ،لكهرباء ،لطرق ،لتعليم نوعي وليس كمي... رغم كثرة وتنوع المصادر والموارد الاقتصادية في هذه البلدان مازالت شعوبها تعاني الأمرين.
إن سرعة تداعي أركان النظام الأحادي الكمباوري وسقوطه في فترة زمنية هي الأقصر في تاريخ الاحتجاجات والثورات والانتفاضات الجماهيرية ،لتبين بوضوح هشاشة وضعف وتخاذل الأنظمة الفردانية المتعنتة في دول إفريقيا والوطن العربي .
إن الشعوب التي كانت بالأمس تخاف البذلة العسكرية أصبحت اليوم تشتاق صوت البنادق ودخان مسيلات الدموع والاحتكاك بقوات حفظ الأمن .
إن الشعوب اكتسبت الشجاعة والجرأة من النضال الفلسطيني "الانتفاضة" ومن بعد ذلك نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وأخيرا من الربيع العربي كل هذه العوامل قوت عزائم المضطهدين والمهمشين والمستعبدين بغير حق شرعي  على انتزاع حقوقهم المسلوبة كالحق في الحرية من قيد العبودية والحرية في الاختيار والانتماء والتنقل وتقلد الوظائف العامة والخاصة وحق العمل والتعلم وتكافؤ الفرص ...كل الشعوب الإفريقية والعربية تعاني هذه الويلات بما فيها بلدي الضعيف متعدد الأعراق مختلف اللغات هش البنية السسيولوجية الاجتماعية .
إن احتكار السلطة وإقصاء قادة الرأي وظلم  الطبقة الكادحة الضعيفة والاستحواذ على خيرات البلد وعدم الإنصات لمطالب الشعب، لهي الأسباب الحقيقية لكل انتفاضة جماهيرية في أي بلد ، خاصة بعد اكتظاظ المدن بالسكان النازحين من الأرياف نتيجة لاستحكام الجفاف المتولد عن تناقص كمية التساقطات المطرية وتذبذبها في أغلب دول المنطقة التي ننتمي لها ،ولهذا نتائج إيجابية في تحرر البعض من قيود العبودية ليتعلم ويعلم أبنائه ومن ثم يبدأ عملية البحث عن حصته في الاقتصاد الوطني فيزداد العبء على مسير البلد الذي يحتكر الدورة الاقتصادية على ذوي القربى ،فتبدأ المعركة التي لابد وان تنتهي يوما ما بزوال الحكم  المستبد الظالم إما بثورة أو بانقلاب وبعد بوركينافاسو لم تعد الانقلابات مقبولة عند الشعوب التي استفادت كثيرا من انفجار ثورة الاتصالات  العابرة للحدود الجغرافية . 

5. نوفمبر 2014 - 11:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا