إن بقاء الرق كممارسة في ميدان الحياة بين المسلمين رغم ما اتخذه الإسلام من أسباب لتجفيف منابعه ففتح أبواب العتق والمكاتبة والكفارة بأنواعها للقضاء على الرواسب التي سبقته منه ,لأمر مريب , وان اعتماده كركن سادس في مراجعنا الدينية كالدسوقي وبن عاشر وخليل حيث الحرية شرط في الشهادة
وصلاة الجمعة وفي الإمامة والعبد لا يكون وليا لنفسه ولا لغيره والأمة يقع عليها سيدها دون عقد ولا مهر فتلد لكنها لا تكون أم ولد على عكس الآية الكريمة فانكحوهن بإذن أهلهن واتوهن أجورهن بالمعروف النساء دون غيرنا من أهل السنة والجماعة الذين لم يعودوا تبوبون على الظاهرة في كتبهم وفتاويهم لاختفائها بفعل التطبيق السليم لتعاليم الإسلام أيضا الأمر يستوقف الجميع ويدفع إلى السؤال إن كانت هذه المراجع والأمهات في عز ومنعة من دس وتحريف الوضاعين (الإسرائيليات) كما حصل مع الحديث الشريف أيام جمعه .
لقد هذب الإسلام الرق الذي كان منتشرا قبله وحاصره تمهيدا للقضاء عليه في شكل بديع من أشكال مقاومته حتى بلغ في أعلى درجات التنكر له ورفضه أن يتزوج زيد بن حارثة وهو مولى بابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ترد آية واحدة في كتاب الله الكريم تمجد الرق أو تحض عليه. لكن ما تحتفظ به الذاكرة الجمعوية عندنا من موروث شعبي حول العبودية ومحاولات علماءنا إلباسها لباس الدين مشابه إلى حد المطابقة لما جاء في كتب المسيحية , فالعبد في عرف البيظان ملزم بطاعة سيده لان ذلك من طاعة الرب ( جنة العبد تحت أقدام عربيه) ونيل هذه الجنة يتطلب إبطال زواج العبد وتركة للزنا والتكاثر المحرم , فالعبد الذي يتزوج دون إذن سيده فهو عاهر وزان كما جاء في تبيين المسالك ج3 ,ص19 قال الخطابي (إنما أبطل نكاح العبد من اجل أن رقبته ومنفعته مملوكتان لسيده وهو إذا اشتغل بحق الزوجة لم يتفرغ لخدمة سيده وكان في ذلك ذهاب حقه فأبطل النكاح إبقاء لمنفعته على صاحبه) وهذا هو نص ما جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل افسس (أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح ولا بخدمة العين كمن يرضي الناس بل كعبيد للمسيح) . بل إن التطابق بين تسخير الدين في بلدنا لتبرير العبودية وبين ما يأتي به القديس توما الاكويني الذي يعتبر احد أركان العقيدة الدينية المسيحية لمثير للشك ومدعاة للبحث في أماكن التماس بين المصادر التي يستند إليها من يشرع الرق عندنا باسم الدين ’والدين منه براء, وبين مصادر توما الاكويني أما امتهان الأسياد عندنا للأرقاء وتأسيهم بما شهده المجتمع اليوناني فواضح وجلي ,فما يخضع له الحراطين اليوم هو تماما ما ذهب إليه أرسطو في علم الأخلاق من مبدئ التفريق الاجتماعي الذي يعتمد على التمييز الطبقي الذي ظل معمولا به في المجتمع اليوناني لفترة طويلة . لقد كان الإسلام الديانة السماوية الوحيدة التي لم تقر الرق أو تدعو إليه بل حاربته ومهدت للقضاء عليه وكانت العدالة المطلقة والمساواة من المبادئ المقدسة في الإسلام لكن إقصاء وتهميش الحراطين على أساس اللون وما يلاقونه من امتهان وحرمان بسبب العرق في بلدنا مناف لفهم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذه المبادئ المقدسة حين اقتاد للقبطي من بن عمرو بن العاص والي مصر لما ضربه وقال خذها وأنا بن الأكرمين فأعطى عمر السوط للقبطي وقال له اضرب به من ضربك وضعها على صلعة عمرو فما ضربك ابنه إلا بسلطانه ثم قال رضي الله عنه قولته المشهورة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).