يزداد اتساع رقعة الاحتجاج ضد ظاهرة الاسترقاق المقيتة وغيرها من المخالفات المشينة بين جميع المكونات في بلدنا مما تسبب للأسف في بعض المواقف المسيئة للمقدسات الدينية ويساهم بشكل مباشر في عزوف الكثيرين ممن يقع عليهم هذا الظلم عن استفتاء العلماء في أمور دينهم لاعتقادهم الراسخ
بأنهم يقفون وراء بؤسهم وشقاءهم بسبب تمسكهم تدريسا وفتوى بمحتويات الكتب التي تؤسس للرق في موريتانيا على انه ظاهرة شرعية _وما حادثة مسجد السعودية مع ولد حبيب الرحمن منا ببعيد_, ففتاويهم المجملة للقرارات التي تصدرها الدولة للاستهلاك الخارجي والقوانين التي سنت بناء عليها تنخرم بالسكوت المطبق عن الممارسة التي تعاش واقعا في الداخل و سأحاول في إطلالات توضيحية أن اكشف بعض جوانب الخلل في مصادر هذه التشريعات لتعارضها مع النص الصريح الذي لا يقبل التأويل ولا يصح الاجتهاد ولا القياس بوجوده .
فلو سلمنا جدلا بان الأهل في الآية الكريمة (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) هم الأسياد وهو فهم لا يستقيم حيث أن الخطاب في قوله تعالى (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) موجه إلى السيد الذي لم يستطع أن ينكح الحرة المؤمنة لفقره أو لعذر يحول دون ذلك فله أن يتزوج بأمته لكن بإذن أهلها وبعد إعطاءها أجرها أي مهرها , وإذا كانت الآية الكريمة أكدت على النكاح وهو الزواج , فمن أين يأتي مشرعونا بحلية الوطء خارج الزواج في باب أم الولد على سبيل المثال لا الحصر ,وإذا حدث أن وطئ السيد أمته خارج الزواج ودن استئذان الأهل أو دفع الأجر بحجة الملك فلماذا امة غيره. جاء في التاج الأغر في شرخ نظم نضارة المختصر ( بسابق الدين و كاشتراء زوجته حبلى فبالشراء) في باب أحكام أم الولد , يقول في شرح هذا البيت ( وكذا من اشترى زوجته الرقيقة من سيدها وهي حامل منه فإنها تكون أم ولد بمجرد الشراء وإذا مات المشتري الذي هو سيدها بالشراء عتقت من رأس ماله لأنه لما ملكها بالشراء وهي حامل منه فكأنما حملت وهي في ملكه ) , السؤال هنا فلو أن هذا السيد لم يشتري هذه الأمة التي حملت منه وهي خارج ملكه فما حكمه وما حكم الأمة وما حكم الولد وكيف يلحق به أليست كل معاشرة في الإسلام خارج غطاء الزواج تعتبر زنا, أم أن الحر له أن يقع على جميع الإماء لملئ حظائر الأسياد بالعبيد والإماء, والعبد يخصى كما يخصى ذكر الضان كي لا تشغله نزواته عن خدمة سيده , نريد قولا شافيا في هذا .
أما ما يخدش الحياء والكرامة و يظهر الجانب البهيمي في المشهد فهو قول الشارح في تكملة شرحه لنفس البيت حين يقول في تضارب صارخ مع الآية الكريمة من سورة النساء ( ولا تنكحوا ما نكح آباءكم من النساء إلا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) والتي تحمل نهيا صريحا يفيد التأبيد في من نكحهن الآباء على الأبناء وان سفلوا وعلى الآباء وان علوا , يقول الشارح ( بخلاف ما إذا اشتراها وهي حامل بولد يعتق على سيدها كمتزوج بأمة أبيه أو جده فلا تكون به أم ولد) وهو ما يفهم منه أن من يشتري امة أبيه وهي حامل منه أي من الأب أو الجد إذا ولدت عنده أي الابن فلا تستحق العتق عليه لان الولد ليس له ,و لم يشر الشارح من قريب ولا من بعيد إلى اشتراك الأب والابن أو الجد في وطئ هذه ألامه التي لم تحترم إنسانيتها فاستخدمت للمتعة الجماعية +على أساس نظام الإرث عند المشركين قبل الإسلام حيث كان الولد الأكبر في الجاهلية يرث كل شيء عن أبيه فيختار من زوجات أبيه من تعجبه ويسرح الباقيات + ولم يبوب لحفظ نسب ذريتها حيث حفظ الأنساب من أهم أولويات الإسلام فلأجله لزمت العدة و الاستبراء وعليه تترتب كل الحقوق في الميراث ,انه عالم يحكمه نظام الرق العام ونظام الرق الخاص حيث يتحمل العبد في كليهما أثقالا من الواجبات لكن ليست له حقوق. وفي هذا أيضا نريد قولا شافيا. إن الكثيرين من غير المسلمين_ ممن عرفوا المسلمين قبل أن يعرفوا الإسلام _ يتخذون من مثل هذا التفسير الفج للدين مبررا لوصف الإسلام _ظلما_ بأنه الدين الذي يبيح الرق و أن أبناءه يتاجرون في الرقيق, ويحتفظون بأدلة عينية من الميدان, فعلينا أن نثبت لهم العكس عمليا وواقعيا لا فتوى فقد أصبحوا هم أيضا يريدون قولا شافيا يبرر بقاء هذه الممارسة عند المسلمين بعد أربعة عشر قرنا على رسالة الإنسانية في حين أن القوانين التي قضت عليها في أوربا لم تصدر إلا في القرن الثامن عشر الميلادي .