متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار .
عمر بن الخطاب رضي اللــه عنه
يندي الجبين وتتفطر القلوب أمام مشاهد جسدت كل ألوان الكدح والشقاء والمرارة والحزن والظلم والقهر .
إن منظر أولئك الشيوخ المضعضعة أجسادهم المنهوكين وقد أعيتهم الحيلة وأضناهم الفقر وأتعبهم الجهد وخانهم المسؤول وغشهم من ائتمنوه .
إن هذا المنظر ليوحي بكثير من المشاعر الجمة ويبعث هواجس القلق ويستدعي كل التضامن والمؤازرة .
تري هل يجازي الوطن أبناءه بهذا الجزاء ؟
لقد خدم هؤلاء الرجال وطنهم في شبابهم وأعطوه زهرة أعمارهم وضحوا في سبيله بأرواحهم وجهودهم وطاقاتهم .
كانوا وقودا لحروب ساسته وجنودا لأمنه .
وأخيرا بعد أن عصرت ندوتهم حتي الآخر ولم يبقى لديهم ما يقدموه هل حان الوقت لمزيد من الإستعمار والإستغلال .
يقال إن البلد يحارب العبودية لكن لا يوجد شكل لها هو أبشع من هذا الممارس ضد هؤلاء .
إن أخس الأساليب وأكثرها حقارة ووطأة هو هذا الإستغلال .
فبأي وجه حق وبأي ذريعة تضيع جهود هؤلاء المطحونين لتذهب لجيوب سماسرة أثرياء لا لشيء سوي أنهم مفسدون متنفذون ولديهم ما يغنيهم عن عرق جبين هؤلاء العمال لكنه الجشع في أسوء تجلياته واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ليجعله سخرة ومجرد رقم يدر عليه المال .
تري متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا .
أي صك عبودية خولكم قهر العمال واسترقاقهم .
وإلي متي تستمر الإهانة والإحتقار ومص الدماء والعروق .
إلي متي الظلم والعنجهية وتغطرس الجلاد وليس للضحية المقهور أن يشتكي ولا أن يتأوه .
ألا يعلم المشغلون المترفون الذي يتنعمون في قصور تفرغ زينة أن هناك فئات تمضي الليل البهيم الأليل الشاتي ساهرة الأعين تحرس في برد قارس في بيئة صحراوية قاهرة .
وأن لا حق لهم في الراتب ولا في التقاعد ولا في الصحة وأنهم ببساطة مجرد ماكينة بشرية تدر الدخل علي رجال آخرين يمضي عليهم الوقت في ممارسة الهوايات .