ربِ أرني كيف تحيي الموتى ..!! / سيدي الطيب ولد المجتبى

لكم يحز في النفس ما يعانيه هذا الوطن المنكوب من سوء واقعٍ وشؤم طالع ..
فمن رائد، لعقيد، لجنرال.. تتلاشى أحلام شعب وتموت آمال أمة ..
ثلاثون عاما من حكم العسكر كانت كافية لأن توقد جذوة التحرر وتبعث فينا نشوة الموت في سبيل وطن وقضية .

ما ذا عسى المراقب لمجريات الأحداث في بلادي أن يقول ، في حق ساحة وطنية راكدة كجلمود صخر لا تؤثر فيه سافيات الزمن ولا عادياته ..!
كل شعوب الأرض تخلق حلولها من أزماتها ، وتولد ثوراتها من رحم أحزانها ومعاناتها ، إلا هذا الشعب المتجمد على ضفاف الأطلسي، وحده استثناء وطفرة من بين كل شعوب العالم ، رغم ما تطحنه الأقدار به من ويلات وكوارث ومصائب لا تجد من مقاومة أو رفض أو احتجاج سوى تلك العقيدة الفاسدة التي تتشبع بها ساكنة هذا المنكب البرزخي ، فكل شيئ هنا بقضاء وقدر ..!
وكأن الله يتخذ من هذه الأرض سكنا له ـ تعالى عن ذلك علوا كبيرا ـ ..وكأن الثورة الفرنسية ليست قضاء وقدرا، وكأن النهضة اليابانية أو الماليزية كانتا خارج علم الله ..
وحده تخلفنا ، وجهلنا، وانحطاطنا ، وواقعنا المزري شيئ مقدر ومحتوم ..وليس لنا أن نسعى أو نطمح لتغيير ذلك الواقع !
ثرواتنا تنهب بكل شره من قبل عصابات لا تنبض قلوبها بذرة ضمير أو مواطنة ، متغاضية عن أحلام الفقراء والبؤساء والمحرومين الذين غدت تضج بهم كافة المدن والأرياف ..
أسعار تتزايد وترتفع بشكل جنوني وصاروخي ، كما هو الحال مع المحروقات، والماء، والكهرباء، والدواء ..
وارتفاع مذهل لنسبة البطالة في دولة عاجزة عن تسديد رواتب الكثير من العمال والعقدويين، ناهيك عن شبح الجفاف الذي خلف حتى الآن خسائر فادحة في ثروتنا الحيوانية ..
انعدام للأمن بشكل شبه كلي، يتجلى في ارتفاع مخيف لنسبة الجريمة، إذ قلما تبزغ شمس يوم جديد إلا وأصبحنا على جريمة قتل بشعة ..في مؤشر واضح يؤكد أن النظام فقد السيطرة على الأمن وبات عاجزا عن تأمين مواطنيه ..
كلها أزمات تتسارع وتيرتها بحدة وقسوة ولا يلوح في الأفق أي بصيص أمل للتخفيف من وطأتها على مواطن يستمتع بالظلم، ويلهو بالكوارث، ويسخر من ثقافة الإحتجاج، ويلتمس أحسن الأعذار والمخارج لسيد القصر الرمادي وساكنه أيا كان ..
مواطن هزيل الثقافة، عديم الوعي ، بدوي بطبعه وسلوكه وأخلاقه، لم يفهم حتى اللحظة أن هناك شيئ يسمى “مجتمع مدني” ، ينتزع حقوقه بأساليب حضارية .. ويفرض إرادته بطرق تكفلها الدساتير والقوانين..!
فمتى سيتغير هذا الواقع ، ومتى سيعلم إنسان هذا الوطن أن الشعوب هي من تصنع أقدارها ..؟
متى سنفهم أننا قادرون على صناعة التغيير لكننا يجب أن نبدأ بأنفسنا، ونغير من سلوكياتنا ومفاهيمنا وثقافتنا الشعبية الداعية للاستكانة والخنوع ..؟
متى سينتفض هذا الشعب انتفاضة عفوية وأفقية ، من فصالة إلى كرمسين إلى بئر أم اكرين ..؟
متى سيغضب هؤلاء المواطنون الرازحون تحت الظلم والمعاناة ، ومتى سنقتحم مؤسسات الدولة وأجهزتها لنخرج منها لوبيات الفساد المتجذرة في كل القطاعات الحيوية ..؟
متى سنقيم محاكم ومشانق لكل من خانوا وطننا ، وسرقوا ثرواتنا ..؟
أَيُّها الشَّعْبُ ليتني كنتُ حطَّاباً  // فأهوي على الجذوعِ بفأسي
ليتني كنتُ كالسُّيولِ إِذا سالتْ ..
ليتني كنتُ كالرِّياحِ ….
ليتني كنتُ كالشِّتاءِ ..
ليتَ لي قوَّةَ العواصفِ يا شعبي // فأَلقي إليكَ ثَوْرَةَ نفسي
ليتَ لي قوَّةَ الأَعاصير ..
أَنْتَ روحٌ غَبِيَّةٌ تكره النُّور // وتقضي الدُّهُور في ليل مَلْسِ
أَنْتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ // حواليكَ دون مسٍّ وجَبَّسِ

24. نوفمبر 2014 - 17:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا