بأحرف الجبن، والعار، وسطور المذلة والمهانة، والنشاز والحنق الأزرق يستمرؤ بعض أدعياء "الوطنية" الوقوع في أعراض الشرفاء من أهل هذه الأرض، المشهود لهم ولهنّ ببياض السيرة والسريرة، والذين لا ذنب لهم سوى حماسهم الصادق لبناء دولة حديثة قوية وعفية وموحدة، وسوى محاربة قطعان الزبونية وعصائب الفساد
والتجبر.
ورغم أنّ جوقة أقلام "التّدخل السريع" هذه، وعصابة السفهاء والتفهاء التي تتخذ من نشر الأراجيف وترويج الأباطيل، والتطبيل للأكاذيب مصدرا لرزقها الحرام، وفعلها المشين والمعيب، اتخذت صيغة الغيرة الكاذبة على الوطن، والدفاع المزعوم عن "المحرومين" والتصدي "للفساد والنهب" فإنّها لم تستطع تجاوز عتبة الركاكة، والقول الهابط والساقط والمتردي في الدرك الأسفل من الرعونة والسماجة، ولم تفلح ـ قيدَ أنملة ـ في أنْ تنَال من رمزيّة ومهَابة ومكانة أبناء موريتانيا الغيورين حقا وصدقا على حاضرها ومستقبلها .
ومن تأصّل الحَماقة المعششة في ذهن أصحاب هذه الأقلام الرخيصة، توهمهم، ـ صلفا وزورا ـ أنّ أحدا فوق هذه الأرض يصدق تخرصاتهم، أو يحفل لزبدهم الهادر، وغيهم السادر، ومنهم من استحَال "تقدّمه" "تقزّما" أمام منصب مدير تلفزيون محلّي، فأخرس لسانه وعضّ بنانه،وغط في سابع نومه، فلم نعد نرى له اسما ولا رسمًا، ولم نعد نسمع له ركزا، شهور عددا، حتى إذا ألقى به حظه العاثر مرة أخرى إلى مزابل العطالة والبطالة، عاد لضلاله القديم ونكص إلى الشحت، والسحت والابتزاز، والتجاوز والتطاول في حقوق الناس، لكنه عاد، هذه المرة، وقد خبا وهجه، وخمدت ناره وأواره بعد أن اكتشف الجميع أذني الحمار تحت قناع الأسد والاستئساد على الأبرياء.!
ولذلك فإنّه، خرج إلينا مؤخر،ل يتهم الشعب الموريتاني، بالصمم والتصامم والخرس، عما يزعمه من "استشراء للفساد والنهب في البلاد"، ويفوت عليه، كالعادة، أن يعرف أن الشعب الموريتاني قد علم حقيقته وكشف خبيئته، وعرّى سوء نيته وطويته، فلم يعد أحد يأبه لكلامه، ولا يحفل لنعيقه وزعاقه، ولطمه، حتى أصبح كمن ينفخ في رماد، ويضرب في حديد بارد، وحالُ لسان الجميع يصيح به مستهزءًا: "برّق لمنْ لا يعرفٌك".!
وعليه فليس لهذا المأفون، عاجز الرّأي، المتكسب عن ذلّ وإرغام أن يزري بباذخ شأن من أبناء هذا الوطن، وليس لدعاويه الفتنوية، والتحريضية، أنْ تجد أذنًا صاغية لدى فرد ولا مجموعة من هذا الشعب، وإن أضبّ في الشحناء، والعويل، فلن يزداد إلا عفنا على عفن ونتانة إثر نتانة، وغرقا، إلى الذؤابة، في حوالك الرجس والآثام، ولن يتعاظم إلا سعة في "الإستِ" وعرضًا في "القَفَا" وفحشًا في المقال.
وإذا كان هذا المماذق الزنيم قد استطاب تدبيج هجائياته المدفوعة والمحرّكة بالريموت كونترول في حق الذين يعلم ـ حق العلم ـ أنهم لن يهبطو إلى حضيضه، فليعلم أنه لن يعدم من بين الآلاف المؤلفة من الموريتانيين من يوقفه عند حده، ويكيل له الصاع صاعين، ويربي له ويزيد،ويرد كيده إلى نحره، إن هو لم يرعو عن افتعال المعارك الظالمة والآثمة مع رموز هم محل كل التقدير والتبجيل من لدن ملايين الموريتانيين والموريتانيات:
بَلى هُوَ مِن قَوم لِئام أَسافلٍ... دِيارهمُ مَأوى لِكُل مُنافق
فَإِن يَنته عَن زوره وَمحاله...جَبرناه بِالصَفح الجَميل المُوافق
وَإِلّا صَفعناه عَلى الوَجه وَ"القَفا"...وَملنا عَلى أَضلاعه بِالمَطارق
وَزِدناه مِن زجر وَرَدع وَلَعنة...إِذا هُوَ لَم يَعرف حُقوق الخَلائق
وليتذكّر أنّ تركُ الذنب أيسَر من طَلب التّوبة!