الحل هو التفكيك / سعداني خيطور

لاحظت في الفترة الأخيرة إهتمام غيرمسبوق  بالحديث عن ضرورة التصدي لما بات يسميه البعض "بخطابات التفرقة " حيث تلاحقت الأحداث وتسارعت بشكل لافت للإنتباه وأمطرت المواقع بالبيانات  والمقالات المنددة  وإستحوذ الموضوع علي مساحة شاسعة من برامج ونشرات القنوات الإخبارية 

والإذاعات وغيرها من الوسائل والوسائط  الإعلامية التي باتت ـ عن قصد أو إماء ـ تخصص جزا كبيرا من وقتها لتناول مواضيع وصفها البعض بالهامة في سبيل تحقيق لحمة الشعب وإنسجامه وفي المقابل مناهضة مايسمونه خطاب الفئوية ...
ومهما كانت الظروف التي ظهر فيها دعاة الوحدة واللحمة الوطنية الذين يناهضون دعاة الحقوق المسلوبة وضحايا الغبن والتهميش والإزدراء ويصفونهم بالسعي لتفريق المجتمع ونشر الكراهية , فيه ورغم الشكوك الواضحة التي تدور حول المواقف المتلاحقة والمشبوهة للكثير من هؤلاء ممن لايريدون سماع أصوات ضحايا الظلم والغبن المبحوحة الا أنه بات من الواضح للعيان وللمراقبين المنصفين مايسعي اليه أغلب هؤلاء من تمييع للقضايا العادلة في طريقة أكثر من واضحة ومفضوحة لتجريم الضحية ووصمها بدل إنصافها والإستماع لها , فالإستماع هو الباعث الوحيد للإنصاف والإنصاف هو أهم ضامن للسعي في الحلول الناجعة للمشاكل القائمة والتي بات يحلو للبعض التدليس عليها أو تجاهلها علي الأقل ...
ولهؤلاء أقول ولغيرهم ممن يهمه مستقبل البلد أنه لعلاج أي مشكلة قائمة وحقيقية كقضايا العبودية وآثارها والتهميش وملحقاته لامناص من وضع الأمور في نصابها والبحث عن أسباب الداء أو مواطن الخلل ,  فأي حلول تتحدث فقط عن النتائج دون خوض في الأسباب فهي مسكنات لافاعلية لها بل ويمكن وصفها بالسعي لتخدير المجتمع وصرف نظره عن مشاكل قائمة ـ أحوج الي من يبصر بها ويستشعر خطرها علي مستقبل البلد والمجتمع علي حد سواء ـ منها الي من يتجاهلها أو يحول " البخشة عن فمها " كما في المثل الشعبي ...
فمن يري في محاولات تجريم دعاة الحقوق وإتهام المجموعات المهمشة المطالبة بإنصافها بتفريق المجتمع وغيره من التهم الجزاف حلا لمايعانيه جسم مجتمعنا الهزيل من جراء الظلم التاريخي المغلف  ...  فهو واهم ورهانه خاسر
ولايمكن بأي حال من الأحوال أن يروج نفسه كساع للحفاظ علي وحدة المجتمع ولحمته كلا وإنما ينبغي أن يعلم كل من يسعي لتمييع القضايا العادلة وتجاهل المظالم القائمة أنه إنما يزيد بذلك الطين بللة ويغض الطرف عن العلاج في الوقت المناسب أو القريب من الوقت المناسب ,
فلايستساغ أن يظل المجتمع يقوم علي التمسك بثقافة التفاوت الطبقي والتراتبية الإجتماعية ويسترشد بما تمليه من نظرة إستعلاء بغير حق وإحتكار لكافة الإمتيازات  (المادية والمعنوية ) في مجموعة قليلة جدا من المجتمع في عصر كالعصر الذي نعيش فيه , فكما أن الحل ليس في الدعوة للعنف والتحريض لأنه لايخدم أي أحد ضحية كان أو جلاد ـ رغم أنه لم يظهر حتي الآن من بين المطالبين بحقوقهم وإنصافهم من يمكن لأي منصف أو بريئ أن يتهمهم بذلك ـ , فالحل كذلك ليس في التجاهل والتغاضي عن إنصاف المظلومين والمهممشين من الطبقات الضعيفة في المجتمع كلا وإنما الحل يكمن في الرجوع علي الوقوف علي الأسباب الحقيقية للمشاكل والمظالم التي نتحدث عنها ووضع اليد علي مكمن الداء وإمتلاك القدرة علي الخروج عن الخطوط المألوفة والمقدسة عند المجتمع ـ علي الصعيد الإجتماعي وليس الديني ـ والشروع فورا في تفكيك البنية الإجتماعية المتخلفة القائمة علي أساس التراتبية الموروثة والتي لايمكن أن تنتج سوي الإستعلاء والغبن والتهميش والإزدراء وإحتكار ثروات وخيرات البلد لصالح مجموعة قليلة جدا متنفذة في مقابل أغلبية ساحقة كادحة قدرت لها ثقافة القبلية والتراتبية الظالمة أن تظل ترزح في ويلات الفقر والجهل و الإحتقار. 

2. ديسمبر 2014 - 11:13

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا