المعارضة في الأنظمة الديمقراطية تنظيم سياسي لا يمكن إهمال دوره المحوري في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية ، فبقوة المعارضة يشعر الطرف الآخر (النظام) بوجوده في ملعب ينتظر منه جمهوره الفوز في نهاية المباراة .
لكن في بلادنا نجد أن أطراف المعادلة الديمقراطية (النظام –المعارضة) كل منهما يحاول أن يكبر أربعا على الآخر ،
وكأنهما في صراع لا نجاح فيه إلا لمن فاز بالبقاء فريدا في الساحة السياسية .
والحقيقة أن الشعب بحاجة إلى نظام صلب قادر على الصمود أمام كل التحديات ،ومقتنع بوجود معارضة لها الحق الكامل في توضيح مواقع الخلل لديه ، وكذلك بنفس القوة يحتاج الشعب لمعارضة تسعى جادة في التغيير ، ولها القناعة الكاملة بعدم تزكيتها من طرف الشعب الذي فضل لها أن تكون في دور المراقب في تسيير مؤسساته .
لقد لاحظنا أن المعارضة في هذه الأيام فضلت مراقبة الطرف الآخر (النظام) من خلال غرف مغلقة ، بحجة الحوار ، فالحوار أسلوب ديمقراطي نبيل لكنه لا يمنع المعارضة من وجودها في الأوقات التي ينبغي لها أن تكون موجودة .
اختفت المعارضة المقاطعة للانتخابات الأخيرة والتي كان لها الفضل في جعل النظام يفكر في الحوار بصفة جادة ولم نجد لها ما يبرر اختفاءها ، واختفت المعارضة المحاورة للنظام ، والتي يعود لها الفضل في كل التعديلات الدستورية ولم نجد حتى الآن ما يبرر اختفاءها ، كما اختفت كذلك المعارضة التي شاركت في الانتخابات النيابية الأخيرة والتي كانت القلب النابض في المعارضة الأم ولم نجد ما يبرر اختفاءها .
إن وجود معارضة مع غياب نظام قوي يُحدث خللا في الديمقراطية ،وكذلك الحال في وجود نظام في ظل غياب معارضته .