قدم الرئيس ولد عبد العزيز وثيقة هامة في تاريخ الرئاسة الموريتانية من خلال اعترافه بوجود "آثار الاسترقاق" في محاولة منه لنفي "وجود الممارسة" المسببة للجرم والاعتراف بالنتيجة : "آثار الاسترقاق".
ويبدوا أن الرئيس الذي تلعثم وخلط الأرقام التاريخية عند محاولته إرجاع وجود "الممارسة" في فترة تاريخية محددة مرة قال قبل سبعين أو خمسين أو عشرين سنة فالرئيس يعتبر أن الممارسة موجودة قبل عشرين سنة ولكنه يتملص من وجدودها في عهده كما لوكان يحاول الدفاع عن نفسه والإلقاء باللائمة على الآخرين.. إنه يعترف بالظاهرة وبتاريخها القريب ويحاول التملص من "الممارسة الآنية" أو في تاريخ قريب.
خلال السنوات الأخيرة يحتدم النقاش حول وجود ممارسات الاسترقاق في موريتانيا مع الإجماع على وجود "مخلفات الرق" التي تطال مئات الآلاف من المواطنين الموريتانيين لكن رغم هذا النقاش الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى نقاش عدمي أعني بلا فائدة بالنسبة للذين لايزالون مستعبدين أو الذين تحرروا وبقوا في وضعية الرقيق السابقة أو أسوء منها إلا أن أيا ممن يشاهدون الآثار المدمرة للاسترقاق لا يحركون ساكنا فلا الدولة التي تعترف بوجود آثار الرق حركت ساكنا للتخفيف من وطأته ووطأة الواقع السيئ للرقيق السابقين ولا المنظمات الحقوقية تحركت للانخراط في عمل ايجابي يتجاوز الإثارة نحو فعل يمكن أن يساهم في التخفيف من تعاسة هؤلاء السكان الذين يعيشون في أدوابة وآفطوط وضعا مزريا لا يتصور أنه ما يزال موجودا في ظل القرن الواحد والعشرين.
فالدولة لم تقم مشروعا تشغيليا واحدا للتخفيف من مأساة الأرقاء السابقين ولم تنخرط في إيجاد حلول يمكن ان تساهم في التنمية في مناطقهم فلوكان الموضوع جديا لكانت الدولة أقامت مدارس نموذجية أو مشاريع للتعليم في تلك المناطق أو أقامت مراكز تقدم خدمات لترقية هذه الفئة المنكوبة في الحاضر قبل أن تكون منكوبة في التاريخ.
قد يقول قائل إن الدولة أقامت وكالة للمحسوبية والزبونية هدفها الرئيس تجير تأييد الأرقاء لرئيس الفقراء وربما التلاعب بالأرقام الانتخابية في تلك المناطق خدمة للميزان الانتخابي عند الحاجة.
إن المنظمات الحقوقية مسئولة عن الرصد والمعاينة والكشف والمتابعة عن جرائم حقوق الإنسان ومنها الرق ممارسة وآثارا لكن لحد الساعة لم تنجح منظماتنا الحقوقية في انجاز شيء في هذا الصعيد لكون الدولة تجرها دائما إلى محاججة وجود الممارسة وتسبق المنظمات بكونها أقدر على للملمة أوراق الجريمىة والتستر عليها كما تفعل مع بقية الجرائم فمتى يتعقل النقاش ويرتد للجوهر وهو مأساة الآلاف من الأرقاء المستمرة رغم سمع العالم وبصره حكومة ومنظمات وطنية ودولية. إن علاج الموجود أولى من الجدل حول الرق الموجود أو المفقود .