كنت أحلم منذ ولدت بطفولة مميزة وبشباب نضر ، أنشأ فيه كما ينشأ شباب المسلمين ، في جو يحكمه الشرع وتنظمه الطاعة وتطبعه العادات الحميدة ، ولدت في شنقيط أرض المنارة والرباط ، أرض العلماء والعباد والزهاد ، أرض الشهامة والشمائل الحميدة ..
ولدت حيث يلتمس حسن الجوار والعطف على الصغار ،ولدت في عاصمة الأخيار ، يقولون أن رجالها أحبار وأن نساءها وعاظ وشعار ، أرض التصوف والمديح والفضائل فيها أنهار ، أرسلني الأهل للتعلم والنهل من خير كتاب أنزل من عند العزيز القهار ، وهم آمنين على إذ الوقت ظهرا والمكان عاصمة البلاد ومكان اتخاذ القرار، مقصد الوجهاء والعلماء ومقر الأفاضل والقراء وبقية الأشهار ، وفاتهم أن الأخيار تبدلوا أغيارا وحل محل العالم الجاهل قائد الأشرار ، وأن القارئ وصاحب الفضل حل محلهم العتل الزنيم رائد الأنذال الأقذار .
سيدي الرئيس لقد قتلت كلابكم المسعورة طفولتي ودنست براءتي في وضح النهار.
بالأمس أشبعت كلابكم عرائزها الخبيثة في شرف أختي خدي توري ؛لما اعتدي عليها عامل الديار ؛وفعل فعلته الشنيعة ورماها في موج البحار، وقدم بذلك أبشع صورة وأدعاها للإنكار ؛بعد أخذ الشرف منها والروح ومقلتي الإبصار، واليوم جاء دوري واختارت كلابكم له الباب العكر ذو الرائحة النتنة والمشهد الأكثر إمرار، وطبعا سيأتي الدور في قادم أيامكم على إحدى أخواتي الأكابر أو الصغار ، فكلابكم لاتميز الصغار ولا تخصهم باستهداف عن الكبار، وآلة هدم الأخلاق عندها لاتتوقف وإن كان الطريق سالك وكثير أنوار، وزادها بطشا وضراوة أن الذي استحق الإعدام بتغيبه شرف وروح أختي لا زال ينعم بينكم بالحضن والعطاء والتبجيل وكأنه الخير ابن الأخيار ،هذه باختصار سيدي الرئيس رسالتي وكلي يقين أن قاتل شرفي قبلي في ذاك النهار؛سيعيش معكم معزرا مكرما وسيشارككم سيادة الرئيس وجبة الغداء والإفطار، وستزوجه إحدى بناتك الأطهار، وسيقاسمكم الغطاء والكساء وفناء الدار . فإلى متي تسترخص عندكم الإنسانية يا حامي الديار ؟ وإلى متى يقسى على الطفولة جهرا دون إسرار؟ أنا لم أدرك خبثكم قبل رحيلي إلى قبري حيث إكرام الطيبين والتشديد على الأشرار ، لقد أعتصمت بعد رحيلي عنكم بحبل الله والجوار ، وتطهرت بقربه من نجاستكم والتلطخ بالعار ، وصليت على المصطفى خير مبعوث رحمة للعالمين وخيرمكرم للجار.