لقد ظهر أن اللعب بالدين تحقيرا واعتراضا واستهزاء أمر خطير في الدنيا قبل الآخرة، وأنه - على الأقل في بلدنا ليس طريقا للإثراء السريع -، والحمد لله على أن تلك الحرية الرعناء لم تجد آذانا صاغية من طرف القضاء في بلدنا، وإلا لهلكنا..
اليوم بعد هذا الحكم الرادع سيدخل الكفار المتقنعون بالإسلام في جحورهم المظلمة، ومهما تفاوتت درجة خبثهم، من مستهزئ بأحكام القرآن، ومعترض على تدين المسلمين، ومكفر لعلمائهم، إلى غير ذلك مما يخرجه الجهل وسوء القدَر والأدب منهم..
لن يتجرأ أي كافر يلبس الدراعة أو كويفرة تلبس الملحفة على الإقتراب من هذا الدين العظيم مجددا، والحمد لله رب العالمين الذي خذل المجرمين وأعز المسلمين..
لقد كانت محاولة لجس نبض القضاء فتصدى لها بصرامة والحمد لله، الحكم جيد ورادع، ويميزنا عن الكثير من الدول العربية التي يُستهزئ فيها ليل نهار بالإسلام على مرأى ومشهد من الحكومات، ولا أحد يعترض غير الصالحين، بل تصدر الأحكام ببراءة المجرمين في كثير من الأحيان!..
وعليه إذا لاحظت أي منشور مخالف لأحد المجرمين في الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل، فأحفظه عن طريق تصوير الشاشة (عملية بسيطة جدا)، حتى إذا قامت قيامته كان معك دليل على إدانته، وتقربت إلى ربك بإشانته..
لقد اتفق العلماء على مر الزمان على أن المتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة لأنه متعرض لله عز وجل الذي تكفل بأن يكفي نبيه المستهزئين، ورويت في ذلك قصص كثيرة قمت بعمل مجموع لبعضها (أكملت معظمه)، سأنشره قريبا في مدونتي "أكاديمية الملخصات" احتفالا بهذا الحكم!!.. إليك بعض قصصه:
كان أبو لهب بن عبد المطلب، و امرأته أم جميل (هي أروى بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان) من أشد الناس عداءً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فكانت "أم جميل" تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حيث يمر.
ولما أنزل الله "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعده، ثم نادى: "يا صباحاه" (يقولها المستغيث لأن الغارة تكون دائما صباحا). فاجتمع الناس إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟ قالوا: نعم. قال: فإني نذير لكم بين عذاب شديد"، فقال أبو لهب: "تبا لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا؟"، فأنزل الله "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ"..
وقد أخذ الله أبا لهب بمكة، إذ أصابه بمرض خبيث يقال له: مرض العدسة، وكان ذلك يوم هزيمة المشركين ببدر، فجمع الله عليه البلاء والعذاب النفسي والبدني، فمات شر ميتة. ذكر الطبري في "تاريخه": "أن العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها، ويرون أنها تعدي أشد العدوى، فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه، وبقي بعد موته ثلاثاً، لا تقرب جنازته، ولا يحاوَل دفنه، فلما خافوا السُّبَّةَ في تركه، حفروا له، ثم دفعوه بعود في حفرته، وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه".
وكان أبو جهل يقول: يا محمد، إنا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل الله: "فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ".
وَلَقِيَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: "والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد، فأنزل الله تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم".
ولما ذكر الله عز وجل شجرةَ الزقوم تخويفًا بها لهم، قال أبو جهل: "يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: لا؛ قال: عَجْوة يثرب بالزُّبد، والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقمًا. فأنزل الله تعالى فيه: "إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ"، أي: ليس كما يقول (الزقم: البلع).
وقال أبو جهل لقومه يوما: "واللات والعزى لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ رقبته، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه! فقيل: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقًا من نار، وهولاً وأجنحة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لأختطفته الملائكة عضوًا عضوًا".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يوما، فجاء أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا، ألم أنهك عن هذا؟"، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فزَبَرَهُ، فقال أبو جهل: "إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني"، فأنزل الله تعالى: "فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"، قال ابن عباس: "والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله".
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبى جهل ابن هشام، فهمزوه واستهزءوا به، فغاظه ذلك فأنزل الله تعالى في ذلك من أمرهم "ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون ".
ولما انتهت معركة بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ينظر ما صنع أبو جهل؟"، فتفرق الناس في طلبه، فوجده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وبه آخر رمق، فوضع رجله على عنقه وأخذ لحيته ليحتز رأسه، وقال: هل أخزاك الله يا عدو الله؟ قال: وبماذا أخزاني؟ هل فوق رجل قتلتموه؟ وقال: فلو غير أكَّار قتلنى!، ثم قال: أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قال: لله ورسوله، ثم قال لإبن مسعود ـ وكان قد وضع رجله على عنقه-: لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رُوَيْعِىَ الغنم، وكان ابن مسعود من رعاة الغنم في مكة.
فلما أتى النبي صلى الله علية وسلم برأسه، قال: "الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق أرنيه"، فانطلقـنا فــأريته إيـاه، فقال: "هذا فرعون هذه الأمة".
وممن آذوا النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط، وهو الذي وضع سلا الجزور على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فضحك الكفار حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك..
وممن آذوه الشيطان النضر بن الحارث، وكان على علم بأحاديث الفرس وأساطيرهم، فكان يجلس إلى الناس ليصرفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا أنا أحسن من حديثا..
وقد وقع هذين المجرمين في الأسر يوم بدر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب عنقيهما، ولما قال له عقبة بن أبي معيط مستعطفا: "فمَن للصبية يا محمد؟"، قال عليه الصلاة والسلام: "النَّارُ"..
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- همزه ولمزه، فأنزل الله – تعالى – فيه: "وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ*يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ*كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ*فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ". قال ابن هشام: الهُمزة: الذي يشتم الرجلَ علانية، ويُكسر عينيه عليه، ويَغْمِز به، واللُّمَزَة: الذي يعيب الناس سرًّا ويُؤْذيهم.
ومشى أبَيُّ بن خلف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعظم بالٍ قد ارْفَتَّ، فقال: يا محمد، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرَمَّ، ثم فتَّه بيده، ثم نفخه في الريح نحوَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "نعم أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا، ثم يدخلك اللهُ النارَ". فأنزل الله تعالى فيه: "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ".
وكان أبي بن خلف يتوعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالقتل. فقال: "بل أنا أقتلك إن شاء الله"، فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب – يوم أُحد - أدركه أبي بن خلف وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ إن نجا. فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوه"، فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فلما أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله وأبصر تَرْقُوَتَه من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة، فطعنه فيها طعنة تدأدأ ـ تدحرج ـ منها عن فرسه مراراً. فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير، فاحتقن الدم، قال: قتلني والله محمد، قالوا له: ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس، قال: إنه قد كان قال لي بمكة: "أنا أقتلك"، فو الله لو بصق على لقتلني. فمات عدو الله بسَرِف وهم قافلون به إلى مكة. وفي رواية: أنه كان يخور خوار الثور، ويقول: والذي نفسي بيده، لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا جميعاً.
واجتمعت قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك إنا والله ما رأينا سخلة (ولد الشاة) قط أشأم على قومك منك فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى. وتكلم بمثل هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغت؟. قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم "حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون"، إلى أن بلغ: "فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود"، فقال عتبة: حسبك، ما عندك غير هذا؟ قال: لا، فرجع إلى قريش..
ولما أُمِر بإلقاء جيف المشركين في القَلِيب، وأُخِذ عتبة بن ربيعة فسُحب إلى القليب، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه ابنه أبي حذيفة، فإذا هو كئيب قد تغير، فقال: "يا أبا حذيفة، لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟"، فقال: لا والله، يا رسول الله، ما شككت في أبي ولا مصرعه، ولكنني كنت أعرف من أبي رأيًا وحلمًا وفضلًا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام، فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك. فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، وقال له خيرًا.
وكان الوليد بن المغيرة يقول: "أينْزل على محمد وأترَك وأنا كبير قريش وسيدُها! ويُترك أبو مسعود عمرو بن عُمير الثقفي سيد ثقيف! ونحن عظيما القريتين؟! فأنزل الله تعالى فيه: "وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ".
ولما مضت على الجهر بالدعوة أيام أو أشهر معدودة، وقرب موسم الحج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه لابد من كلمة يقولونها للعرب، في شأن محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأيـًا واحدًا، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا، ويرد قولكم بعضه بعضًا، قالوا: فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به. قال: بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا: نقول: كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزَمْزَمَة الكاهن ولا سجعه. قالوا: فنقول: مجنون، قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخَنْقِه ولا تَخَالُجِه ولا وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه ومَقْبُوضه ومَبْسُوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَفْثِهِم ولا عقْدِهِم. قالوا: فما نقول؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لعَذَق، وإن فَرْعَه لجَنَاة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر، جاء بقولٍ هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك. وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له، قالوا: أرنا رأيك الذي لا غضاضة فيه، فقال لهم: أمهلوني حتى أفكر في ذلك، فظل الوليد يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفًا. وفي الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة آية من سورة المدثر "ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِسَأُصْلِيهِ سَقَرَ".
واعترض رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو يطوف بالكعبة، الأسودُ بنُ المطلب بن أسَد بن عبد العُزى، والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذَوي أسنان في قومِهم، فقالوا: يا محمد، هلمَّ فلنعبد ما تعبدُ، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد، كنا قد أخذنا بحظِّنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد، كنت قد أخذت بحظِّك منه. فأنزل الله تعالى فيهما: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ"، أي إن كنتم لا تعبدون الله إلا أن أعبد ما تعبدون، فلا حاجة لي بذلك منكم، لكم دينكم جميعًا ولي ديني.
وكان خَبَّاب بن الأرَتّ، صاحبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قينًا بمكة يعمل السيوف، وكان قد باع من العاص بن وائل سيوفًا عملها له حتى كان له مال، فجاءه يتقاضاه فقال له يا خباب: أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه، أن في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب، أو فضة، أو ثياب أو خدم؟ قال خَباب: بلى. قال: فأنظرني إلى يوم القيامةِ يا خَباب، حتى أرْجعَ إلى تلك الدار فأقضيَك هناك حقَّك، فو الله لا تكون أنت وأصحابك يا خباب آثر عند الله مني، ولا أعظم حظًّا في ذلك؛ فأنزل الله تعالى فيه: "أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ" إلى قوله تعالى: "وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا"..
وكان الأخنس بن شَريق بن عمرو بن وهب الثقفي، من أشراف القوم وممن يستمع منه، فكان ممن ينال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويرد عليه؛ وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، فأنزل الله تعالى: "وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ" إلى قوله تعالى: "زَنِيمٍ" ولم يقل: "زَنِيمٍ" لعيب في نسبه؛ لأن الله لا يعيب أحدًا بنسب، ولكنه حقق بذلك نعتَه ليُعرف. والزنيم: العديد للقوم (وهو من يعد في القوم وهو ليس منهم، وهو الدعي).
وكان كعب بن الأشرف من سادة اليهود في المدينة، ولما بلغه خبر انتصار المسلمين في بدر، وقتل صناديد قريش في بدر قال: أحق هذا؟ هؤلاء أشراف العرب، وملوك الناس، والله إن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها. وانبعث عدو الله يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ويمدح عدوهم ويحرضهم عليهم، بل ركب إلى قريش، وجعل ينشد الأشعار يبكي فيها على أصحاب القَلِيب من قتلى المشركين، يثير بذلك حفائظهم، ويذكي حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعوهم إلى حربه، وعندما كان بمكة سأله أبو سفيان والمشركون: أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه؟ وأي الفريقين أهدي سبيلاً؟ فقال: أنتم أهدي منهم سبيلا وأفضل، وفي ذلك أنزل الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً".
وقدم المدينة فجعل يعلن بالعداوة ويحرض الناس على الحرب، ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يشبب بأم الفضل بنت الحارث وبغيرها من نساء المسلمين حتى أذاهم". وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف ؟ فإنه آذى الله ورسوله"، فانتدب له محمد بن مسلمة، وعَبَّاد بن بشر، وأبو نائلة. وفي ليلة مُقْمِرَة ـ ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 3 هـ ـ اجتمعت هذه المفرزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشيعهم إلى بَقِيع الغَرْقَد، ثم وجههم قائلاً: "انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم"، ثم رجع إلى بيته، وطفق يصلى ويناجي ربه. وانتهت المفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف، فهتف به أبو نائلة، فقام لينزل إليهم، فقالت له امرأته ـ وكان حديث العهد بها: أين تخرج هذه الساعة ؟ أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم. قال كعب: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب، ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه. فلما ضربوه بالسيوف صاح صيحة شديدة أفزعت من حوله، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران. فخرجوا حتى إذا بلغوا بَقِيع الغَرْقَد كبروا، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرهم، فعرف أنهم قد قتلوه، فكبر، فلما انتهوا إليه قال: "أفلحت الوجوه"، قالوا: ووجهك يا رسول الله، ورموا برأس الطاغية بين يديه، فحمد الله على قتله.
ومر جيش المسلمين في طريقه إلى "أُحُد" بحائط مِرْبَع بن قَيظِي ـ وكان منافقاً ضرير البصرـ، فلما أحس بهم قام يحثو التراب في وجوه المسلمين، ويقول: "لا أحل لك أن تدخل حائطي إن كنت رسول الله". فابتدره القوم ليقتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم : "لا تقتلوه، فهذا الأعْمَى أعمى القلب أعمى البصر". ونفذوه حتى نزلوا الشعب..
وفي طريق النبي صلى الله عليه وسام إلى المدينة راجعا من حمراء الأسد (سرية بين غزوة أحد وغزوة الأحزاب)، كان قد أخذ أبا عَزَّة الجمحي ـ وهو الذي كان قد منّ عليه من أساري بدر؛ لفقره وكثرة بناته، على ألا يظاهر عليه أحداً، فأطلقه بدون فداء، ولكنه نكث وغدر، فحرض الناس بشعره على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وخرج لمقاتلتهم في أحد-، فلما أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "يا محمد، أقلني، وامنن على، ودعني لبناتي، وأعطيك عهداً ألا أعود لمثل ما فعلت"، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تمسح عارضيك بمكة بعدها، وتقول: خدعت محمداً مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، ثم أمر الزبير أو عاصم بن ثابت فضرب عنقه.
وكان سلام بن أبي الحقيق من أكابر مجرمي اليهود، بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم مفرزة قائدها عبد الله بن عَتِيك، اتجهوا نحو خيبر؛ إذ كان هناك حصن أبي رافع، فدخل عبد الله الحصن بعد المغرب، واخذ مفاتيح الغرف، وجعل كلما دخل غرفة أغلقها عليه حتى لا يخلص القوم إليه إلا بعد قتله للمجرم، يقول: "فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت. قلت: أبا رافع، قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش، فما أغنيت شيئاً، وصاح، فخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه، فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمك الويل، إن رجلاً في البيت ضربني قبل بالسيف. قال: فأضربه ضربة أثخنته، ولم أقتله. ثم وضعت ضَبِيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً، حتى انتهيت إلى درجة له، فوضعت رجلي، وأنا أري أني قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست على الباب. فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء، فقد قتل الله أبا رافع. فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته فقال: "ابسط رجلك"، فبسطت رجلي فمسحها فكأنما لم أشتكها".
وجاء في الحديث أن أعمى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له أم ولد، وكان له منها ابنان، وكانت تكثر الوقيعة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسبه فيزجرها، فلا تنزجر، وينهاها فلا تنتهي، يقول: "فلما كان ذات ليلة ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم، فوقعت فيه، فلم أصبر أن قمت إلى المغول، فوضعته في بطنها، فاتكأت عليه، فقتلتها، فأصبحت قتيلا"، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس، وقال: أنشد الله! رجلا لي عليه حق فعل ما فعل إلا قام . فأقبل الأعمى يتدلدل، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت أم ولدي، وكانت بي لطيفة رفيقة، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، ولكنها كانت تكثر الوقيعة فيك وتشتمك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر. فلما كانت البارحة ذكرتك فوقعت فيك، فقمت إلى المغول فوضعته في بطنها، فاتكأت عليها حتى قتلتها. فقال رسول الله: ألا؛ اشهدوا أن دمها هدر" (رواه النسائي).
وكان عبد الله بن أبي يَحْنَقُ على الإسلام والمسلمين، ولاسيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حَنَقًا شديداً ؛ لأن الأوس والخزرج كانوا قد اتفقوا على سيادته، وكانوا ينظمون له الخَرَزَ ليتوجوه إذ دخل فيهم الإسلام، فصرفهم عن ابن أبي، فكان يري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي استلبه ملكه.
وكان من شدة مكر هذا المنافق وخداعه بالمؤمنين أنه كان بعد التظاهر بالإسلام، يقوم كل جمعة حين يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم للخطبة، فيقول: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، أكرمكم الله وأعزكم به، فانصروه وعزروه، واسمعـوا لــه وأطيعوا، ثم يجلس، فيقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخطب.
وكان من وقاحة هذا المنافق أنه قام في يوم الجمعة التي بعد أحد ـ مع ما ارتكبه من الشر والغدر الشنيع ـ قام ليقول ما كان يقوله من قبل، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا له: اجلس أي عدو الله، لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت، فخرج يتخطي رقاب الناس، وهو يقول: والله لكأنما قلت بُجْرًا أن قمت أشدد أمره، فلقيه رجل من الأنصار بباب المسجد.. فقال: ويلك، ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله ما أبتغي أن يستغفر لي.
ولما كانت غزوة بني المصطلق خرج المنافقون، ومثلوا قوله تعالى: "لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ"، وجدوا متنفسين للتنفس بالشر، فأثاروا الارتباك الشديد في صفوف المسلمين، والدعاية الشنيعة ضد النبي صلى الله عليه وسلم، وهاك بعض التفصيل عنها:
1 ـ قول المنافقين: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل".. فلما رجعوا إلى المدينة، وقف عبد الله بن عبد الله بن أبي، لأبيه على باب المدينة، واستل سيفه، فلما جاء ليدخل، قال له: والله لا تجوز من ها هنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، أذِن له فخلي سبيله، وكان قد قال: يا رسول الله، إن أردت قتله، فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه.
2- حديث الإفك: وقصته معروفة، والذي تولى كبره منهم هو المنافق عبد الله ابن أبي..
وقال غورث بن الحرث لأصحابه يوما: لأقتلن محمدًا، فقال له أصحابه، كيف تقتله؟ قال: أقول له أعطني سيفك، فإذا أعطانيه قتلته به. فأتاه فقال: "يا محمد أعطني سيفك أشمّه"، فأعطاه إياه، فرعدت يده، فسقط السيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حال الله بينك وبين ما تريد".
وروى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق هاربًا حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فعرفوه، قالوا: هذا كان يكتب لمحمد، فأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا له فحفروا له فواروه؛ فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، وهكذا في الثالثة، فتركوه منبوذًا".
وكان فضالة بن عمير رجلاً جريئا، وصل حقده على الرسول إلى درجة أراد معها أن يقتله في وقت فتح مكة!! والرسول في وسط جيش كبير يبلغ عشرة آلاف من الصحابة رضوان الله عليهم، فحمل السيف تحت ملابسه، ومرَّ بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فلما دنا منه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَفُضَالَةُ؟». قال: نعم، فضالة يا رسول الله (وكان يدَّعِي الإسلام في ذلك الوقت). فقال صلى الله عليه وسلم: «مَاذَا كُنْتَ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟». قال: "لا شيء، كنتُ أذكر الله". وضحك الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «اسْتَغْفِرِ اللهَ يَا فُضَالَةُ». ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه!! فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيئا أحبُّ إليَّ منه.
وذكر الكتانيّ في "ذيل مولد العلماء" أنه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين، وكانوا يدعون إلى عبادة الحاكم، وحُكيَ عنه أنّه سبَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، فلما ورد مكة شكاه أهلها إلى أميرها، فدافع عنه، واعتذر بتوبته، فقالوا: مثل هذا لا توبة له! فأبى، فاجتمع الناس عند الكعبة وضجوا إلى الله، فأرسل الله ريحًا سوداء حتى أظلمت الدنيا، ثم تجلت الظلمة وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمس، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهارًا، فلما رأى أمير مكة ذلك أمر بـ"هادي المستجيبين" فضرب عنقه وصلبَه.
وذكر القاضي عياض في "الشفا" قصة عجيبة لساخر بالنبي صلى الله عليه وسلم! وذلك أن فقهاء القيروان وأصحابَ سحنون أفتوا بقتل إبراهيم الفزاري، وكان شاعرًا متفننًا في كثير من العلوم، وكان يستهزئ بالله وأنبيائه ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأمر القاضي حيى بن عمر بقتله وصلبه، فطُعن بالسكين وصُلب مُنكسًا، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُفعت خشبته وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلة فكان آيةً للجميع، وكبر الناسُ، وجاء كلبٌ فولغ في دمه!!
وحكى الشيخ العلامة أحمد شاكر أن خطيبًا فصيحًا مفوهًا أراد أن يثني على أحد كبار المسئولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال في خطبته: "جاءه الأعمى فما عبس وما تولى"!!. قال الشيخ أحمدُ: ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي ـ بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا مستعزا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيته مهينًا ذليلاً، خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار!!