يتصدر الحوار الواجهة السياسية من جديد في البلد بعد أن أختارت المعارضة بشقيها المنتدى وأحزاب المعاهدة في مؤتمريهما الممهدين لإنطلاقة أنشطتهما الوطنية إستعدادهما للحوار و أكتملت الصورة بالإجماع على الحوار حين أعلن رئيس الجمهورية قبل أيام في شنقيط استعداده
التام لحوار سياسي يهدف إلى تحقيق مصلحة البلد
وقد جرت في السابق العديد من الحوارات بين النظام والمعارضة، آخرها قبل الانتخابات الرئاسية، ولكنها فشلت في التوصل إلى حل مما يجعل المتتبع للساحة السياسية الوطنية ينظر في المشهد الحالي بعد تلك الدعوات وخصوصة المتفائلين يجدون أن الدعوات ستشكل أرضية طيبة لحوار يخرج بنتائج عكس تلك الحوارات التي تخرج ببيانات توحي محتواها أن التصدع بين الطبقة السياسية أشد من أن يحل في حوار لم يمهد لحلحة تلك الخلافات وتقريب وجهات النظر .
وعندما نقوم بتشخيص بعض النقاط الشائكة بين الفرقاء في الوقت الحالي نجدها تتمثل في:
ــ المعارضة في المنتدى، والتي قاطعت الانتخابات باستثناء حزب "تواصل"، فهي تريد حواراً على أساس أن الانتخابات النيابية والبلدية الماضية كانت أحادية وتفتقر لمشاركة المعارضة، وبالتالي لا مناص من إعادتها وفق قواعد متفق عليها بين الجميع فالكل شركاء في الوطن ويجب أن تكون العملية السياسية في البلد تنطلق من إجماع الأطياف السياسية حتى يستطيع الجميع أن يساهم في العملية السياسية في البلد وإبعاد المعارضة يعتبر خرق صارخ لمبادئ الديمقراطية .
ــ النظام الحاكم يعتبر نفسه خارجاً للتو من انتخابات تشريعية ورئاسية كرّست هيمنته السياسية، ووفرت له أغلبية نيابية مريحة وجددت للرئيس لولاية ثانية، وبالتالي فهو يريد من أي حوار مقبل أن يكون تحت سقف هذا الواقع وليس من أجل إعادة إجراء الاستحقاقات الانتخابية.
ــ المعارضة في المعاهدة وبعد ترتيب صفوفها تأمل النفس بوجود حضور مأثر في الساحة الوطنية فهي لم تحقق نتائج تذكر من الانتخابات التشريعية الماضية ، على الرغم من مشاركتها فيها، فتتعلق بحبل الأمل من أجل التوسّط بين الطرفين بحثاً عن دور مناسب وللترويج خطاب معارض معتدل.
وقد ظهرت نقاط جديدة قد تطرح على الطاولة منها :
ــ تعديل سن الترشح للرئاسيات ,
ــ النظر في تعديلات دستورية ، وخصوصاً المادة التي تحدد فترة الرئيس في ولايتين فقط
فهذه الخطوات إن صحت لا أعتقد أنها ستشجع المعارضة الموريتانية الجادة، ممثلة في منتدى المعارضة، على الدخول في الحوار، والنقطة الأخرى المطروحة من المعارضة
ــ أن تُسند محاربة الفساد المنتشر في المؤسسات العامة إلى جهات مستقلة وذات مصداقية وصلاحيات.
والنظام ينظر بإعجاب كبير لشفافيته في محاربة الفساد و ستبقى هذه الدعوة كسابقاتها مجرد استهلاك إعلامي واستعراض من الجهات السياسية كما دأبت عليها في بعض إطلالاتها الإعلامية يتساوى فيها النظام و المعارضة بشقيها .
في كل البلدان الديمقراطية تحتاج الأحزاب السياسية والمنظمات أن يكون لديها تشارك في إدارة البلاد وإستنادًا الى دراسات لحالات من بلدان مختلفة، ستتمكن الاطراف الفاعلة بعد تقييم الظروف العامة للجلوس لحوارات معتمدا أولا كبداية على ؛ بناء الثقة؛ وضع أهدافها وتهيئة جداول أعمالها؛ تيسير التقييم السلس لها عبر مراحل مختلفة؛ ضمان نتائج ذات معنى؛ أخيرًا وليس آخرًا، تعزيز تنفيذ التفاهمات والإتفاقات التي يجري التوصل اليها .
لا يوجد حتى الآن شيء محدد ولا ميعاد ولا مدعوين ولا جدول أعمال لمؤتمر الحوار، فالدعوة ما زالت في طور المبادرة،
نرجو من الله أن يوفق الجميع وأن يصلح الحال ويهدي الجميع غلى طريق السداد لما فيه صالح العباد والبلاد وان يجعل الوفاق والتعاون هو عنوان المرحلة القادمة في البلاد