تتالت التعليقات على حادثة الجريدة الفرنسية الخبيثة بين مؤيد للعملية مباركا لها، وبين مندد بها من علمانيين ومفكرين - حتى من بعض العلماء! -، ولم يضع الكثيرون احتمالا بسيطا، وهو أن تكون الحكومات الصليبية التي تحركها جماعة السوء اليهودية الموجودة على أرض فلسطين، خلف مثل هذه
العمليات..
وقبل مناقشة هذا الرأي الذي قد يعتبره بعض المغيبين ذهنيا من المسلمين، رأيا شاذا، لنتدبر في البطش الذي وقع على كفار الجريدة المتجرئين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنحمد الله على ما يرينا من آيات تدل على صحة ديننا، وعلو مقامه، وتثبت أقدامنا، فقد اتفق العلماء على مر الزمان على أن المتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة لأنه متعرض لله عز وجل الذي تكفل بأن يكفي نبيه المستهزئين، قال تعالى: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ"، و قد فعل سبحانه وتعالى.
قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية : "وهذا وعْدٌ من الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنْ لا يضره المستهزئون، وأنْ يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالإستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة ".
ومن عجيب الأمر أن المسلمين كانوا في جهادهم إذا حاصروا حصنًا أو بلدة فسمعوا من أهلها سبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم استبشروا بقرب الفتح مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه. نعم استبشروا! لأن الله سينتقم من الذين يسبونه ويعجل لهم صقر وبئس القرار، ويثلج صدور المؤمنين، والحمد لله رب الأولين والآخرين. فتدبر في الآية الجديدة فإنها تزيدك طمأنينة وإيمانا..
علينا كمسلمين في هذا الزمان الأغبر أن لا ننخدع بما يحيكه لنا هؤلاء الكفار من أكاذيب وأباطيل، فحربهم علينا مستمرة لوقوف الشيطان خلفها، وفي هذا دليل على أننا على الحق، ففكروا أيها العلمانيون والليبراليون والملحدون، لماذا يدعمكم الغرب ويحبكم ويواليكم؟؟ ولماذا يحارب أهل السنة والجماعة وحدهم؟!
فكروا يا كفار الأرض قاطبة، لماذا لا يتعرض للشر الأمريكي والفرنسي الإبليسي إلا المسلمون؟!، وخصوصا السائرون منهم على طريق السلف (هم الذين تحاك ضدهم الأكاذيب، ويتم وصفهم بالإرهاب!)، ألا يدلكم هذا على أهل الحق؟
علينا توجيه أصابع الإتهام الأولى إلى الكفار عند حدوث أي عمل إرهابي سيتهموننا به لا محالة؟ فكروا في نجاحهم في مساعيهم إذا اتهم بعضنا بعضا بالإرهاب، وشكك في دينه؟ هل وصل بنا الجهل بديننا وتقبل المطاعن فيه إلى درجة ان نكون وتلك الشعوب الغربية الجاهلة، في درجة سواء؟.
إن أول متهم في أحداث سبتمبر الأمريكية، وفي حادثة مقر الجريدة الفرنسية العفنة، في رأيي، هم الصليبيون واليهود الذين يحركونهم كالدمى. هؤلاء هم محل التهمة الأولى، لأنهم المستفيد الوحيد من هذه الأعمال، والواقع الذي شاهدناه أثبت ان أمريكا استفادت من سقوط البرجين أكثر من كل المسلمين! وكذلك قد تستفيد فرنسا من الهجوم على مقر الجريدة النتنة! فعلى سبيل المثال قد تستفيد فرنسا من الهجوم على الجريدة اللعينة، والتضحية بكلابها المواطنين، تراجع نسبة الداخلين في الإسلام الجدد وهم كثر، على الأقل لمدة 5 أو 10 سنين، لحين تدبير مكيدة جديدة ضد الإسلام والمسلمين! وقد تستفيد سن القوانين المقيدة للإسلام والمسلمين، والمؤيدة للتدخل بالإرهاب الحقيقي في بلدانهم بحجة محاربة الإرهاب المزعوم، كما فعلت أمريكا في بلاد المسلمين!، أي قد تتجاوز فرنسا قانونها وديمقراطيتها التافهة التي تكبح شكليا - فقط - مثل تلك الإندفاعات من خلال شحن الناس وأهل القرار ضد الإسلام ليبادروا هم بأنفسهم إلى إرسال الصليبيين إلى بلاد المسلمين! أو التضيق عليهم في فرنسا، بلد الحريات المزعومة! وهو ما بدأت آثاره تتجلى..
وقد تسنفيد تلطيخ الإسلام في نظر كل ضعيف إيمان في بلاد المسلمين، ونشكيكه في مبادئه، ليعتقد أنه دين قتل وتطرف، ويكتب متعاطفا مع الكفار، مسلطا قلمه المخدوع على المسلمين!
وحتى أكون دقيقا، أعتقد أن فاعل مثل هذه الجرائم له علاقة باليهود، فهذه طريقتهم الخبيثة، يقتلون حتى أنفسهم من أجل تمرير مخططاتهم، وطبعا مع تأييد بعض المتعصبين المسيحيين كجورج بوش وأمثاله من النافذين في أمريكا وفرنسا وغيرهما من بلاد الكفر والفجور والحريات التي لا حقيقة لها!، يوجد فيديو على الإنترنت لعميلة امريكية أثبتت في مقابلة مع قناة روسيا اليوم، أن الحكومة الأمريكية وراء اسقاط البرجين! وانا أسألك أيها المسلم: بأي منطق تستبعد ذلك؟..
إن الحضارة الأمريكية هي أسوأ الحضارات الإنسانية حتى اليوم، ولا أبالغ، فقد جمعت بين الفجور والدموية في ثوب من النفاق أسمته "الديمقراطية"، وما قتله الأمريكيون في الحرب العالمية، وفي المدينة اليابانية وحدها قد يفوق ما قتلته كل الإمبراطوريات الظالمة السابقة، ولن أتحدث عن بطشهم في العارق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين، فالكفار السابقين أشرف من كفار اليوم، على الأقل لم يكونوا ينافقون ويكذبون بهذه الطريقة المخزية التي تجعل الصليبيين اليوم أسوأ المنافقين الذين عرفهم التاريخ!..
أعتقد أن إسلامنا الرائع دين حق وعزة وقوة، فهو صامد خالد، مقاوم لكل الدسائس التي تحاك له، بدءا بالبدع المضعضعة للدين، وانتهاء بالتفجيرات الدموية، وكلها أباطيل تضاف إلى الإسلام وليست منه، ولولا أنه دين حق لما بقي من الأمة الظاهرة فرد واحد في ظل هذا التلبيس والتزييف، والهجوم العالمي الشرس!، لكن كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ"...
فهو دين الحق الذي لا يصل معتنقوه أبدا إلى درجة مخالفة قواعده الأساسية التي من أهمها تجنب العدوان وسفك دماء الأبرياء، فكيف يقتل المؤمن الأبرياء الآمنين مسلطا بذلك جيوش الكفر على بلاد الإسلام؟، كيف يكبح انتصار السنة في العراق مدخلا أمريكا في الحرب ضد المسلمين؟ كيف يُسهم في الدعاية العالمية ضد الإسلام؟ لا يمكن، ولا يُعقل، خصوصا في وجود نصوص القرآن التي يقرؤها الجميع، والتي تحمل في طياتها الرحمة والقسط وحب الخير للجميع!!
لا توجد عندنا نحن المسلمين قاعدة، ولا داعشة، المسلمون لا يقتلون عبثا، وإذا افترضنا وجود هؤلاء القتلة فهم نسبة قليلة جدا من الجهلة وتجار المخدرات الذين يزعمون أنهم مجاهدين، وهم قلة لدرجة إهمالهم، لذا أرجح عدم وجودهم، ولا يمكن أن يحارب مثل هؤلاء المنبوذين دولا وإمبراطوريات! هل هذا معقول يا مسلمين؟ جماعة هاربة من القانون يتم حشد جيوش العالم كلها لمواجهتها، ولا يكفي ذلك!!!! من أين للمسلمين في هذا العصر مثل هذه القوة والعزة التي يضفي عليهم أعداؤهم الكفار! أيُعقل أن تقاوم هذه الجماعات تيارا داخليا وخارجيا يجرفها بعيدا، وتحيا، لولا أنها من دسائس الكفار المتسلطين!..
علينا توجيه أصبع الإتهام الأول في مثل هذه الإحداث المتتالية في فترات متقطعة - كما لاحظنا - حسب مصالح القوم، إلى الكفار لأنهم وحدهم المستفيدون من هذه الأعمال الفظيعة التي لا نرى أمثالها إلا في أفلامهم المرعبة، ولا تقل لي: لن يقتلوا مواطنيهم!، بل سيقتلونهم ألف مرة إذا اقتضى الأمر، خدمة لأهداف الشيطان الكبرى، وتأمل في أدبيات قصصهم تجد أمثلة كثيرة على إبادة حكوماتهم لشعوبها إذا لزم الأمر! ولا مصلحة أهم عندها - وهي مقدمة جند إبليس اليوم - من محاربة الإسلام وتشويه صورته في العالم الذي بدأ يظرح على نفسه أسئلة كثيرة من أبرزها: ما هو هذا الإسلام الذي يتحدث الجميع عنه؟ لم لا أتعرف على هؤلاء الناس الذين تؤذيهم أكبر دول العالم وأقواها؟!
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"، ففي الأخير لن تزيد هذه الأعمال الإسلام إلا قوة وظهورا، فأقل ما فيها مما لا يفهم آباء الدعاية، هو أنها دعاية له، فكثير من الأمريكيين بحث عن الإسلام بعد الحادثة الشهيرة، واهتدى إليه، وهذا ما سيحدث للفرنسيين وغيرهم..
المؤامرة اليوم تحاك في فرنسا، وغدا في سويسرا، وبعده في بلجيكا، وبعد ذلك في أمريكا، ولن يضر الإسلام كيد الكائدين لأنه دين الحق الباقي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والحمد لله رب العالمين..