كثيرا ما نجد من يتحدث عن مشاكل الشباب , مشخصا لها تارة ومحللا وواضعا للتصورات والحلول المقترحة من طرف هذا المحلل أو ذلك تارة أخرى, ولا شك أن بعض هذه التصورات والتحاليل يمس الحقيقة كما يظل البعض الآخر منها مترنحا في تصورات
وانطباعات نمطية محكومة بدوافع شخصية لا يهمها الشأن العام إلا في الدعاية والاستهلاك أو تأثرا بالايديولوجيا والبحث عن المصلحة الضيقة ومصالح الجماعات المختفية وراء الخطابات التوجيهية والمتحمسة والصادرة في أغلب الأحيان من ذوات تعتبر نفسها وصية على هذه الشريحة التي يضيق المقام عن ذكر أهميتها والتنويه بخصائصها الثقافية والسوسيو سياسية .
وبغض النظر عن كل ذلك فإننا هنا بصدد إثارة أهم القضايا التي ترتبط بطموحات أغلب الشباب الموريتاني والتي تتفاوت –طبعا- في الإلحاح والأهمية , حيث يعتبر التشغيل سيد الاهتمامات في هذا المضمار لأن المسألة هنا لا ترتبط بمتطلبات المعاش المعروفة بقدر ما تتعلق بحاجيات تخص الشباب لابد من توفيرها لجزء من المجتمع لا يعرف الصبر والتحمل ولا يتفهم الأعذار كثيرا .
قد يقول قائل إن أغلب هذا الشباب غير مؤهل مهنيا كما أنه لا يمتلك القدر الكافي من الخبرة , لكن على من تقع على عاتقه المسؤولية ؟ وهل أن الشباب يفهم ذلك ويتفهمه ؟ وماذا سيفعل حتى تحين فرص التشغيل والتكوين؟.
إن الذين درجوا على معالجة هذه القضية بالوعود والخطابات لم يعد لديهم ما يقولونه لأن القضية أصبحت أكثر خطرا على لحمتنا الوطنية والثقافية بطريقة أصبحت معها السياسة و التسيس في عجز صريح عن تقديم مقترحات أحرى حلول , إذ لا بد من استدعاء العلم لكي يعطي رأيه ولو مؤقتا , يعطيه في التشخيص والحلول والكادر البشري الذي لا يتوقع من فاقدي الخبرة والنزاهة فيه أن يكونوا الدعامة التي يمكن أن تنتشل الأمة من عثراتها , إذ كيف يعطي الشيئ فاقده؟
وبوضع استراتيجية واضحة المعالم في هذا الإطار سوف تتضح السكة ويختفي المتاجرون بالقضية التي لا يسعفها شيئ أكثر من الجدية والقانون والمسؤولية المدعومة بالوعي بمخاطر اللحظة التي أحسها لا شك رئيس الجمهورية وجسدها في خطاب سياسي واضح المعالم..ولكن الشياطين تكمن في التفاصيل التي ينبغي أن يتنبه لها الجميع , حيث أن المشاركة السياسية إذا لم تكن محكومة بالحذر والمسؤولية فإنها تعرض نفسها للمتربصين الذين أثبت التاريخ والتجربة إفلاس خطاباتهم كذلك فإن شبابا لايتحمل المسؤولية ولايعطي المثال الحسن لا يشكل بدائل مقنعة ولا حتى صالحة .
إن الذين يرهنون أنفسهم بتمثيل الجهات والقبائل والأعراق في المقاربات السياسية لا يمكن التعويل عليهم ولا على إسهاماتهم في مجال حلحلة القضايا الشائكة لأنهم وببساطة يستفيدون فقط من تعقيداتها ويقتاتون على تأزمها ليناوروا ويحاوروا به السلطات وهو سلوك أنهك طاقات الشباب كثيرا.
كذلك فإن وجود إدارة مهنية تسير الشأن العام مسألة طالما عول الشباب عليها لأن المقاربات الاجتماعية و الأمنية المعتمدة على تعاون مسؤولين محليين من طراز قديم كوسيلة للتعرف على مشاكل المواطنين لم تعد مطروحة حيث أصبحت العلاقات أكثر تشابكا وتعقيدا وابراكماتية وهوما يترتب عليه وجود إدارة قائمة على المؤسساتية والمهنية والعدالة يرضى أي شاب بالتعاطي معها.
أما وجودبنية تحتية رياضية –والتي تستعصي على إدارة ليست متعودة على استثمار الكثير في الثقافة والرياضة- فهي قضية تحتاج إلى نقاش ووقفات لأنها تعني الكثير لهذه الشريحة التي نأمل من السلطات العمومية أن تحمي ما تحقق ويتحقق لها من عبث العابثين.