وصلتني رسائل خاصة، من بعض الأصدقاء والإخوة، يعبّرون عن استغرابهم من موقفي من عملية "شارلي إبدو"، بعد "تدوينات" نشرتها على الفيسبوك بهذا الخصوص؛ إذ يرون أنني كـ"مثقف" و"متنور" كان يجب عليَ أن أندد بهذه العملية، وأتضامن مع ضحاياها..
ولأنني لا أستطيع الرد على كل شخص على حدة، أرد هنا على الجميع، لتوضيح هذه النقطة:
أولاً - لا أنكر أنني -ككل المسلمين العاديين- أُسرّ عندما أسمع بقتل كل مسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم، ومن هذا المنطلق، سررت بقتل عناصر تلك الصحفية المسيئة لنبينا، الساخرة من ديننا، وهذا يُعتبر موقفاً طبيعياً لا أتحكم فيه، وأعلم أنه قد لا يعبر بالضرورة عن "الموقف الشرعي" من المسألة، الذي لا يحق لي الخوض فيه، ما دمت لست من أهل الاختصاص.
ثانياً - أرى أن الصحيفة المشؤومة، وحكومة بلادها هما اللذان يتحملان المسؤولية كاملة عن قتل أولئك الأشخاص، بتطاول الأولى على الإسلام والمسلمين من خلال نشر الرسوم المسيئة، وبظلم الثانية لهم لدى مشاركتها في غزو بلاد المسلمين في أكثر من بلد.
ثالثاً - لست من المقتنعين بمطالب البعض بضرورة تنديد كل المسلمين بهذه العملية؛ لأن المسلمين في الغرب هم من يدفع ضريبة مثل هذه الأحداث، وأنها هي سبب التضييق عليهم، بل لا أرى مسوغاً مقنعاً لذلك، كما أرى أن التضييق على المسلمين في الغرب أمر حاصل على كل حال؛ سواء حدثت هذه العمليات أم لم تحدث، ثم إذا كان المسلمون في العالم أجمع مستباحي الكرامة والدم من طرف الغرب، فلا معنى لوضع الاعتبار لراحة ودَعة ثلة قليلة منهم استوطنت بلاد الغرب، أو حتى ولدوا فيها، على حساب كرامة وأرواح مليار مسلم يظلمون كل يوم في أوطانهم من طرف الدول الغربية.
رابعاً - أرى أن مثل هذه العمليات -رغم أنني أصر على رفضي لكل أنواع العنف والقتل خارج الشرع والقانون- هي التي تشعر الشعوب الغربية بظلم حكوماتها للمسلمين حول العالم؛ وتساعد في تساوي "ميزان الرعب" بين أبناء الحضارتين، طالما أن ميزان القوة مختل بينهما.
خامساً - لا أجد مسوغاً كبيراً للتعاطف مع ضحايا مثل هذه العمليات، الذين ظلموا المسلمين بالفعل، من خلال السخرية من نبينا عليه أفضل الصلوات والسلام، بل أخشى أن يكون ذلك من المشاركة أو المساعدة في هذا الفعل الشنيع والذنب العظيم.
سادساً - أعتقد أن الدول الغربية جميعاً هي المسؤولة عمّا يتعرض له بعض أبنائها من ردود فعل يقوم بها "متشددون" من المسلمين على جرائم هذه الدول في العالم الإسلامي والعربي؛ فلو أن الدول الغربية، لم تحل بلادنا، ولم تغزُها، ولم تنهب ثرواتها، لتتركها فقيرة، ولم تنصب عليها ديكتاتوريين غير مؤهلين لحكمها بعدالة، لما هاجر المسلمون إلى بلادهم بحثاً عن العمل والثروات المسلوبة، ولما غزوا بلادهم بحثاً عن ثأر ضائع!
هذا موقفي بالمجمل.. وعلى من يخالفني فيه، أن يناقشني بحججه، فإن كانت مقنعة رميت موقفي وسايرته في موقفه، وإلا فليترك لي موقفي، وليدافع كما يشاء عن الغربيين ومصالحهم، لكن ذلك شأنه وحده، ولي شأني الخاص بي في مثل هذه القضايا.