موريتانيا ذاك البلد العظيم بشعبه الكريم، المضياف، المتسامح، الطيب، الشهم، يؤمن بالإسلام دينا، يستمد دستوره المنظم للبلاد من الدين الإسلامي الحنيف، مؤمن بتعدد أعراقه ومتمسك بهويته العربية الإفريقية، همزة وصل بين شمال إفريقيا وجنوبها، تلك الشعوب المتعددة الأعراق والأديان واللغات.
ترسم ساكنة بلاد شنقيط لوحة فنية بمكوناتها العرقية التي قل مثيلاتها في العالم من حولنا وهي مصدر ثرائنا وتماسكنا ولو حاول البعض تمزيقها تحت ظل البحث عن حقوق مشروعة أحيانا وغير مشروعة أحيانا أخرى، فموريتانيا ستظل موحدة آمنة ولو اختلف الساسة والسياسيون سواء منهم أولئك اللذين يحابون النظام القائم ومعارضوه ولو كثر الدعاة الحقوقيون وصدحت حناجرهم بخطابات فئوية لا مشروعة في حق هذا البلد وساكنيه، فالوطن يسعنا جميعا وفوق الجميع وله الحق علينا كلا من مكانه وحسب الدور الذي يقوم به، وله حماة بررة عيونهم ساهرة على أمنه واستقراره ولكي لا تتوقف سفينة البناء فيه.
حقا ثمة فوارق يجب البوح بها والبحث عن حلول لها، إذ لا يكفي سن القوانين وحده بل يجب أن يتم العمل على تنفيذ تلك القوانين وما يصاحب ذلك من خطط للقضاء على مختلف مظاهر الطبقية والفئوية التي من أهمها ظاهرة العبودية التي كثر الحديث عنها مؤخرا، فالعبودية من وجهة نظري المتواضعة لم تعد موجودة في موريتانيا البتة لكن مخلفاتها المقيتة ما زالت موجودة وهي أشنع بكثير من العبودية نفسها، وهي نتاج لعوامل عدة مرت بها البلاد من أبرزها التخلف والفقر وانتشار القبلية وجغرافية البلاد وسياسات الدولة التي لم تعمل على تشجيع الفئة المتضررة من العبودية على الاعتماد على النفس في حياتها اليومية وهو ما جعل الأرقاء في حاجة دائمة لأسيادهم مما رسخ العبودية والطبقية في المجتمع والكل سواسية في تحمل المسؤولية.
نظام القبيلة هو الآخر ساهم في ترسيخها إذ أصبحت هناك دولة داخل الدولة وهناك تحدث التراتبية ففي كل قبيلة أسياد يؤمرون وحاشية مطيعة.
إن الاعتراف بمخلفات العبودية والبحث الجاد عن حلول لها لخطوة في الطريق الصحيح، ويجب على كل منا العمل على الحفاظ على وحدتنا الوطنية وقطع الطريق أمام كل من يسعى للمساس منها سواء باسم محاربة العبودية أو بأي شكل من أشكال التفرقة، ويبقى الدور الأكبر ملقى على عاتق الدولة التي نرجو أن تعالج المشكلة بجدية من أجل القضاء على هذه الظاهرة المقيتة.