إن النبي صلي الله عليه وسلم أعرف الخلق بربه وأقومهم بحقه ، وهي كلمة صدق قالها ابن القيم رحمه الله ،
فمهمي نظر العبد في طرف من حياة النبي صلي الله عليه وسلم المباركة ،في مسجده بين أصحابه ، وفي بيته بين أزواجه وأهله ،وفي المعركة بين خصومه وأعدائه ،
يجده علي حالة من الشهود والمراقبة لايأفل نجمها ولاتغيب شمسها وقدوصفته بذالك أمنا عائشة رضي الله عنهاوهي العارفة به الفائقة في براعة الوصف وروعة البيان حين قالت ،، كان يذكر الله علي كل أحيانه ،،والذكرعندالنبي صلي الله عليه وسلم له شأن وليس كذكرالخلوف من أمته الذين يجأرون بالذكربألسنتهم وقلوبهم خالية من جلال الله ووقاره ،بل ذكر معمور القلب بجلال الله ووقاره وعزته وكبريائه وجماله وبهائه ذكر علي نحوماأمره الله به ،،واذكرربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو ولآصال ولاتكن من الغفلين ،، إنه ذكر ترتقي به الآدمية إلي عالم الملكية كأن صاحبه بين ملائك السبع الطباق يجأرمعهم بالتسبيح والتحميدوالتقديس ، وماأعظم مناسبة التعليق الجميل
علي هذالأمرالجليل في هذه الآية،،إن الذين عندربك لايستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ،،وكأن المولي جل جلاله يقول له ماأجدربك أن تكون مثلهم بل ماأحرى بك أن تفوقهم ،كأني أنظرإليه صلوات الله وسلامه عليه يظل في السبح الطويل يتقلب في أطوار معاملة الله ذكراوشكرا وإخباتاوإنابة وتعليماوجهاداودعوة وإرشاداوحسن عشرة ومخالطة ،يستهل يقظته بالثناءعلي ربه والعرفان لجميله قائلا ،،الحمدلله الذي أحياني بعدماأماتني وإليه النشور ،،الحمدلله الذي ردعلي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره ،، وهي ألفاظ تفيض بالعرفان الجميل للمنعم الجليل سبحانه وتعالي،يتذكرصاحبهانعماجلبت وبلاياصرفت وكلاءة منحت ،خلال ساعات النوم فكم نائم أمسك نفسه بارئها فلم تعدإليه وكم من صحيح في غمرة النوم وفوران الدم أصابته جلطة شلت أركانه ،وكم معافي من كل ذالك غفل عن ذكر من رعاه وعافاه ،
ثم ينهض صلي الله عليه وسلم ناظرافي ملكوت الله تالياآياته علي نحو مهيب مناجياربه ،يغمره الأنس والفرح يترجم حاله بأذكاربليغة في وصف مايجيش به الصدرالكريم تجاه الرب الرحيم ،،اللهم لك أسلمت ،وبك آمنت ،وعليك توكلت ، وإليك أنبت،وبك خاصمت ،وإليك حاكمت ،فاغفرلي ماقدمت ، وماأخرت ،وماأسررت وماأعلنت ،لاأله إلاأنت. وغيرذالك من أذكار تنحوذاك النحو
ثم يستفتح صلاته مغتبطابرضي ربه عن حاله وسماعه لمقاله ،وهوصلوات الله وسلامه عليه أصدق من يعبر عن تلك الحال المنيفة حين قال،،ماأذن الله
لشييء ماأذن لنبي حسن الصوت يتغني بالقرآن ،،وأولى الناس بوصفه بعده صلي الله عليه وسلم أمنا عائشة رضي الله عنهافقدأجابت السائل عن قيامه فقالت ،،يصلي أربعا فلاتسأل عن حسنهن وطولهن ،ويصلي أربعافلاتسأل عن حسنهن وطولهن،ويوتربثلاث ،، رضي الله عنك ماأبلغك وأوجزك وأصدقك ،
تغمرقلبه الرغبةوهو يتلواآيات الوعدمن كرم وبسط وجودفيسأل ربه سؤال مظهرالفقر مستشغرالفاقة وتشفقه الرهبة وهو يتلواآيات الوعيدفيستعيذويستجيربمن يجيرولايجارعليه قالت عائشة رضي الله عنه افتقدت النبي صلي الله عليه وسلم ليلة
فالتمسته فوقعت يدي علي قدميه وهوساجد يقول ،،اللهم إني أعوذبرضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذبك منك لاأحصي ثناءعليك أنت كماأثنيت علي نفسك ،واسمع إليه وهويناجي ربه والقلب يفيض بينابيع الحب والمعرفة ولسانه يتفنن في التمجيد والتحميدوالبدن الطاهرسري فيه الخشوع والخضوع يركع فيقول ،،اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ،،سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ،
ويسجدفيقول ،،اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجدوجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ،،
وغير ذالك من أذكار أذكار ود عوات تجيش بهاعاطفة مزدحمة بمشاعرالمحبة والخشية والهيبة لرب الأرباب وملك الملوك البرالكريم الجوادالرحيم،فلله ماأشرحه من صدروأطيبه من قلب وأزكاها من نفس عليه من الله أكمل الصلاة وأتم التسليم.