سنة 2014 بدأت بالإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وانتهت بالاغتصاب و القتل حرقا !، هذه أبرز مميزاتها السلبية، مع أنها كرست الواقع الفاشل المعروف بالاستبداد ومحسوبية المنفعة ، مع استمرار الصخب حول ملف العبودية ، الذي انتهى في آخرها إلى اعتقال الناشط المثير برام،
والذي انتقد الحكم على المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يبدي أي تراجع أو ندم على حرق الكتب الإسلامية في وقت سابق في مقاطعة الرياض.
ورغم أن هذه السنة كانت سنة الانتخابات الرئاسية، إلا أنها لم تأتى بجديد ، فقد مثل الاقتراع الرئاسي لعبة فارغة من المعنى ، حين جاءت المشاركة مقتصرة على المهيمن مع أفراد لا يرقون إلى مستوى الساحة السياسية ، فتحولت المناسبة إلى فرصة للتمرير وتجاهل معاناة الشعب وطموحه نحو التغيير والانعتاق من حالة التأزم والإهمال والغبن .
سنة حافلة بعمليات السرقة ، سرقة البيوت خصوصا والمتاجر أيضا، وعمليات القتل والاغتصاب من حين الآخر ، وتجاهل تصاعد الأسعار ، خصوصا بعد انخفاض سعر النفط في آخر السنة ، الذي كان ينبغي أن يترتب عليه تخفيض محليا ، ليؤثر ذلك ايجابيا على بقية المواد ، الشيء الذي لجأت إليه بعض الدول ، إلا أن النظام عندنا لا يعنيه شعبه ولا يعنيه ربما العالم وتطوراته الاقتصادية الموضوعية البارزة للعيان .
ومن الملاحظ أن هذه السنة لم تشهد من الأمطار ما يكفي، فجف الضرع وقل الكلأ وشعرت بعض المدن بالعطش، كما هو معتاد.
ولا غرابة فحين يحيد الحاكم إلى الخصوصية وتطيش الموازين ،يقل المطر، وتعلن السماء حالة الغضب والاحتجاج، وفي المقابل حين ينتشر العدل والإتباع تنبسط الأرزاق والبركات ،قال تعالى "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"".
وقد شهدت السنة المنصرمة كذلك حالة تصعيد واستهداف ضريبي مكشوف ضد مؤسسة محسوبة على أحد قيادات المعارضة الراديكالية عبد القدوس ،فأغلقت أتلانتيك لند ن كيت جراء 250 مليون ضرائب مع مصادرة رخصة بومي ، في جو لا يخلو من التحامل وتعويق الاستثمارات المحلية والخارجية ، وسط حالة شبه صمت من طرف جميع الجهات، مما عزز الاعتقاد بتغييب شروط الاستثمار الشفاف ، وهوما سينعكس سلبا على رجال أعمالنا عموما، وسمعة بلدنا الاستثمارية خصوصا .
فلا استثمار إلا مع الرشوة ومباركة النظام ،وإلا فإن المصير على غرار مصير أتلانتيك لندن كيت التي أغلقت أبوابها عنوة ومصادرة رخصة بومي علانية وبفجاجة .
سنة شهدت إضعاف أجهزة الأمن التقليدية (الشرطة )لصالح فيلق أمن الطرق الذي دأب على الجباية والتعامل مع المواطنين بقسوة وبالضرب والاعتداء أحيانا أمام المارة ،الشيء الذي قد يدعو إلى حله، لأنه نجح في إرضاء قادته والمزيد من إثرائهم، مع تعويق مكشوف لحركة المرور، وتلاعب بحرمات المواطنين .
فمتى كان القانون مدعوا للتطبيق دون تدرج وتسامح ولو نسبيا ؟.
لا شك أن للشرطة سلبياتها ونواقصها مثل كل المرافق ، إلا أن إضعافها إضعاف للمخابرات والقدرة على تتبع المخاطر محليا ، وهي رغم كل أخطائها أنجح من أمن الطرق في التعامل مع نفسيات وخصوصيات المواطنين ، مع ضرورة إصلاح حركة المرور ، دون أن يعني ذلك مجرد رفع سقف الجباية والضغط على جبين المواطن أرضا .
يتم هذا في وقت تستعد فيه السلطة القائمة لتفريغ الجيش من مضمونه العسكري النوعي ، بمحاولة إرسال كتيبة لحفظ السلام إلى إفريقيا الوسطى ، تضم خيرة الجنود والضباط ، تعدادها 500 فرد ، تتدرب الآن على يد الأمريكيين مدة أسابيع في "وادي الناقة" تمهيدا للتوجه إلى إفريقيا الوسطى في شهر إبريل من السنة الجارية.
وهو أمر إن تم سيعنى اختلالا كبيرا في مقدرات الجيش الموريتاني ،حسب العارفين به من أبنائه.
وللتنبيه تعتبر هذه الكتيبة من أحسن أفراد الجيش تدريبا وتكوينا ، ويعتبر إخراجها خارج حدود الوطن ، مصدر خطر على مستوى الجيش الموريتاني ، وبالتالي استقرار الوطن المهزوز أصلا.
فهلا راجعت الجهات المعنية هذه الخطوة المثيرة في أوساط الجيش نفسه ؟!.
وتتعدد الاحتجاجات وتتنوع دون مجيب ومستمع بجد ، حيث لا تخلو واجهة القصر الرئاسي من محتجين ومطالبين بحقوق ضائعة مهدورة .
ورغم أن الواقع العربي في بعض الدول التي حاولت شعوبها التحرر من ربقة الاستبداد لا يروق لنا، من حيث العنف وإسالة الدماء بغزارة في سوريا وليبيا واليمن وغيرها ،إلا أن الحكم الاستبدادي ،الذي يهجر العدل ويرسخ المحسوبية والقبلية وطيش الموازين ،لا يمكن الصبر عليه طويلا، وقد يؤدي إلى الانفجار المباغت .
إننا جميعا مسؤولون عن أنفسنا ومجتمعنا وترك الأمور على هذا الحال من الفشل والتسيب قد يفضي إلى تعطل تام في مسيرة الدولة، الشيء الذي قد يعني طبعا ما لاتحمد عقباه ،فهلا انتبهنا قبل فوات الأوان .
ولنستنكر دائما حالة العاصمة المهددة بمياه البحر،والتي كلما قطرت فيها قطرة مطر تحولت إلى برك ومستنقعات وبائية ،وقد لا يمكن أن ننسى بسهولة ماحصل من حمى غامضة ،لم تتمكن الجهات الصحية من تحديد هويتها بصراحة ودقة .
فنواكشوط بدون صرف صحي، ودون قدرات تذكر لصرف المياه ، في حالة هطول أمطار معتبرة ، ليكون المواطن هو الضحية ، صحيا واقتصاديا ونفسيا .
فإلى متى هذا العجز والتقاعس ، رغم الافتخار الزائف بالموارد المالية ومخزون العملات الرمزي .
واقع أشبه بالبيت الخرب ، فكلما أسند ركن سقط ركن آخر، إلى أن يتغلب الضعف والهوان فيعم الخراب لا قدر الله .
وفي قطاع الزراعة على ضفة النهر تتصاعد الصيحات بأن المستفيد الأول هو رجل الأعمال الوافد القوي على حساب الضعفاء القاطنين الأصليين، مع خصوصية للمقربين من السلطة عائليا، وبشكل مكشوف ، في القطاع الزراعي وفي كل قطاع تقريبا .
إنه طابع تسيير قبلي ، لايرقى لطابع تسيير الدولة والحياة الجماعية المنظمة المتوازنة .
واقع سيظل يدفع للمزيد من النقد والملاحظة والدعوة السلمية للمعالجة الجادة قبل فوات الفرصة ،حتى لا تحل ضربة لازب لاتبقي ولا تذر ، لأن عدم العدل عاقبته وخيمة ، كما هو معروف وبديهي .
ولكن هذا الواقع المزري المتردي ، لايمنعنا من توديع سنة 2014،راجين أن يتأملها الجميع ، بحكمة وعمق ،ونسعى بفعالية لإحداث تغيير إيجابي مشهود في قادم الوقت والزمن ،عسى أن تكون سنة 2015، سنة التخلص من أحادية الحكم والتسيير إلى فضاء العدل الحقيقي وإتاحة الفرص للجميع دون تمييز.