منذ بعض الوقت يتردد في الوسط الإعلامي الحديث عن إفلاس "موريس بنك" والمسؤولون أغلبهم في بلدنا لا يعيرون اهتماما لما يكتب في الإعلام، وأخيرا وقعت الواقعة أمام العيان فلم يعد بالإمكان التنكر لها، ودخل ولد مكي السجن أخيرا، بعد توقف زمني عند إدارة الجرائم الإقتصادية دام عدة
أيام حبلى بحديث الصالونات والتعليقات المفتوحة من كل فج، اختتمت بإقالة محافظ البنك المركزي، في جو من التساؤل عن مدى جدوائية هذا العدد المثير "18 من المصارف ومدى خطورة التسامح الفوضوي في شروط إنشائها، اعتراض جلب معه الكلام عن تواطئ "مسؤول البنوك" داخل البنك المركزي مع ولد مكيه "موريس بنك" وإعفائه المتكرر من "المقاصة" وعدم قانونية أساس إنشاء هذا المصرف أصلا، من حيث طبيعة ضمانته.
وللتذكير ساهم ولد مكي سابقا في إفلاس عدة مصارف منها في عهد ولد هيدالهUBD الذي إستلف منه الكثير من الديون، والتي ذهبت طبعا دون تسديد، ثم جاء "باسيم بنك" ليساهم أيضا في انهياره وتفليسه، وأخيرا وربما ليس آخرا "موريس بانك".
فهل ولد مكي هذا متخصص في هدم البنوك وإرزائها حتى النهاية؟!.
شيخ كبير حاول خديعة الرأي العام المحلي والخارجي، من خلال لبوس إسلامي مصرفي هش، بتسميته الإسلامية لبنكه الذي لم يعمر طويلا، رغم نجاح الإقتصاد الإسلامي في قطاع المصارف في تجارب عديدة خارجيا.
أحداث أكدت مدى هشاشة سياسة البنك المركزي وعدم المهنية والصرامة في تسيير هذا الكم الهائل من المصارف عندنا، والتي قد تؤدي أزماته المتلاحقة إلى ضربة قاصمة كلية للاقتصاد الوطني، إن استمر هذا التلاعب المفضوح المتصاعد.
ومن أجل علاج الأزمة استجلب عزيز "الحاكم العسكري الحالي" ابن عمه عزيز ولد الداهي المتزوج من بنت مكي لإصلاح ما فسد.
إذن أختلط الحابل بالنابل، وخصص ولد عبد العزيز على ما يبدو بقية عهدته لتحكم رجال أعمال مجموعته الأسرية في مصير اقتصاد موريتانيا وسلطتها النقدية الأولى "البنك المركزي"، فمهما قيل عن ولد الداهي المحافظ الجديد تظل بصمات الطابع الأسري واضحة لا تخفى، وتظل الريبة كذلك قائمة دون منازع.
فأين بقية اقتصاديي موريتانيا، وهل توقف الأمر على ولد الداهي وانحسر الاختيار عليه، لأنه مقرب عائليا وبقية الشروط المهنية الغائبة طبعا ليست ملحة ولا أولوية ربما في حساب مصدر التعيين.
كل المؤشرات تدل على تفلت الأمور -خصوصا في ساحة البنوك-وسط حديث عن أزمة على الأبواب لـ"سوسيتيه جنرال موريتانيا"، واحتمال انهيار أوسع في البنوك الأخرى، لأن العدد الكثير من الرخص ليس مبررا، ولا يمكن للسوق المصرفي أن يستوعبه.
لقد كشف ولد عبد العزيز عن طبيعة تفكيره، السجن للخصوم والمنافسين في ميدان المال من غير الأهل والعشيرة ورد الأمور إلى مجال الصواب والتوازان فقط عبر التعيين القبلي الفج.
ويبقى التلاعب بأموال المستثمرين على مستوى "موريس بنك"، فرصة للمزيد من انهيار سمعة الاستثمار الموريتاني في البورصة العالمية.
ولعل ولد عبد العزيز استطاع وضع اليد على الديناصور، الآكل لمال المصارف منذ نشأة موريتانيا وحتى اليوم، وإن تمكن عزيز من سجن ولد مكي إلا أن النظام الحالي لن يفلت من التأثر السلبي، ومازالت الغيوم لم تنكشف بعد، بعد أن استطاع ولد مكيه تسريب مليارات القروض الوهمية لصالحه، عن طريق زبناء وهميين أو مقربين جدا، استولى على المال من خلالهم.
وهي وظيفة يتقنها عبر طول الدربة والمراس.
تخطي ولد مكي محطات الخطر والإفلاس مرة بعد مرة، فهل يطيح به النظام القائم أم يطيح هو بالنظام نفسه، والأرجح أن يتأثر الطرفان بامتياز، بعد صفقة مرتقبة تتيح خروج ولد مكيه من السجن وتبادل بعض أوراق الربح والخسارة، مع استمرار القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني في دفع الثمن بالدرجة الأولى، دون رحمة أو سعي جاد لدرئ المفاسد الحالية والمنتظرة.
ومع استمرار أزمة "موريس بنك" مازال الحديث متواصلا داخل أروقة البنك المركزي، عن احتمال مثول المحافظ السابق للبنك المركزي أمام النيابة، صحبة مسؤول المصارف داخل البنك المركزي أيضا.
إذن الأزمة لم تنفرج بعد، والسجن قد يستقبل المزيد من "الضيوف" في هذا الملف المثير، دون أن يعني ذلك العقاب الجاد، وإنما فقط التصعيد المؤقت الاستهلاكي لتمرير المخرج من المذلة والمهزلة المصرفية الراهنة المدوية.