ماذا وراء قبول النظام بانتخابات مبكرة؟ / سعدبوه ولد الشخ محمد

يبدو أن النظام، والمعارضة في موريتانيا اكتسبا خبرة، ومرانا في الحوار بين بعضهما البعض، ومع أن كلمة " الحوار" قد تكون من أكثر المفردات تداولا على ألسنة السياسيين، إلا أن هذا الحوار المنشود لم ير النور بعد، على الأقل بشكل ينهي السجال السياسي الداخلي لكن المثير في الأمر هو

 أن النظام، والمعارضة اختارا ـ عن قصد أو غيره ـ خوض جولات الحوار بينهما عبر وسائل الإعلام، بدل قاعات قصر المؤتمرات، كما جرت العادة.
فمعظم أنباء الحوار تستقى من الإعلام،بدل الأطراف الرسمية، وكانت أهم المفاجئات في هذا الإطار إعلان الوزير الناطق باسم الحكومة يوم الخميس الماضي استعداد النظام لانتخابات رئاسية مبكرة، وكان واضحا حرص الوزير على تأكيد نقطتين في هذا السياق، الأولى استعداد النظام، والأغلبية لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، والثانية التأكيد على أن تلك الانتخابات هي مطلب من المعارضة، وليست مطلبا للنظام.
وقد رأى المراقبون في تصريحات الناطق باسم الحكومة بالون اختبار للمعارضة، فحتى لو افترضنا جدلا أن الرئيس الموريتاني قبل مبدأ انتخابات رئاسية مبكرة، فمن غير الوارد، ولا من الحنكة السياسية أن يعلن النظام قبوله لهذا المطلب الهام عبر وسائل الإعلام، وحتى قبل بدء الحوار رسميا مع المعارضة، إذا فوراء تصريحات الناطق باسم الحكومة مئارب أخرى.
وكما كان موقف النظام هذا عبر تصريح في مؤتمر صحفي ردا على سؤال لصحفي، جاء رد منتدى المعارضة أيضا عبر تسريبات صحفية، وليس في وثيقة رسمية، وسرب المنتدى رفضه لتعديل الدستور بما يسمح بمأمورية ثالثة لولد عبد العزيز، وتوجس المنتدى خيفة من " سخاء" النظام الزائد في قبول مطلب الانتخابات المبكرة، لتبقى مواقف الطرفين في مرحلة جس النبض، واختبار النوايا المتبادل، والمناورات.
ما يؤكد فعلا وجود أزمة ثقة بين الطرفين، تجعل النظام يتهم بعض المعارضة بمعارضة الحوار، والأخيرة تتهم النظام باستغلال الحوار لفرض أجندته، وإسكات معارضيه، ومن الواضح أن خيارات النظام تبدو أكثر، وموقفه أكثر أريحية من المعارضة الراديكالية، فهو لديه انتخابات رئاسية، وتشريعية حققت له الأغلبية، وجعلته في وضع دستوري مشروع، رغم مقاطعة بعض أحزاب المعارضة تلك الانتخابات، بينما تبدو المعارضة المقاطعة في وضع لا تحسد عليه، فهي خارج السلطة بأي معنى، بحكم غيابها عن البرلمان، والمجالس البلدية، ورهانها على الشارع أثبت فشله،  باعتراف بعض أقطاب المعارضة، وهو ما بدا جليا من خلال السبات العميق الذي تعيشه المعارضة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث توقفت ـ تقريبا ـ أنشطتها الجماهيرية المعارضة للنظام.
كما أن إقدام الوزير الأول يحي ولد حدمين على بلورة وثيقة سياسية، وتقديمها للمعارضة، جعل الكرة في مرمى الأخيرة، وأظهر جدية الحكومة في الحوار، بل وامتلاكها لرؤية سياسية جاهزة، بينما بدت المعارضة مبعثرة، وتعاني من مشاكل داخلية مزمنة، ليس أقلها التباين الواضح بين منتدى المعارضة، ومنسقية المعارضة ـ أبرز إطارين للمعارضة في البلاد ـ فالمنسقية التي يديرها الإسلاميون تبدو مقتنعة بالحوار مع النظام، واتباع طريق الاقتراب ـ حتى لا نقول التقرب ـ من النظام، في حين تصر المنسقية على التمسك بئاليات الماضي، وترديد أدبيات السنوات الفائتة، والتشبث بخيار الصدام مع النظام، رغم عدم امتلاكها القدرة على ذلك.
وفي انتظار أن تحسم المعارضة، أو المعارضات موقفها النهائي من الدخول في حوار مع النظام، يواصل الأخير تسيير شؤون البلاد، غير عابئ بصراخ المنتدى، وقد ضمن مأمورية ثانية من خمس سنوات، قد تكون قابلة للتجديد هذه المرة بطلب من المعارضة، للمفارقة.

25. يناير 2015 - 23:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا