عرفت الساحة السياسية في الآونة الأخيرة تداولا غير مسبوق لحوار مرتقب يفرضه ظرف الزمان وطبيعة المناخ السياسي السائد وإكراهات الواقع و الوقائع ، هذا التداول أنعشته و عززته بعض التسريبات الإعلامية منها المستند إلى مصادر مطلعة ومنها المبني على التحليل
كل ذالك أفضى إلى أن الساحة الوطنية باتت جاهزة و مهيأة ما فرض على أطراف المشهد وضع حد لهذا السجال و رسم بعض المواقف لتأتي مبادرة الحكومة من خلال بلورة وثيقة سياسية و تقديمها للمعارضة و كذالك تصريح وزير الإعلام في مؤتمر صحفي وإعلانه عن استعداد النظام لانتخابات رئاسية مبكرة كسنام للوثيقة تجاوبا مع مطلب للمعارضة كخطوة أولى نحو المنشود فاجأت المتتبع في سقفها و أزعجت الطرف الآخر في مداها و "سخائها" ليزداد الأمر إثارة للمتتبع
إلا أننا وفي انتظار رد الطرف المطالب بالحوار لمسنا من خلال كتابات و أطروحات بعض الداعمين والمتعاطفين مع المعارضة الكثير من التردد و التخوف إلى جانب انزعاج و تلعثم المعارضة أمام صيغة الوثيقة المقدمة من الأغلبية الرئاسية ما ولد لدي شخصيا التساؤلات.التالية :
١- هل يعكس هذا التردد و التخوف اللذين ينتابا الداعمين والمتعاطفين مع المعارضة عدم ثقتهم في قدرتها و أهليتها لخوض حوار سياسي يحقق و يجسد الضمانات والأهداف التي تصبو إليها أم إنهم يرونها قاصرة عن مجاراة النظام في حوار سياسي لا إكراه فيه وإن كثرت إكراهات الحاجة إليه ، ويراهنون على خروجها كالضحية المستغلة من قبل نظام يصفه بعضهم بأوصاف منها أنه نظام الفرد الذي يفتقر للحنكة والتجربة...؟!
٢- هل يعكس انزعاج المعارضة من الوثيقة بسقفها أنها لاتمتلك رؤية واضحة وطالبت بالحوار دون أن تجمع وتحدد حول ماذا ستحاور ولبلوغ ماذا ،
وهل تعكس بعض التصريحات الرافضة للمساس بالدستور و التي أعقبت تسلم الوثيقة، أن المعارضة تعرف بعض ما لا تريد ولا تعرف ما تريد
٣- هل ستبقى المعارضة ممثلة في طرف واحد من طرفي الحوار المنشود أم أنها ستتحول إلى معارضات نظرا للتباين في الرؤى و المشارب و المقاصد
٤- ألا تعكس مبادرة الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز من خلال كونها السباقة لبلورة وثيقتها و تقديمها عبر الحكومة إضافة لما تضمنته من استعداد و انفتاح يعكس بجلاء امتلاك هذه الأغلبية لرؤية واضحة ويؤكد حرصها على كل ما قد يوسع المشاركة و يعزز اللحمة الوطنية
وفي الأخير أرجوا من أطراف المشهد التحلي بالإيجابية و الواقعية وأن تنظر إلى الأمام دون النبش في الماضي و العودة إلى الوراء و القياس على سوابق متعددة التأويل وكل هذا حرصا على المصلحة العليا للوطن وسعيا لما فيه خير البلاد و العباد دون البحث عن الغالب والمغلوب فالوطن هو الغالب في الإجماع و المغلوب بالتشتت و التصارع