ذكرت في مقارنة سابقة بين الرق في المجتمع المسيحي واليهودي واليوناني وبين ما يحصل في موريتانيا من إذلال للنفس البشرية التي شرفها الله وفضلها على كثير ممن خلق تفضيلا وكيف استنسخ بعض هذه المجتمعات معاملته للعبد من معاملة البعض إذلالا و امتهانا وإخراجا له من دائرة الإنسانية
. لكن إصرار مشرعي هذه الظاهرة في موريتانيا على أن المصدر الوحيد المتبقي لها والذي يحمل طابع الشرعية يرجع إلى حملات جهادية و أن شيئا من ذلك حصلت ذات يوم على هذه الأرض بغية نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله و ذلك لعمري مخرج مسدود وقول من قال به مردود لان جهادا شرعيا لم يقم في هذه البلاد لانتفاء قيام حكم إسلامي بها يبرر مشروعية الجهاد, ولم تصلها الفتوحات الإسلامية لا الأموية و لا العباسية لذلك فان البلدان التي تم غزوها تحت أي كان من هذه المبررات_ باسم الدول الإسلامية التي قامت متأخرة في المنطقة _لم يستفد أهلها مما تضمنه حديث سيد المجاهدين محمد صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله فإن شهدوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد كان صلى الله عليه وسلم يوصي جيوش المسلمين الخارجين إلى الجهاد بان لا يقتلوا امرأة و لا شيخا ولا صبيا ولا يقطعوا شجرة , فكان دخول أهل هذه البلدان في الإسلام لم يعصم دماءهم ولا أولادهم من الأسر والاستعباد .
ما حصل إذا في هذه البلاد كان مطابقا في نتائجه للغزو في شرائع اليهود ولم يتقيد بآداب وضوابط الجهاد في الإسلام.
جاء في العهد القديم الإصحاح العشرين كتاب التثنية ما نصه " حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدع أهلها إلى الصلح فان أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكونون لك للتسخير ويستعبد لك و إن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يديك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف و أما النساء و الأطفال والبهائم وكل ما في المدينة وكل غنيمتها فتغنمها لنفسك و تأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك " في عنف وقسوة لا يماثلها إلا معاملة العبيد عند البيظان حيث يدفن العبد في رمال الصحراء الملتهبة في عز الحر إذا لم يستطع خدمة عشرة اسر تتقاسم ملكيته أو اظهر إحساسا بالتعب .
على عكس المجاهدين في الإسلام فلم يكون يكرهون أحدا في الدين ومن رفض الدخول في الإسلام ولم يقاتل المسلمين يدفع الجزية مقابل تأمينه من طرف جيش المسلمين وحماية كرامته من الاهانة وقد حصلت أمثلة ممن دخلوا الإسلام مجاملة لان لا اله إلا الله تحرم دماءهم و أموالهم و أعراضهم على المسلمين و إلا فما مكان تأنيبه صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حين قتل رجلا كان يقاتل المسلمين فلما تمكن منه أسامة لاذ بشجرة وقال لا اله إلا الله لكن أسامة قتله فقال له رسول الله " أقتلته بعد أن قال لا اله إلا الله" وظل يكررها حتى قال أسامة ليتني لم أكن ولدت قبل اليوم .
لم الجأ إلى هذه المقارنات اعتباط لكن استحالة ربط أي شيء في هذا البلد بما يعاش في محيطه وعدم وجود أصل لشيء مما يقام به هنا في البلدان التي نعتبرها جذورا لنا حير المهتمين قبلي و ألهمني, فقد عرفت العبودية في الكثير من المجتمعات القديمة والمعاصرة اقصد غير المسلمة ولم يعد اليوم من وجود لهذه الممارسات سوى بعض الآثار التي أصبحت مصدر مسبة لهم ويسعون جاهدين لتجاوزها أما في بلاد الإسلام فقد قضى دين الإنسانية على جميع الممارسات المهينة للبشر الذين كرمهم الله و لم يعد من وجود للعبودية , فهل الإنكار الرسمي لها في موريتانيا هو اخذ بشرع الله أم محاباة و إرضاء للغرب وهل لنا إن كانت العبودية عندنا شرعية أن ننكرها لنرضي الغرب بمخالفة شرع الله .