القيادة الوطنية تنصف التاريخ / عبد الصمد ولد أمبارك

أقدمت القيادة الوطنية هذه الأيام علي قرار تاريخي فريد من نوعه في تاريخنا المعاصر،تجسد في تسمية مطار أنواكشوط الدولي الجديد بالمطار الدولي أم التونسي،كمعلمة تذكارية للمعركة التاريخية التي خاضتها كوكبة من المقاومين ضد الإحتلال الفرنسي.الشيء الذي يستحق الإشادة و التقدير

 بمثل هذه القرارات الشجاعة،التي ترد الإعتبار المعنوي و الأخلاقي و المادي لفترة مضيئة من قيام الدولة الوطنية ، تنضاف لتسمية الشوارع و تكريم أبطال المقاومة و الترحم عليهم في الأعياد الوطنية.
وهي المناسبة ذاتها التي خطر ببالي كسائر أبناء المقاومة الوطنية أن أكتب للتاريخ ما سطره أمجاد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الأجنبي ، الذين رفعوا راية الجهاد أمثال: الشيخ ماء العينين ، بكار ولد اسويد أحمد ، أعل ولد ميارة ، سيد ولد مولاي الزين ، أحمد ولد الديد ، سيد أحمد ولد أحمد عيده ، فودي ادياكيلي ، الحاج عمر تال .... ، ونظرائهم في الشمال الموريتاني الذين قادوا المعركة الفاصلة في منطقة أم التونسي على بعد 80 كيلو متر شمال شرق العاصمة انواكشوط فجر الأربعاء 18 أغسطس 1932م الموافق 14 ربيع الثاني 1351 هجرية بقيادة المجاهد سيد ولد الشيخ ولد لعروصي الدليمي.
كان عدد المقاومين 120 من الشمال الموريتاني أساسا ، أما القوة الإستعمارية فكانت 170 جندي مدججة بالسلاح والعتاد الكافي بقيادة النقيب ديلانج و مساعده الملازم باتريس د مكماهون نجل الرئيس الفرنسي أنذاك ، الذي قتل في هذه المعركة على يد المجاهد أحمد ولد الخطاط ، بالإضافة إلى خمسة ضباط فرنسيين هم : ليسيئان أفرانسوا ، باتار رني، مارك جوزيف ، نيكولاي بيير، فونتانا جاه .
لقد تكبدت القوة الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات تجسدت في أكثر من أربعين قتيل وعشرات الجرحى و الأسرى بالإضافة إلى غنمي أكثر من خمسين جملا مجهزة بالأسلحة ومدفع رشاش على جمل أبيض و أزيد من سبعين بندقية وولت تجر أذيال الهزيمة من حيث أتت ، مما أثار سخط باريس . هذه المعركة التاريخية للمقاومة الوطنية غيرت مجرى الأحداث وأعادت الحسابات الاستعمارية من جديد ، وأذاقت المستعمر درسا جهاديا بطوليا ، بقي وإلى الأبد مكتوبا في الذاكرة الجماعية لأبناء المنطقة عموما ، الذين سجلوا أروع مثال للإخلاص والتفاني النضالي عبر سطور جهادية كتبت بأحرف من ذهب للأجيال الحرة والشريفة فوق أرض زكية بدماء الشهداء الأبرار دفاعا عن حرمة الوطن و الدين الإسلامي ، مضحين بأنفسهم مقابل أن يعيش الإنسان الموريتاني حرا مستقلا ، إسهاما في الإنعتاق والتحرر ، مؤكدين في نفس الوقت روحهم النضالية ووطنيتهم الذاتية الرافضة للوجود الأجنبي .
قبل أن أخوض في المغزى الأساسي لهذه المعركة والنتائج البينة التي حققتها على أرض الواقع في خضم حرب التحرير ، أود أن أذكر بأسماء من شاركوا في هذه الملحمة الكبرى ، الذين لم يبقى منهم على قيد الحياة سوى مقاوم واحد هو أحمد ولد بوهد اللبي الموجود حاليا في مدينة أكجوجت ، أما البقية التالية أسمائهم فقد ودعوا هذا العالم إلى عالم البقاء رحمهم الله وتقبلهم في جناته مع الشهداء والصديقين وهم :سيد ولد الشيخ ولد لعروصي الدليمي ، ابراهيم السالم ولد ميشان ، حمادي ولد أمبارك ، عبد الصمد ولد أمبارك ، السود ولد أمبارك ، أمربيه ولد أمبارك ، باهية ولد عين ولد شكاف ، محمد ولد علين ،عالي ولد مشنان ، محمد عالي ولد البيكم ، محمد ولد اعل ولد ميشان ، لفغير ولد أعمر ، أحمد ولد سيد أحمد ولد ميشان ، الكوري ولد اعل ولد ميشان ، الشيخ ولد بكار ، بركه ولد أعمر ، سعيد ولد احمد لعمر ، سيداتي ولد الناجم ، الشيخ أمبارك ولد بوسيف ، ألمين ولد أميمو ، سيد محمد ولد ابيه ولد بكار ، محمد ولد عبد الله ولد الناجم ، اعل ولد أمبيريك ، ابراهيم ولد ابيه ، الشيخ ولد أمبيريك ولد بكار ، الشيخ ولد أحنان ، باهيه ولد الحافظ ، السييد ولد بوسيف ، الدو ولد ألمين ولد بوسيف ، فاضل ولد بوسيف ، حمدي ولد بوسيف ، محمد ولد سيد باب ، احمد سالم ولد اكريميش ، محمد ولد عند الله ، محمد ولد باهيه ، ابراهيم السالم ولد الخطاط ، كنة ولد الشيخ ولد لعروصي ، اعل ولد احمين ، اسويليمه ولد الفراح ولد باهيه ، عبد الله ولد الخطاط ، سيد ابراهيم ولد احمين ، حم ألمين ولد الفراح ولد باهيه ، أحمد ولد الخطاط ، عبدات ولد الخطاط ، محمد ولد احمد منهنون ، كبادي ولد المهدي ، بيحن ولد ابهاي ، محمد ولد البخاري ، عيناة ولد محمد يحظيه ، السالك ولد امحمد ، محمد ولد ابهاي ، محمد ولد هيبه ، لعروصي ولد هيبه ، محمد ولد اسكنه ، أحمد ولد الديش ولد لحبيب ،أسكنه ولد أحبيب، ألمين ولد حبيب ، الكوري ولد أحمد منهنون ، سيد احمد ولد الشين ، احمد باب ولد لحبيب ، محمد لمين ولد احمد باب ولد الخطاط ، محمد سالم ولد ابهاي ، سيد احمد ولد الكوري ولد اعل ، سيد احمد ولد البشير ، الصديق ولد السملالي ، سلمن ولد احمد زين ، الشيخ ولد المحبوب ، السنكير ولد المحبوب ، اعل ولد الحسن ، سيد ولد اجيرب ، بنها ولد الرميثي ، أحمد ولد الكوري ، محمد ولد البشير ، حمادي ولد الشيخ ولد احمد باب ، عبد الفتاح ولد العالم ، الشيعة ولد لعبيد ، احمد ولد الصلاي ، محمد ولد حمو ، عبد الفتاح ولد حمو ، محمد لمين ولد اللبيب ، أعمر سالم ولد اعمر سالم ، الشيباني ولد بوبكر ، محمد ولد النيسبوري ، حمود ولد اعمر ، خطري ولد سيد احمد ولد صمب ، احمد ولد ابوه ، سيد محمد بن احمد باب بن الشيخ المخطار ، انوينو بن لحريطان بن الشيخ المخطار ، محمد ولد احمد مرحب ولد طينش ، احمد سالم ولد دينه ، عمير ولد اعل ولد احمد ، سيد ولد الغاظي ، فنان ولد بكار ، محمد ولد الكوري ، محمد صالح ولد بوعلة ، أحمد ولد بوهده ، الكيحل ولد التروزي ،محمد لعروصي ولد اسويدي ، علالي ولد رمظان ، لفظيل ولد عمار ولد احميده ، اعل سالم ولد اسعيد ، احمدناه ولد خطاري ، سيد محمد ولد عمار ولد امحمد ، يسلم ولد الفاظل ، اللوه ولد برهاه ، المصطفى ولد اهويدي ، محمد ولد سيد ألمين ، شياخ ولد الشيخ عابدين ، محمد ولد بو كراع،ولد أفيل الغيلاني.
قد استشهد في هذه المعركة 17 مجاهدا هم : سيدي ولد الشيخ ولد لعروصي ، حماد ولد امبارك ، اسويليمه ولد الفراح ولد باهيه ، كنه ولد الشيخ ولد لعروصي ، عبدالله ولد الخطاط ، اعل ولد احمين ، عبد الفتاح ولد العالم ، سعيد ولد أحمد لعمر ، ابراهيم ولد ابيه بن بكار ، الشيخ ولد بكار ، الشيخ ولد احنان الدليميون ، سيد محمد بن احمد باب بن الشيخ المخطار ، انوينو بن لحريطان بن الشيخ المخطار السباعيان ، محمد بن الكوري ، سيدي بن الغاظي اللبيان ، المصطفى بن اهويدي الرقيبي ، احمدناه بن خطاري الزرقي.
لقد شكلت هذه المعركة فصلا آخر من المقاومة المسلحة ضد المستعمر الأجنبي وحلقتا فاصلة في انتشاره شمالا على الرغم من التحالفات والدسائس المتنوعة التي حاول المستعمر إدخالها إلى المنطقة بشتى الوسائل ، والتي باءت بالفشل
وتبعتها خسائر ومعارك ضارية في مناطق متفرقة أجبرت المستعمر على عدم الاستقرار.
تجدر الإشارة أنه خلال الفترة الممتدة ما بين سبتمبر 1931م إلى سبتمبر 1932م شنت المقاومة 13 هجوما عنيفا في كافة أنحاء البلاد، الأمر الذي أزعج السلطات الفرنسية واعترفت أنها خسرت في هذه الهجمات 25% من قوة ضباطها، 35% من ضباط الصف، 20% من الرماة، 12% من أداء الحرس. بلغت المقاومة الوطنية أوج ازدهارها في التنظيم والبراعة في القيادة والتخطيط المحكم مع الإرادة الصلبة والعزيمة الثابتة على دحر المحتل ورحيله بصفة نهائية حتى سنة 1934م.
تواصل النهج النضالي بأشكاله السلمية التي لعبت دورا محوريا في تنوير الرأي العام الوطني والدولي ، حيث كان للقلم دوره التاريخي ومكانته التقليدية إلى جانب ما سبق ظهرت الروح السياسية حيث بدأت تلوح في الأفق بوادر المطالبة بالاستقلال والانفصال النهائي عن منطقة المستعمرات الفرنسية لأقاليم ما وراء البحار التي كللت بعدة جهود مضنية ، لجيل آخر وبكل حكمة وحنكة إلى الاستقلال التدريجي كانت خاتمته الإعلان في 28 نوفمبر 1960م عن الاستقلال الوطني.
نحن جيل ما بعد الاستقلال نحتفل اليوم بمرحلة عظيمة مليئة بالعطاءات والتضحيات الجسام ، علينا تقع مسؤوليات جسام في الحفاظ على هذا الموروث الجماعي ، كما يجب علينا مواصلة المسيرة الوطنية في البناء ، مخلصين بذالك لأرواح من حملوا السلاح نيابة عن الأمة وغيرة على الوطن.
اليوم في ظل الدولة القومية المركزية يتحتم على الجميع بذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق التنمية المستديمة والرفاه الاجتماعي ، مع خلق الآليات الكفيلة بإدماج الجميع في عملية المشاركة السياسية الشاملة ، المؤسسة على دولة الحق والقانون،تجسيدا لمصالحة موريتانيا مع ذاتها.

4. فبراير 2015 - 8:57

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا