مجلس الوزراء الأخير: هل انتهت مسرحية الشباب؟ / دداه محمد الأمين الهادي

جلس الإداريون المدنيون الجدد القرفصاء أمام وسائل الإعلام المختلفة، بحثا عن شاردة خبر يتحدث عن مجلس الوزراء الأخير، وهو المجلس الذي يعد رقما بسيطا في عدد مجالس الوزراء السابقة، التي انتظروها بحثا عن أمل يلوح في ترقية أفراد الدفعة الأخيرة، الذين بحسبهم توجد في الأنظمة

 مساحة تسمح بتعيين مجموعة منهم تصل 1% أو أكثر بقليل، على أسس منها التفوق في التكوين والتدريب، ومنها قناعات وزير الداخلية واللامركزية.
الدفعة الجديدة فوجئت بتعيينات حطت فوق مضرب المثل عند العرب "السبعين"، وناهزت الثمانين فوقيا، ولم يظهر من ضمن التشكيلة الجديدة المعينة إداري مدني واحد من دفعة الشباب، المتخرجة في العام المنصرم، وهو ما جعل الشباب في حالة من الإحباط، والشعور بالغثيان والإرهاق من مسيرة طويلة في النضال لا حد لها، ولا تقف على بر الأمان لحظة واحدة، فهم درسوا حتى بلغوا من العمر مبلغا ضاربا في الحدود الفاصلة بين الشباب وما بعده، و جاءت الوظيفة بعد أن حاولها معظمهم لسنوات وسنوات، وجاءت معها حياة الاستشهاد في التدريب المضني، فرجعوا القهقرى إلى مدارس التكوين العسكري، ومن الصعب جدا تدريب مجموعات وصلت قرابة المنتصف العمري لمتوسط العمر عندنا، وزاد بعض أفرادها عليه.
الإداريون المدنيون الجدد كانوا يعتقدون أنهم سيحظون بفرص جيدة مع التخرج كالقضاة، لكن ربما عليهم الصبر، فالقطاعات الحكومية تتفاضل وتتفاوت، و الحظ المبتسم هو النادر في المعادلة الوطنية، وإلى جانب حالتهم تقوم حالات كثيرة، فشباب الصحافة، وشباب وزارة الخارجية لم ينل حظه هو الآخر، وقد تخرج في ذات الزمن، الذي تخرجوا هم فيه، وكثير من شباب المالية يعيش ملحقا في أماكن لا يعمل بها إلا الحضور في المعاطف البالية.
والنموذج المثال هو شباب وزارة الشباب، فقد اكتتب في زمن الشباب والرياضة، وحظي بعد أربعة أعوام، عامين في التكوين، وآخرين في التسكع في الوزارة بتقسيم مشابه للحاصل في المالية، حيث ألحق معظمه آنذاك بإدارات لا يعمل بها إلا زيارة إدارات تشبه في تهالكها مدنا قديمة، لم يبق منها إلا الغبار، ونتوءات مكتبية، وأحيانا يصل مفتش شباب إلى أغوار الوطن، فيجد الغبراء إدارة تستقبله، في ظل زهادة الأجور.
والملفت أن وزارة الشباب عينت هي الأخرى مجموعة من الأطر، في مجلس الوزراء الذي أغلق ملف تعيينات الإداريين المدنيين، بحيث تنام وتصحو، ولا يزال أحمد/بداها-صديقي العزيز- يقرأ في الموريتانية بيان تعيينات الداخلية، ولا ظهور لشباب في الحدث الأسبوعي.
ووزارة الشباب أيضا غيبت الشباب تماما، ولكنها عينت شخصيات تحظى باحترام شباب الوزارة على غرار سيد محمد/الطالب، الإطار المقتدر في القطاع، وستعين قريبا مجموعات أخرى نظرا لكثرة الوظائف الشاغرة في الوزارة، والسؤال المطروح: هل ستلتفت وزارة الشباب للشباب؟ ... وإذا كانت وزارة الشباب تنسى الشباب أفلا تكون الوزارات الأخرى معذورة في تجاهله؟ ...
يحصل الحدث المشار له في ظرفية تعج بالحديث عن انتخابات قريبة، وتتجاذبه السياسة، وهو ما يعني أن التعيينات تأخذ بالحسبان عامل السياسة، وتتجنى على عامل المهنية، وتتنكر للتزامات أساسية أطلقها الرئيس محمد/عبد العزيز، واعدا من خلالها الشباب بالتمكين له، وهو ما لم يحصل حتى الساعة، فالمجلس الأعلى للشباب لا يزال حبرا على ورق، وتوطين الشباب في الحكومة ظل نفخة في رماد، ومن الوارد في السياق أن تكون قضية الشباب كلها صيحة في واد.
وكانت الوزيرة التي وصفها معارضوها بضعف الشخصية حليمتا/صو قد عينت شبابا في وزارة الشباب، وبدأت مسيرة مهمة، فتحت فيها صفحة جديدة مع الشباب، وأمل فيها الشباب خيرا، لكنها أقيلت في ظل حملات طالتها إعلاميا، وينعقد الأمل حاليا على الوزيرة كمبا با في التمكين للشباب، فهي موصوفة بالقرب من صاحب القرار الأول، وصاحب القرار الأول كثيرا ما عبر عن ضرورة إشراك ومشاركة الشباب، ولا شك أن كمبا با ستوضح من خلال ما تقوم به في وزارة الشباب حقيقة النيات الحقيقية في مجال التمكين للشباب.
ويبقى السؤال الوارد حاليا بقوة هو: هل كانت قضية الشباب مجرد مسرحية انتهت بعد الحملة السابقة؟ ... وهل نحن قادمون إلى مسرحية أبطالها الكهول والعجزة؟ ...

6. فبراير 2015 - 8:58

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا