نطوان دوسان اكزيبوري طيار فرنسي انبهر بحياة الصحراء يعتبر كتابه أرض الرجال من أشهر الكتب الفرنسية في القرن العشرين يتحدث فيه عن أرضنا فيقول : هكذا هي الصحراء إنها مثل القرآن الذي هو قواعد وقوانين قادرة على تحويل التراب إلى إمبراطورية ... وفي عمق الصحراء الكبرى
التي نظنها خالية تدور لعبة خفية تحرك مشاعر البشر العميقة، فحياة الصحراء ليست كما نظن مجرد تنقل رعاة يبحثون عن الكلأ ... هي أكثر من ذلك بكثير ...
أوديت بيكودو هي الأخرى عشقت الصحراء وعبَرت موريتانيا حافية القدمين تقول إنها اكتشفت هنا معاني الصداقة والعمق والهدوء..
جيزيل سيمار انتربولوجية كندية جاءت إلى هنا في عقد التسعينات تقول إنها رفضت عدة عروض لدراسة المرأة الموريتانية لكنها قبلت في الأخير لتفاجأ بهذا الإنسان الذي تلتقي فيها ثقافات عدة ويتأقلم بسرعة مع متغيرات الزمن.
تلك بعض انطباعات المستكشفين الذين واكب بعض منهم اللحظات الأخيرة من الإحدى عشر قرنا التي عاشتها هذه البلاد خارج سلطة الدولة .
أما موريتانيا الحديثة فقد تأسست بقرار من المستعمر الفرنسي الذي زرع لدى النخب السياسية قيم القبلية والجهوية والشرائحية من خلال النظام الإداري الموروث عنه .
عفوا أنطوان من هجروا الصحراء وسكنوا المدن تحت يافطة الدولة مجرد باحثين عن الكعك : زبونية في الأحزاب السياسية في الصحافة في المنظمات غير الحكومية في النخب وميكيافليون حتى النخاع ، السياسة عندنا مجرد صراع بين الأفراد والمجموعات يؤدي إلى اللجوء إلى جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة ،ونلجأ مع ذلك إلى القوانين والأخلاق في حالات الشدة . كل الوسائل متاحة : المدح والذم والسب والقذف و التنابز بالألقاب :الغاية تبرر الوسيلة.
الحوار وما أدريك مالحوار ؟ رنة مملة لكنها أيقظت هذه المرة أنفسا كادت تغيب في ظلمات التيه من أمثال حماة الدستور الذين جربوا القفز في الظلام مرة عندما اعتصموا بحبل الربيع العربي.
أما نحن المتفرجون فلم نسمع بعد بأدب الحوار الذي لا يعني بالنسبة لنا قول الكلام المناسب في الوقت المناسب بل أيضا السكوت عن الكلام غير المناسب في الوقت المناسب.
وختاما فإن بلدنا موريتانيا ليس بمنأى عن ما يحدث في محيطه الإقليمي من تغيرات وهو بلد غني بثرواته ومقدراته متسع لجميع أبناءه فعلى الجميع حسن تدبير الاختلاف وبناء حوار يفي بروعة الهدوء.