بأي وجه عدت يا شرطة ؟ / حامد أحمد جباب

خلال السنوات الأخيرة غاب قطاع الشرطة  الموريتاني عن المرور وحلّ محله ما عرف بالتجمع العام لأمن الطرق وهو قطاع شاب في جل عناصره إلا أن قطاع السائقين صب عليهم جام غضبه  لوقوفهم له بالمرصاد كمنظمين للمرور ومحصلين للضرائب التي يعتبرها المواطنون بصفة

عامة جبايات تؤخذ دون تقديم الخدمات المأخوذة لها أصلا .
إلا أن المنصفين من المتابعين لقطاع أمن الطرق يرونه بعين مختلفة ويتفهمون بعض الأخطاء السلوكية من بعض الأفراد ويردونها إلى نقص الخبرة مع مجابهة شعب لا يعرف إلى الالتزام بالنظام سبيلا .
ومن وجهة نظري لو لم يكن في قطاع  أمن الطرق إلا إيجابيتي _ بسط هيبة الدولة المفقودة بسب الرشوة والمحسوبية , ونقذ قطاع الشرطة من الورطة والنظرة الدونية من المواطن التي سببتها بعض تصرفات شرطة المرور والتي كانت تخرج عن الأخلاق والقيم العسكرية_ لكفتا لرفع القبعة لشباب أمن الطرق رغم كل التحفظات.
فأمن الطرق أتوا في لحظة بلغت فيها شرطة المرور أو أغلب أفرادها مرحلة من الفساد والطمع والجشع مالا يمكن تصورها وهذا ما ساهم في خلق هوة بين الشرطة والمواطن وبذلك انتشرت الجريمة بسب عدم تعاون المواطن مع الشرطة لأنه لا يثق فيها أصلا بل وصل ببعض العامة أن بات تتهم الشرطة بالتعاون مع اللصوص بدل صدهم عن تلصصهم وهو أمر لا يقبل منطقيا لكن يمكن فهمه من خلال نفسية المواطن العادي حيث لا يحتك بالشرطة الا عن طريق سفراءهم في الشوارع فكانت أخطاؤهم قاصمة لظهر قطاع بكامله .
فهل ستستفيد الشرطة من الفترة لبناء الثقة بينها والشعب بقبضها قبضة من حديد على يد شرطة المرور حتى لا يعودوا لسابق عهدهم؟
وأعتقد أنه لا بد من تحقيق مطالب آنية لجعل حجابا مستورا بين شرطة المرور وماضيها القريب المظلم ومن أهم تلك الاقتراحات:
1_ إبعاد الوجوه القديمة التي أقام بعضها شبه جمهوريات ثابتة في بعض ملتقيات الطرق.
2_ ضخ شباب مع أصحاب خبرة وماضي محترم ومراقبتهم وتبديلهم بشكل دوري فالوطن يحتاج لشرطة خادمة لا شرطة طماعة .
زيادة رواتب الشرطة لقطع الطريق أمام الرشوة وتكون عقوبة المرتشي التسريح والغرامة والتشهير كما يعاقب كذلك الراشي ليرتدع المدني عن الرشوة المحرمة شرعا.
وقبل أن أخلص إلى سطور تثقيفية للقارئ عن قطاع الشرطة حق لي أن انبش ذاكرتي لأسرد موقفا محرجا مع قطاع شرطة المرور في مرحلته المظلمة .
ذات يوم كنت مع أحد الأصدقاء في سيارته أشار إلينا شرطي المرور بالتوقف عند ملتقى طرق  مدريد
فتح باب السيارة الخلفي وركب دون مقدمات قال أنا اخترت ان اعترض طريقكم قبل ذلك الشرطي حتى لا يزعجكم ونعته بنعت عنصري فئوي ثم طلب ثمن الشاي , انزعجت وقلت له أخي انتما تلعبان بطريقتكما وتنسقان لتحصلوا قوت عيشكم بطريقة خبيثة وغير وطنية ، سألته هل تقدر حجم ما تستحقه من عقوبات على أثر هذا الخطاب العنصري وانت ترتدي زي الشرطة الوطنية ، قال لي على طريقة الموريتانيين الساخرة والمتهربة من الواقع "خلين من الثقافة " وخرج محرجا.
نعم هذا نموذج في قمة الخطورة من أخطاء الشرطة المرورية ناهيك عن الرشوة والتهاون مع العقوبات على مسمع ومرأى من الجميع .
حينها تأكدت أن الشرطة في تلك الفترة تعاني من خلل في التكوين والانتماء وغياب العقيد العسكرية الوطنية عن جلهم حيث يحتقرون قطاعهم انطلاقا من تصرفاتهم المشينة .
لذا كانت قناعتي أنه من الضروري التخلص من شرطة المرور وإعفائهم من هذه المهمة لأنهم تخطوا التهاون مع المخالفات الى ضرب المجتمع في صميم وحدته لهذا السب كنت أول الفرحين بإنشاء قطاع أمن الطرق .
فهل سترجع الشرطة بتلك الوجوه المريضة إلى الشارع أم أن قطاعها المليء بالعناصر المحترمة والوطنية قادر على سد الخلل وتجسيد مبدأ الشرطة في خدمة المواطن ؟
الجميع يعلم من خلال التربية المدنية في التعليم القاعدي أن القطاعات العسكرية تنقسم إلى قسمين :
1_ قطاع القوات المسلحة المكون من الجيش الوطني والدرك الوطني وهما تابعين لوزارة الدفاع
2_ قطاع قوات حفظ الأمن والنظام وهو مكون من الشرطة الوطنية والحرس الوطني ومؤخرا أضيف إليهما التجمع العام لأمن الطرق والجميع تابع لوزارة الداخلية .
وقطاع الشرطة بشكل خاص يقوم بدور مهم على المواطن معرفته وهو حفظ أمن الدولة بصفة عامة ومكافحة الجريمة المنظم وأشياء أخرى زد على ذلك التقارير الأمنية التي يتحرك على أساسها جيش دفاعنا الوطني لصد أي خطر يداهم أرضنا .
ومن الخطأ احتقار الشرطة بسب تصرفات أفراد في قطاع لا يمثل سوى نسبة قليل من القطاع العام والأكبر خطأ من ذلك سماح الشرطة لسفرائها بتلك التصرفات .
نتمنى عودة مختلفة لقطاع الشرطة وكل عام وموريتانيا بأمن واستقرار ومزيدا من القيم والأخلاق الرفيعة .

14. فبراير 2015 - 17:54

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا