وحدات التأزيم .. من كلية الطب إلى اسنيم / محمذن فال ولد محمد يحظيه

ما إن بدأ الحديث عن قرب انطلاق حوار بين فرقاء الساحة السياسية في موريتانيا يفضي إلى مخرجات قد تزيل الأزمة السياسية التي يعاني منها البلد منذو انقلاب الجيش على الرئيس المدني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله حتى تحركت "وحدات التأزيم" المنتفعة من بقاء الحال على

ماهو عليه إلى تسميم الأجواء من جديد بأفعال صبيانية يدرك الغبي قبل الذكي أن الهدف منها هو جر الساحة إلى مزيد من الاحتقان يمنع أطرافها من الجلوس على طاولة الحوار في جو خال من الشوائب ، وهو من شأنه أن يمنع انطلاق الحوار أصلا بحجة انعدام الجو المناسب ، أو إفشاله بعد الانطلاق بفعل ضغط الأجواء الملبدة بالإضرابات والاعتصامات ولاستدعاءات والتعليق والفصل والطرد ، وقبل الوقوف عند أبرز وحدات التأزيم هذه أشير إلى أني لا أعلق كثيرا من الآمال على الحوار المرتقب بسبب التجارب الحوارية الفاشلة سابقا وبحكم الهدف الحقيقي من الحوار وهو حصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز على مأمورية ثالثية رسمية أو غير رسمية ، رأسمية بتغيير الدستور أو غير رسمية بالقيام بانتخابات سابقة لأوانها مع إلغاء الفترة ما بين الفترتين وتصنفيها على أنها "فترة ملغاة"- وهي بالفعل ملغاة من تاريخنا -  كأغلب أفعال مشاريع النظام الحالي؛ وهنا أتوقف مع أبرز وحدات التأزيم الموجودة في محيط النظام الراغبة في بقاء الحال على حاله ؛ ذلك أنها أول الخاسرين من نتائج أي حوار جدي :
1- مدير وكالة الوثائق المؤمنة :
يعتبر مدير وكالة الوثائق أحد عناصر وحدات التأزيم المرتبطة بالنظام ؛ فهو بما يقوم به داخل هذه الوكالة من أفعال بعيدة عن الشفافية جعل المعارضة تطالب بإيفاد بعثة تدقيق في عملها وإقالته من إدارتها وتعيين إداري كفء عليها لمحورية ما تقوم به في وجود أي لائحة انتخابية حاصلة على أبسط شروط الشفافية والنزاهة ، وبدل أن يظهر المدير تعاطيا إجابيا مع مطالب المعارضة ولو بالقيام بخطوات شكلية على مستواه قام بزيادة سعر الحصول على الوثائق المدنية مما زاد الأمور تعقيدا فالمعارضة كانت تطالب بإلغاء هذه الرسوم وبدل الاستجابة لمطلبها تتم زيادة سعرها وكأن المدير يقول : الوكالة حانوتي وأنا من يقرر سعر الحصول على وثائقها ولا دخل لكم في أمري .
2- وزير الشؤون الاقتصادية :
لا يقل وزير الشؤون الاقصادية خبرة في التأزيم عن مدير الوكالة ؛ فهو خبير في التأزيم والتسميم وما استدعاؤه للقيادي في حزب التكتل من أجل أن يعرض عليه وظيفة في الوزارة مقابل التخلي عن القناعة السياسية ولما رفض القيادي التخلي عن قناعته علق الوزير راتبه وكأن الهدف من الاستدعاء أصلا هو تعليق الراتب لا التعيين ، وقد كان اختيار الوزير لقيادي من حزب التكتل اختيارا دالا ذلك أن التكتل من أشد الاحزاب المعارضة للنظام ريبة في جدية الحوار ومن أسهلها تجاوبا مع الاستفزاز من وجهة نظر النظام.

3- وكيل الجمهورية (رئيس التحرير):
ولعل " البشرى" التي يريد وكيل الجمهورية أن يزفها لنا برفعه دعوى ضد الصحفي الحر أحمد ولد وديعة هي أن في القضاء أيضا وحدات تأزيم وسميم ليبشرنا على مدى انتشار وحدات التأزيم وخارطة تغلغلها في جسم الدولة المنهك بالأزمات والإخفاقات ، إن محاولة الوكيل إسكات صوت الصحفي أحمدو ولد وديعة  الذي طالما كان صوته مزعجا للنظام ،وحماةالطبقية المقيتة، والمعتاشين على عذبات الأرقاء وأبناء الأرقاء الذين امتألت نفوسهم عنصرية وشوفينة هي محاولة للتأزيم واستغلال مشين وفج للوظيفة من أجل تصفية الحسابات مع منافسي الموقف ، ومخالفي الموقع ؛ ذلك أن وديعة منافس تقيلدي بحكم عمله كصحفي وعمل الوكيل المحرر سابقا ومخالف في الموقف والتوجه فالوكيل طالما سار في سرب النظام الطائعي الذي كان وديعة من أبرز الشباب الذين أزعجوه بنضالهم .
4- العميد الأمير :
ولم يكن العميد الأمير ليخلف الموعد في امتهان التأزيم ولا ليتخلف عن ركب المؤزمين فبادر لافتعال أزمة طلابية في كلية الطب التي لم تخرج من الأزمات يوما بسبب غطرسة عميد يرى أن الكلية ماهي إلا ميدان يحي فيه جزءا من تاريخه ويروض فيه خيولا يهئها لصولات جديدة في ميدان التأزيم الذي طالما جرى فيه فكان المجلي ، إن العميد بإقدامه على طرد الطالب المناضل رئيس المبادرة الطلابية الذي طالما أغاظ الصهاينة بنضالاته الفاضحة لأفعالهم الوحشية في فلسطين السليبة ليسعى إلى جر الساحة الطلابية إلى صراع مفتوح خصوصا أن استهداف رمز نضالي بحجم حبيب وعضو في المجلس الطلابي لأكبر نقابة طلابية يحمل لها العميد الأمير كثيرا من العداء مما يجعل الساحة الجامعية مفتوحا على كل الاحتمالات إن لم يتراجع الوزير عن محاولة التخرج من مدرسة التقعر في التعبير التي يبدو أن الناطق باسم الحكومة سجل فيها بعض الوزراء ويتدخل لحلحلة الوضع في الكلية قبل أن يصل درجة من التصعيد يصعب تدارك الوضع معها؛ والتي يبدو أن العميد مصر على دفعها إليه بطرده لطالب آخر وإجرائه للامتحان واجتلاب غرباء لإجرائه وتكليفه لهم بالتصريح بأن الأمور تسير على مايرام واتهام الطلاب بالتسييس .
5- المدير المغرور :
ماكان للمدير المغرور وهو يترنح تحت انخفاض سعر الحديد وفشل كثير من مشاريعه الوهمية التي أثقل بها كاهل شركة اسنيم أن يتخلف عن ركب المؤزمين ويفتعل هو الآخر أزمة طاحنة مع الشغلية الوطنية برفضه تنفيذ مطالبها التي وقع عليها سابقا وتعهد بطرحها على مجلس الإدارة وهو ما لم يقم به في الاجتماع الأخير لمجلس الإدارة مما اضطر العمال للدخول في إضراب شامل للضغط على المدير لتنفيذ التزاماته؛ غير أن المدير بدل السعي إلى الحوار مع العمال آثر القيام بأفعال مشبوهة لإفشال إضراب العمل وهو مادفع العمال إلى التصعيد تجاهه ؛ وما إقدام المدير المغرور على فصل نقابي مشهور وهو يمارض والده المحتجز في الحالات المستعجلة إلا استفزاز آخر للشغيلة لدفعها أكثر إلى المضي في إضرابها الشامل لتكون النتجية هي انيهار الإنتاج اليومي للشركة ليجعله المدير شماعة يعلق عليها فشله في إنجاز مشاريعه التي اثقل بها كاهل الشركة ودخل فيها دون دراسة جدوى ولا وضع خطط تحتوى بدائل في مثل حالات هبوط أسعار الحديد .
  هذه بعض وحدات التأزيم التي تنشط في جسم الدولة المنهك بالأزمات ولسيت كل الوحدات الموجودة بل هناك وحدات كثيرة ومنتشرة في جسم الدولة انتشار المنتفعين من نظام الولاءات الضيقة الذي يحكمنا ..
فهل ستنجح وحدات التأزيم هذه في إشعال الساحة الوطنية بأفعالها الصبيانية  وإدخالها في أتون صراع جديد بدل دوخولها في حوار يحب أن يكون شاملا وجادا يفضي إلى نتائج ترضي جميع الأطراف وتدفع بالبلد إلى استقرار هو بحاجة إليه في ظل انهيار كثير من الأوطان العربية بسبب تغطرس أنظمة الحكم فيها ...
ولا بد قبل الختام من توجيه تحية مستحقة إلى عمال اسنيم الذين يكتبون  اليوم بصمودهم فصلا من تاريخ المدينة العمالية الصامدة في وجه التدجين والتخدير ، كما أوجه تحية أخرى مستحقة  إلى طلاب كلية الطب الذين يواجهون بصبرهم وثباتهم وتضحيتهم عميدا أميرا يسعى إلى تدمير مستقبل أطباء المستقبل ، فتحية لكل حر يواجه قوى الظلم والشر مسجونا كان أو غير مسجون مفصولا كان أو غير مفصول مطرودا كان أو غير مطرود ..
 

16. فبراير 2015 - 13:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا