بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد؛ فإنني أهيب بالسيد الرئيس محمد بن عبد العزيز وأقدّر ه وأكبره على هذا الاعتناء الخاص الذي أولاه للقرآن الكريم فطبع المصحف الشريف وقدّمه للأمة مشكورا على ذلك ومأجورا إن شاء الله تعلى، فجزاه الله خيرا.
كما أشكر لجنة المصحف على أعمالها وجهودها الجبّارة ولا شكّ أنها قدّمت الكثير إلا أن في بعض أعمالها خللا ربما كان من أسبابه أنها لم تستند على جملة من المؤلفات والمراجع الموريتانية من مختلِف المحاضر فتقارن بين الاختلافات الواردة وبدل ذلك اعتمدت بعض المصادر الجهوية ولعل من الأسباب كذلك ما ذكرته اللجنة نفسها من أنها لم تباشر كثيرا من الأعمال إلا أنها راجعت العمل فكان حريا بها أن تصحح بعض الكلمات والأخطاء التي ليست من ما يغضّ الطرف عنه ومن هذه الأمثلة كلمات خمس نصّ أبو الحسن علي بن محمد البلنسيُّ المتوفي سنة 546هـ على كونها تلحق بالحمراء وهي قوله تعلى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتَ اَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) آل عمران - الصفحة 61 من الطبعة الموريتانية الجديدة، وقوله تعلى: (وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُوتِيهِ مَن يَّشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) المائدة - صفحة 97 من الطبعة الموريتانية الجديدة، وقوله تعلى: (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِّنْ طِينٍ لَّازِبٍ) الصافات - الصفحة 376 الطبعة الموريتانية الجديدة، وقوله تعلى: (وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُومَرُونَ) التحريم - صفحة 479 من الطبعة الموريتانية الجديدة، وقوله تعلى: (وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ) القلم - صفحة 482 من الطبعة الموريتانية الجديدة.
فالمعتمد إلحاق هذه الخمس بالحمراء كما نص على ذلك البلنسي وإياها عنى الناظم الشيخ الدنبجة بن معاوية المتوفي سنة 1418 هـ في كتابه المقرّب المبسوط كما نصّ عليها محمد الحاجي الشنقيط المتوفي سنة 1251 هـ في نظمه الجوهر المنظّم.
قال الشيخ الدنبجة:
ولازب ولائـــــم حــــــــلاّف ظـلاّم عمـران بها الخـــلاف
وعنـهم الخـلاف في غـــــلاظ واسمع هنا بحثا عن الحفـاظ
في اللام خمس كلمات قد عُمل بثبتها والحذفُ أقوى منتقــل
عن حكمها قد سكت الشيـخان مع كــــلم أخـــرى بلا بهتـان
وذكــــر الطــــالبُ عبـــد الله إثباتَ هذي الخمس غيرَ ساهِ
لكنها قد عدّها ذو المنصــف حبرُ بلنســــية في المنــحذف
وتبِع المنصــفَ فيها الجوهر فبـــان أن الحـذف فيها أشهر
والراجح لا يعدل عنه إلى المرجوح لأن تنصيص البلنسي على حذفها يخرجها من دائرة المستثنى الذي ذكره الداني من أوزان (فاعل وفعّال وفِعال).
واعلم كذلك أن مصاحف المصريين والتونسيين والسعوديين يلحقونها بالحمراء كما رجح علماؤنا، ونحن ينبغي أن نكون أحرى وأحجى باتباع الرسم العثماني التوقيفي، قال الشيخ الدنبجة:
الرسمُ لا يجوز أن يغيّـرا عن ما له خيرُ القرون سطرا
فأحمــد بنُ حنبل ومــالك حضّا على اتبـاعهم في ذلك
وأسأل الله أن يوفقنا جميعا وهو المستعان وعليه التّكلان.
الدكتور/ أحمد محمود بن الدنبجة
إمام بجامع علب آدرس
وشيخ محضرة آل الدنبجة
تلفون 44549394