في مقال سابق، بعنوان: "وجهة نظر فيما يُعرَف عندنا ب"التمييز الإيجابيّ"، قلتُ إنني منزعج من سلوك بعض المواطنين الموريتانيين الذين يرفعون شعار الدفاع عن شريحة معينة يزعُمون أنها مظلومة ومهمشة ومحتقرة، على المستوى الرسميّ والاجتماعيّ. مع أنّ في هذا التصرف
الغريب نوعًا من محاولة تفكيك المجتمع وزعزعة التعايش بين مكوناته وإيهام العالم بأن موريتانيا دولة ظلم وعنصرية واسترقاق، تعمل على ترسيخ الفوارق الاجتماعية وامتهان الكرامة الإنسانية لمواطنيها. ولا أدري لمصلحة مَن يعمل هؤلاء !...واليوم، وبمناسبة الحادث العَرَضيّ الأليم الذي راحَ ضحيتَه بعض جنودنا-رَحِمَ اللهُ مَن فُقِدَ منهم وعجَّلَ بشفاء مَن جُرِحَ-نجد مَن يلمّحون (بل يصرحون في بعض الأحيان) إلى أنّ السلطات الرسمية لم تهتم- بما فيه الكفاية-بضحايا هذه الحادثة المؤلمة، لأنّ معظمهم من شريحة معينة !
ولا يفوتني، في هذا المقام، أن أَلفِتَ نظر هؤلاء إلى أنّهم يلعبون بالنار. ذلك أنّ العمل على مضايقة النظام وإزعاج الموالين له، لا يجوز -بحال من الأحوال-أن يبرِّرَ الإضرار بوحدتنا الوطنية، وخلخلة تماسك جبهتنا الداخلية، وتشويه سمعة بلدنا في الخارج، لأغراض سياسية آنية أو لتصفية حسابات شخصية.
وأختم بأن ألتمس ممّن يلعبون على هذا الوتر الحساس، أن يرحموا هذا البلد الطيّب. وإن كانوا لا يقيمون وزنا لجِيل اليوم، فليكن ذلك من أجل الأجيال القادمة التي لا ذنبَ لها فيما يجري من صراعات بين السياسيين في الوقت الراهن.