الروح،الحياة،الموت: مفاهيم تذكر فتغض مضاجع البشر!!ّ(3) / المرابط ولد محمد لخديم

والعلم الحديث لا يدرك هذه الروح رغم إيمانه بها لأن عقله محدود الإمكانات ولا يستطيع أن يدرك ما كان خارجا عن حدود تلك الإمكانات، فالعين والأذن البشرية لهما مجال محدود.
فقد ثبت علميا أن العين البشرية لا ترى إلا في حدود معينة في ألوان الطيف فالضوء

الأحمر الذي نراه بالعين له ذبذبة 400.000 مليون ذبذبة بالثانية أما الضوء (تحت الأحمر Infra red) فهو أقل من ذلك فلا تراه العين، والضوء البنفسجي له تردد 700.000 مليون في الثانية فإذا زاد في فوق البنفسجي فلا نراه وقد قدروا الأرواح بأنها ذبذبة أعلى من فوق البنفسجية واقل من الذبذبة (X ray).
  (وبدون الحياة تكون المادة جامدة، ومتى تركتها الحياة عادت مجرد مادة، ولكن تبقى لها القدرة على مواصلة حياة مخلوقات أخرى وبذا تخلد الحياة في الكائنات الحية وأما ما هي الحياة ؟ فذلك ما لم يدره إنسان بعد، فليس للحياة وزن ولا حجم (315). 
  وإنسان الأمس واليوم يموت وتخرج روحه ولا يراها بشر ولا يشعر بها، ولا تدركها أجهزته أو تشعر بها آلته، وكل المحاولات التي بذلت في هذا السبيل قد باءت بالفشل التام، مثل محاولات وزن الموتى لحظة موتهم لمعرفة إن كانت الروح لها وزن فيقل وزن الجسم بخروجها مثلا كأن يضعوا إنسانا يحتضر على جهاز به ميزان لتقدير وزن الروح بعد خروجها من الجسم ويضعون على رأسه جهاز (eeg) قياس ذبذبات المخ الكهربائية أثناء الوفاة وعلى قلبه جهاز لرسم القلب (eeg) كذلك وضعوا كاميرات خاصة تعمل بالأشعة تحت الحمراء لتصوير الروح أثناء خروجها (Finfared photography) حيث وجد أنها لا تظهر بالضوء العادي (316) ومثل محاولات تسجيل أو رصد أي موجات أو ذبذبات كهربائية أو مغناطيسية أو كهرومغناطيسية أو صوتية، ومحاولات تسجيل أطياف مرئية أو غير مرئية، كلها فشلت في تسجيل شيء أو التنبؤ بشيء.
   وفي فشل العلم المادي والفلسفات والكتب الأخرى كما سنرى في معرفة حقيقة الروح فإننا نقرأ في قوله عز وجل "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها"(12).
    ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه للصحابة حين ناموا ففاتتهم صلاة الصبح حيث قال لهم (إن الله قبض أرواحكم حيث شاء وردها حيث شاء) (13). مما يدل      على أن الروح تفارق الجسد حين المنام بطريقة لا يعلمها إلا الله، وبذلك يفقد الجسد الصفات التي تضفيها عليه الروح حال يقظته وهي الإدراك والفعل والتمييز والاختيار بين المتناقضات والسمع والبصر والإحساس بالزمن، وكلها إمكانيات تعود إليه بعودة روحه إلى جسده عند استيقاظه.
   وإذا كان العلم الحديث لا يدرك هذه الروح لان عقله محدود الإمكانيات ولا يستطيع أن يدرك ما كان خارجا عن حدود تلك الإمكانات (319) ولأنه بحث في ما لا يخضع للتجربة ويخرج عن الحواس فقد انقسم الناس في نظرتهم إلى الروح.
   لأن مصطلح (الروح) ذو طابع ديني وفلسفي يختلف تعريف ماهيته في الأديان والفلسفات المختلفة، ولكن هناك إجماع على أن الروح عبارة عن ذات قائمة بنفسها، ذات طبيعة معنوية غير ملموسة. ويعتبرها البعض مادة أثرية أصيلة من الخصائص الفريدة للكائنات الحية. واستنادا إلى بعض الديانات والفلسفات فإن الروح مخلوقة من جنس لا نظير له في عالم الموجودات وهو أساس الإدراك والوعي والشعور.
  وتختلف الروح عن النفس حسب الاعتقادات الدينية فالبعض يرى النفس هي الروح والجسد مجتمعين ويرى البعض الآخر أن النفس قد تكون أو لا تكون خالدة ولكن الروح خالدة حتى بعد موت الجسد.
  هناك جدل في الديانات والفلسفات المختلفة حول الروح بدءا من تعريفها ومرورا بمنشئها, ووظيفتها, إلى دورها, أثناء وبعد الموت, حيث أن هناك اعتقاد شائع أن للروح استقلالية تامة عن الجسد وليس لها ظهور جسدي أو حسي، ولا يمكن مشاهدة رحيلها. ويعتقد البعض أن مفارقة الروح للجسد هي تعريف الموت, ويذهب البعض الآخر إلى الاعتقاد أن الروح تقبض وتنتهي حياة الجسد، وفي حالة النوم تقبض الروح ويظل الجسد حيا. ولتقريب معنى الروح يجدر بنا للإلمام بهذا المفهوم في الفكر البشري قديمه وحديثه:
1- مفهوم الروح عند الفلاسفة
قام افلاطون باعتبار الروح كأساس لكينونة الإنسان والمحرك الأساسي للإنسان واعتقد بان الروح يتكون من : ثلاثة أجزاء متناغمة وهي العقل والنفس والرغبة وكان افلاطون يقصد بالنفس المتطلبات العاطفية أو الشعورية وكان يعني الرغبة المتطلبات الجسدية وأعطى افلاطون مثالا لتوضيح وجهة نظره, باستخدام عربة يقودها حصان، فللحصان حسب افلاطون قوتان محركتان وهما النفس والرغبة ويأتي العقل ليحفظ التوازن. وبعد افلاطون قام أرسطو بتعريف الروح كمحور رئيس للوجود ولكنه لم يعتبر الروح وجودا مستقلا عن الجسد أو شيئا غير ملموس يسكن الجسد. معتبرا أن الروح مرادفا للكينونة وليست كينونة خاصة تسكن الجسد, مخالفا بذلك رأي افلاطون السالف الذكر, موضحا رأيه بقوله انه إذا افترضنا أن للسكين روحا, فان عملية القطع هي الروح.
وعليه وحسب أرسطو فان الغرض الرئيسي للكائن هو الروح. وبذلك يمكن الاستنتاج أن أرسطو لم يعتبر الروح شيئا خالدا, فمع تدمير السكين تنعدم عملية القطع (320).
بينما يرى ديكارت (1596-1650) أن هناك روحا ومادة، وان الاتصال بين الروح والمادة غير معروف لنا، وإنما هو آية من آيات الخالق، ليثبت أن الروح وتنظيم الاعتقاد بالروح تقع في منطقة محدودة في الدماغ
أما الفيلسوف (لبينز) Libinz فيقول: إن العالم بما فيه من أجسام وأرواح يتكون من ذرات (روحية) وكل ذرة مستقلة عن الأخرى وتسير بمقتضى قوانين لها دون أن تتصل بسواها، وكل ذرة فيها جانب مادي (منفعل) وجانب روحي (فاعل) وهذه الذرات تسير بإرادة الله وتعمل بقدرته بصورة يظهر منها أنها تتصل ببعضها، وهي في الحقيقة لا تتصل ولكن قدرة الله تجعل كل ذرة تسير سيرا يوافق سير الذرات الأخرى.
ويقول ايمانويل كانط في هذا الصدد:
إن مصدر اندفاع الإنسان لفهم ماهية الروح هو في الأساس محاولة من العقل للوصول إلى نظرة شاملة لطريقة تفكير الإنسان.
2- الروح عند المصريين القدماء...يتواصل...

23. فبراير 2015 - 8:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا