- الروح عند المصريين القدماء
تقسم المعتقدات الدينية لقدماء المصريين روح الإنسان إلى سبعة أقسام وهي:
رين: وهو مصطلح قديم يعني الاسم الذي يطلق على المولود الجديد.
سكم: وتعني حيوية الشمس.
با: وهو كل ما يجعل الإنسان فريدا وهو أشبه بمفهوم شخصية الإنسان.
كا: وهو القوة الدافعة لحياة الإنسان وحسب الاعتقاد فإن الموت هو نتيجة مفارقة كالجسد.
آخ: وهو بمثابة الشبح الناتج من اتحاد « كا» و« با» بعد الموت.
آب: وهو « قطرة من قلب الأم »
شوت أو خيبت: وهو ضل الإنسان.
3- مفهوم الروح في البوذية:
ترى العقيدة البوذية: أن كل شيء في حالة حركة مستمرة وتتغير باستمرار وان الاعتقاد بان هناك كينونة ثابتة أو خالدة على هيئة الروح هو عبارة عن وهم يؤدي بالإنسان إلى صراع داخلي واجتماعي وسياسي.
وتقسم البوذية الكائنات إلى خمسة مفاهيم هي:
الهيئة (الجسمانية)، الحواس، الإدراك، الكارما (الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها). والضمير وهذه الأجزاء الأربعة يمكن اعتبارها مرادفة لمفهوم الروح وعليه فان الإنسان هو مجرد اتحاد زمني طارئ لهذه المفاهيم، وهو معرض بالتالي لا (لا ـ استمرارية)، وعدم التواصل، يبقى الإنسان يتحول مع كل لحظة جديدة، رغم اعتقاده انه لا يزال كما هو وانه من الخطأ التصور بوجود [ أنا ذاتية]، وجعلها جميع الموجودات التي تؤلف الكون فالهدف الأسمى حسب البوذية هو التحرر التام عبر كسر دورة الحياة والانبعاث، والتخلص من الآلام والمعاناة التي تحملها.
وبما أن الكارما هي عواقب الأفعال التي يقوم الأشخاص بها، فلا خلاص للكائن ما دامت الكارما موجودة. عند وفاة الإنسان فإن الجسد ينفصل عن الحواس، الإدراك الكارما والضمير وإذا كانت هناك بقايا من عواقب أو صفات سيئة في هذه الأجزاء المنفصلة عن الجسد فإنها تبدأ رحلة للبحث عن جسد لتتمكن من الوصول إلى التحرر التام عبر كسر دورة الحياة والانبعاث وحالة التيقظ التي تخمد معها نيران العوامل التي تسبب الآلام (الشهوة، الحقد والجهل) ويسمي البوذيون هذا الهدف النرفانا.
4- الروح في الهندوسية:
يعتبر الجيفا Jiva في الهندوسية مرادفا لمفهوم الروح وهي حسب المعتقد الهندوسي الكينونة الخالدة للكائنات الحية, وهناك مصلح هندوسي آخر, يدعى {مايا} ويمكن تعريفها كقيمة جسدية ومعنوية مؤقتة, وليست خالدة, ولها ارتباط وثيق بالحياة اليومية.
ويبدو أن (المايا) شبيه بمفهوم النفس في بعض الديانات الأخرى, واستنادا على هذا فإن الجيفا Jiva ليست مرتبطة بالجسد أو أي قيمة أرضية, ولكنها في نفس الوقت أساس الكينونة. وينشأ (الجيفا Jiva ) من عدة تناسخات: من المعادن, إلى النبات, إلى مملكة الحيوانات, ويكون الكارما (الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها) عاملا رئيسيا في تحديد الكائن اللاحق الذي ينتقل إليه الجيفا بعد فناء الكائن السابق وتمكن الطريقة الوحيدة للتخلص من دورة التناسخات هذه بالوصول لمرحلة (موشكا) والتي هي شبيهة نوعا ما بمرحلة النيرفانا (الانبعاث وحالة التيقظ التي تخمد معها نيران العوامل التي تسبب الآلام مثل الشهوة، الحقد، الجهل) في البوذية.
كما يوجد هناك مصطلح آخر في الهندوسية قريب من مفهوم الروح وهي أتمان Atman ويمكن تعريفه بأنه الجانب الخفي أو الميتافيزيقي في الإنسان ويعتبره بعض المدارس الفكرية الهندوسية أساس الكينونة كما يمكن اعتبار أتمان Atman كجزء من لبراهما (الخالق الأعظم) داخل كل إنسان.
وكما في جميع العقائد والديانات اختلاف فانه يوجد اختلاف وجدل عميق بين الهندوسيين أنفسهم حول منشأ وعرض ومصير الروح فعلى سبيل المثال يعتقد الموحدون (أدفايدا) من الهندوس أن الروح سيتحد في النهاية مع الخالق الأعظم.
بينما يعتبر الغير موحدون (دفايتا) من الهندوس الروح لا صلة له بالخالق الأعظم وان الخالق لم يخلق الروح ولكن الروح تعتمد على وجود الخالق (321).
5- مفهوم الروح في اليهودية.
لم يرد أي تعريف للروح في التوراة أو الإنجيل وإنما استعملت بأوصاف أخلاقية ومعنوية مثل الروح الشريرة أي: الشيطان والروح الرضية التي تفرق بين الناس والروح الخفية كالملائكة واستعمل الروح القدس عن الله.
ويتضح هذا المفهوم بمقارنة بسيطة لما كتبوا في العهد القديم والعهد الجديد؛
فهم يذكرون روح الحق أو الروح القدس، وتقابلها روح الضلال أو الروح النجس، فإذا كان الروح مصدرا للخير فيقال له: روح الحق أو روح الخير ومثال ذلك قوله في الإنجيل: (روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله) [ إنجيل يوحنا: في الإصحاح: 14، عدد 17].
وإذا كان الروح مصدرا للشر فيقال له: روح الضلال أو الشر، ومثال ذلك قوله:
[من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال] (رسالة يوحنا الأولى في الإصحاح الرابع، عدد: 6).وقوله:[تابعين أرواحا مضلة] [رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس، في الإصحاح الرابع، عدد 1] وفي لوقا: (لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس) (لوقا, ص1 عدد 15) وفي رسالة بولس الأولى إلى تسالوتيكي: (بل الله الذي أعطانا روحه القدس)[بولس، ص 4 عدد 8].
وفي مقابل تلك الروح نجد في رؤيا يوحنا: (ومحرما لكل روح نجس) [يوحنا، الإصحاح18، عدد3] وورد في إنجيل متى: (إذا خرج الروح النجس من الإنسان)
[متى: الإصحاح12 عدد 43]. أما في إنجيل مرقص: (وكان في مجمعهم رجل به روح نجس) [مرقص، ص15، عدد 23]. وفي إنجيل لوقا: (فانتهز يسوع الروح النجس) [لوقا في الإصحاح التاسع، عدد 42].
وهم يذكرون أن هناك أرواحا ربانية وأرواحا شيطانية نجسة، ففي سفر العدد نجد:
(باليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذ جعل الرب روحه عليهم) [سفر العدد، ص 11، عدد 29]. وفي سفر أشعيا: (ويحل عليه روح الرب) [سفر أشعيا، ص 11 عدد 1] وفي سفر رؤيا يوحنا: (إن كان روح الله ساكنا فيهم) [ سفر الرؤيا يوحنا ص 8 عدد 9].
وفي مقابل ذلك نجد في لوقا: (وكان في المجمع رجل به روح شيطان). [لوقا، ص 4 عدد 33] وفي رؤيا زكريا: (والروح النجس من الأرض). [رؤيا زكريا، ص 13 عدد 2]. وورد في رؤيا يوحنا( فانهم أرواح شيطان) [ رؤيا يوحنا, ص 16 عدد 14].
فهناك روح الله أو روح الرب مصدر الخبر والسعادة والحماية، وهناك أرواح الشياطين الشريرة النجسة سبب الشر والتعاسة في الأرض.
وبجانب المفهومين السابقين اللذين يدوران حول وجود نوعين من الأرواح احدهما يمثل الخير والآخر يمثل الشر، نجد مفهوما للروح الصالحة المستقيمة الفاضلة يقابله مفهوم روح الكذب والضلال، ففي مزمور (وروحك الصالح يهديني) [مزمور 143 عدد 10] وفي سفر دانيال (من حيث أن روحا فاضلة وجدت في دانيال) [سفر دانيال ص5عدد 12]
أما سفر القضاة (فنجد: [وأرسل الرب روحا رديئا بين أبيمالك وأهل شكيم]). [سفر القضاة، ص9 عدد 23].
ويقرر الكاتب اليهودي إبراهيم الحوراني في كتابه (السنن القويم في تفسير أسفار الكليم) أن العبرانيين اعتدوا أن ينسبوا إلى الله ما يريدون تعظيمه، فهم يقولون في سفر التكوين:(وروح الله يرف علي الماء) [سفر التكوين,ص9 عدد2] والمعني أنها ريح عظيمة كانت ترف علي وجه الماء, وورد في سفر حزقيال مخاطبا بني إسرائيل: (واجعل روحي في داخلكم) [حزقيال ص 36 عدد 27] أي أجعلكم في حياة اجتماعية سليمة، وورد في سفر، أشعيا خطابا من الله لمدينة صهيون قوله: (روحي الذي عليك) [أشعيا, ص 59 عدد 21] أي روح عظيم على تلك المدينة، وورد في المزمور قوله: (ترسل روحك فتخلق ونجدد الأرض) [المزمور: 104 عدد 30] أي ترسل روح حياة منعشة عظيمة.
وهكذا نرى أن اليهود قد استخدموا لفظ الروح للتعبير عن أشياء كثيرة، تعبر عن معاني في الفضيلة والرذيلة والخير والشر والمسكن، ففي يوحنا نجد (المولود من الروح هو روح) [يوحنا، ص2،عدد 6] وفي رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس نجد (شربوا شرابا واحدا روحيا) [بولس,ص10,عدد 4]. أما بطرس فيقول في رسالته الأولى إلى كورنتوس: (بيتا روحيا) [بطرس: ص 2 عدد 5] أما في رسالة يوحنا الأولى فيقول (أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هذه من الله؟ لان أنبياء كذبة كبيرة قد خرجوا إلى العالم ). [رسالة يوحنا الأولى، ص 4 عدد 1].
ورغم استخدام اليهود لكلمة الروح في معان متباينة متعددة واطلاقها على مفاهيم عامة: كالذى ورد في سفر التكوين مثلا أن الخالق الأعظم خلق الإنسان من غبار الأرض ونفخ في انف الإنسان ليصبح مخلوقا حيا، وما ورد عن كل من سعيد ابن يوسف القيومي (وهو فيلسوف يهودي [882-942]) بان الروح يشكل ذلك الجزء من الإنسان المسئول عن التفكير والرغبة والعاطفة.
وكتاب (كابالاه) Kabbalah (الذي يعتبر الكتاب المركزي في تفسير التوراة ) الذى قسم الروح الى ثلاثة اقسام؛ (نفيش) (Nefesh) وهي: الطبقة السفلى من الروح وتربط بغرائز الإنسان الجسدية وهو موجود من لحظة الولادة
روخ (Ruach) وهي: الطبقة الوسطى من الروح والمسئولة عن التمييز بين الخير والشر وتنظيم المبادئ الأخلاقية نيشامة (Nushamah) وهي: الطبقة العليا من الروح وهي المسئولة عن تميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية(322).
فإنهم ولا شك كانوا يدركون مفهوما خاصا للروح وإنها سر من الغيبيات.بدليل أنه عندما بعث محمد صلى الله عليه وسلم في قومه وأعلن النبوة ذهب بعضهم إلى اليهود يسألونهم في أمر يمتحنون به هذا النبي صلى الله عليه وسلم فطلبوا منهم أن يسألوه في أمر لم يخبر عنه أي نبي من قبله وهو الروح.
فلما سئل الرسول في ذلك أمهلهم حتى يأتيه الوحي فإذا بالقرآن يرد عليهم ﴿ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي... الآية"﴾. وهذا ماسنعرض له بحول الله بشيء من التفصيل في فقرة الروح في الإسلام..
مفهوم الروح في المسيحية...يتواصل...