لقد ظل المواطن الموريتاني مع انشغاله الدائم بالسياسة ودهاليسها يحمل في ذهنه حلما رائعا لتجسد المعارضة الوطنية الجادة في اخذ الحقوق وربما هو حلم اقتبسه او تقاسمه مع اعظم بلدان القارة السمراء ، لكن مع الوقت يجد هذا المواطن الموريتاني ان حلمه يتلاشى اويكاد يقترب
من المستحيل فقد رأى وتيقن ان الكلام المعسول دون الجدية في التطبيق لايغير من الواقع شيئا وان البيانات الرنانة حتى وان اتفقت مع الواقع لاتساعد اهالى الريف في شيئ ولا حتى ساكنة المدينة
لايخفى على المتتبع للحدث السياسي في موريتانيا ان المعارضة الموريتانية اليوم عاجزة عن ايجاد مخرج للأزمة السياسية الذي تعتبر بان البلاد تتخبط او منقمسة فيها ،هذا بل ان اشكالية الطرح الذي تقدمه المعارضة حاليا غالبا ما يعتمد على رؤى او امنيات شخصية غير متناسقة وبالتالي تدفع بالوفاق المرجوا في كل مرة الى عراقيل عدة
اليوم ومع وصول الازمة السياسية الراهنة اوجها وفتح الباب من جديد امام الجميع ،كان امام المنتدى الغطاء الجديد الفرصة السانحة لإبراز المعارضة بشكل مغاير عن سالف عهدها شكل يعتمد على المصلحة العليا في اتخاذ القرارات لا الحساسيات و الحسابات الضيقة ،هذا الا ان تأثير سياسة المقاطعة التي انتهجها المنتدى ابان تشكله تدفعه اليوم لتكرار سيناريو ربما لايكون في صالحه وهو الذي يعي السياسة جيدا
ان ترك المعارضة الحبل على الغارب دفعت بالمواطن البسيط الى القول بانها لم تسهم في حل المشاكل العالقة وان منتداها لم يضف بعد شعار الرحيل سوى خلق الصراعات الهامشية مع النظام والتي لا طائل من ورائها
فالمنتدى بغض النظر عن راديكالية قادته السياسية فهو تجمع سياسي هام في المرحلة الراهنة بل هو اداة ناجعة للرقابة الحقيقة على اداء الحكومة او النظام ، وهو عين من عيون الشعب التي تبصر الواقع على حقيقته
صحيح ولكن عدم الوفاق وكثرة الخلافات الدائرة القديمة المتجددة في اروقته وبين هياكله الحزبية على خلفية التناقضات السياسية والحوار
برهنت ان المقاطعة او الهروب ان صح التعبير هو رهان المعارضة الوحيدة ووسيلة ضغطها الدائمة ، وكأن النظام في هذه الحالة متأثر او يبالي بمشاركتها
ما على المعارضة ان تعييه اليوم هو ان رهانها على المقاطعة يختلف مع رهانات ولد عبد العزيز المتعددة وذات القيمة ،
على المعارضة ان تنطلق من مبدأ انها تحاور رئيس حاكم لجمهورية وباغلبية لا اقول برلمانية ولكن حزبية ساحقة وبالتالي تنسق شروطها مع ما يقتضييه الوضع والظرفية ،هذا ناهيك عن رغبة فرنسا المستميتة في ولد عبد العزيز وفضلا عن الانجازات العملاقة والمشاريع التي قدمت للعيان
من الجلي ان المعارضة والنظام اليوم في حالة تنافر وعدم ثقة سياسية ولكن المفارقة انهما على وفاق في الآن نفسه
قد تتساءل كيف ذلك ؟
نعم على وفاق ومنذ عقود حيث درجت الاقطاب السياسية في موريتانيا على عقلية التلاعب و عدم المراهنة على ارضاء المواطن الموريتاني والنهوض به سياسيا بحل مشاكله مهما كان اثر تعقيدها وبالتالي ظل هذا المواطن عند الساسة مجرد لعبة للأحتياط لاتستخدم الا ابان الضييق وساعات الاقتراع
هذه النظرة القاصرة للمواطن وغياب الرؤية المستقبلية للنضال عنه عند الساسة عموما والمعارضة خصوصا ،جعلته لايبالي بويلات المعركة الحوارية حتى وان كان طرفا اساسيا فيها
فقد دأب فقط على انه واجهة لصراعات شكلية واغلبها شخصي وهذه الصراعات في حد ذاتها هي التي شلت حركة الانجاز والتنمية بالبلد كان من المفترض انه غني وهي التي اعمت العالم عن حقيقة واقع الدولة الموريتانية المر ، وعن نقصها المستميت
فمعضلة الدولة الموريتانية ومعاناة شعبها لاتكمن في نجاح الحوار من غيره بقدر ما تكمن في غياب التمثيل ، وبكل اختصار الشعب يصيح والساسة يلعبون