خلال حوار مع أحد الإيرانيين حول الخلاف السني الشيعي , قال لي : أنتم أهل السنة في موريتانيا يشاع عنكم سب النبي المصطفى عليه الصلاة و السلام !
قلت له : أخي الكريم دعك مما يشاع من كلام السفهاء
و القيل و القال و تعالى نتكلم بعقل و منطق بعيدا عن العداء المطلق و الأحكام السرمدية و البناء على سوء الظن المرجعي و لغة التسفيبه و التشويه و التكفير و التضليل و التفخيخ و التفجير و الإقصاء و محاولات الإخراس التي لا تؤدي لغاية نبيلة ....
اليوم أوجه نفس الدعوة لزملائي المدرسين أن تعالوا نؤمن ساعة , و نتحاور بمنطق و بعقل و حقائق و وقائع لا شية فيها حول التعليم و مشاكل التعليم و أوجاع التعليم و عاهاته المزمنة و الدائمة في بلادنا دون تراشق أو تلفيق أو نسج قصص من خيالنا المنهك بالتفكير في الراتب و مشاكل الحياة المثقلة بهموم قد تبعدنا عن طريق الرسل الذين حلمنا أنفسنا إقتفاء آثارهم فيه و أن نرتفع كثيرا كي نسموا بكلماتنا عن مستوى القاع الذي يعج بالمتساقطين و يئِن بالواقفين على حافته كي لا نكثر سوادهم بواحد منا !
زميلي المدرس هيا نؤمن أنا و أنت و لو لساعة بأن جراح التعليم غائرة و مشاكله أكبر من أن تختزل في جانبها المادي تمحضا و أن ميدانه لا يقارن مطلقا بموقف سياسي متأرجح بين الخطأ و الصواب , فالتعليم بيعة و رسالة لا خلاف على شرفها أصلا , أما السياسة فمواقفها المتبدلة و أربابها المتفرقون و حساباتها المتذبذبة لا تصلح أن تكون مرجعا لقياس الإلتزام ببيعة التعليم , لكن و للأسف نحن شعب مازال في جله يعيش في عصر (الأبيض و الأسود) في التفكير و الأحكام و المواقف و المحاججات !
زميلي المدرس هيا نؤمن أنا و أنت و لو لساعة أن إسم "معلم" لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يطلق على كل من امتهنوا التدريس قناعة أو اضطرارا أو شقوة , بل هو لقب لا يستحقه إلا من تحققت فيه الشروط و تجلت فيه الصفات و صنفه نادر جدا في صفوف جحافل المدرسين الذين يأخذون في أغلب الأحيان رواتب لا يستحقونها نظرا لرداءة الخدمة التي يقدمون و تواضع القناعة التي يحملون , مع ذلك تجدهم يلعنون الراتب و المرتب مع جهلهم بالرتبة و المترتب !!!
زميلي المدرس هيا نؤمن ساعة : أن المدرسين في بلادنا ينقسمون إلى ثلاثة أصناف :
1- المدرس الأسفل : هو المدرس الذي لا بضاعة لديه , أعزل من كل وسائل التعليم , يعبد المهنة على حرف , إن هو أعطي رضي و إن لم يعط سخط , لا يلقي بالا لما بين يديه من شؤون الناشئة و لا يهمه من أمرهم إلا التلاعب بدفتر الدوران و سجل الكفالة و التخطيط المدرسي و علاوة التجميع و التفريق و التفريط و الإزدواجية التي لا أساس لها ! , لا هدف له و لا امانة و لا التزام , و يمثل هذا الصنف ما يربوا على 70%.
2- المدرس الأسهل : و هو المدرس الذي لا يعدم بعض المعلوات أو القشور , لكن من السهل أن يتخطف الإحباط و التلاميذ معلواته فيضيع الوقت و يضيع الدرس و تضيع التربية و يضيع كل شيء , و هذا الصنف يمثل قرابة 20% .
3- المدرس الأمثل : و هو المعلم الجيد الذي يأخذ الأمانة بحقها و يبذل فيها و يعيش في جنتها علما و تواضعا و تربية و إحساسا بعلو المرتبة , يقدم للمجتمع عصارة فكره و زبدة تجاربه و هذا الصنف أكون مبالغا لو قلت بأنه يصل 10% .
زميلي المدرس هيا بنا نؤمن ساعة أن العلم يُطلب و لو في الصين و من المهد إلى اللحد , و أن المدرس مثلي و مثلك يحتاج دائما إلى اكتشاف ذاته و قدراته و تطوير معارفه و الزيادة من مختلف العلوم و أن لا يبقى جامدا متقوقعا على اليسير , أنا و أنت بحاجة أن نجوب العالم و أن نسيح في الأرض لنتفكر و نتدبر و نشارك العالم علوم العصر الجمة التي بها علت شؤون قوم كانوا محتقرين و انهارت بانعدامها أخرى كان أهلها أعزة مكرمين !
زميلي المدرس هيا أنا و أنت نؤمن ساعة أن ما يوجد في بلادنا من شأن التعليم لعبة موت كبرى أبطالها إداريون و مدرسون على حد السواء , فإذا كان القائمون على شؤون التعليم يتلاعبون و هم كذلك فإنه أيضا تهدر مليارات من قوت هذا الشعب المسكين على مدرسين لا يستحقون سدسها و لا ثمنها و مع ذلك لا نجد لهم من خدمة التعليم إلا شكوى الراتب !!!
زميلي المدرس هيا نؤمن ساعة أنا و أنت : أن الراتب نفسه يحتاج إلى إنصاف فهو مظلوم في مرات كثيرة و في حالات عديدة , إذ تساوى فيه العالم و الجاهل , و الذكي بالبليد , و المقتدر بالعاجز , و الصحيح بالسقيم .....!!!
زميلي المدرس هيا نؤمن ساعة أن ما يحتاجه التعليم اليوم و على عجل هو صناعة معلم حقيقي و معالجة ذوي العاهات الكثر في ميدانه و التخلص الإستشفائي من سرطانات هي سبب التجهيل الذي يؤدي إلى الفقر و الجوع و المرض , و ما لم يتحقق ذلك فإن قصة الراتب ستظل مشبوهة و فيها من الدخن ما في المدفوعين إلى القطاع ممن لا يصلحون لشيء .
لا أعرف على أي أساس نطالب بتحسين ظروف المدرس المادية ما لم نحقق وجود معلم , فتحسين الظروف يجب أن يسبقه تحسين العينة و الإعتناء بصنعتها و إعدادها و صقل معدنها , و إلا فسكون ضربا من العبثية أي هدر عشوائي يتساوى فيه السوقة و الملك !
زميلي المدرس هيا نؤمن ساعة أنا و أنت أن من مخلوقات الله الحيوانية من هم أكثر نفعا للعالم من مخلوقاته البشرية , فلولا الضفدعة مثلا ما وصلت علوم الأحياء و الطب و الصيدلة لما وصلوا إليه من تقدم انتفع به الناس , و لا يفوتني أيضا أن أنبه على أن الحطيئة لو اضطلع على كثير مما نكتبه اليوم لاستل سيفه قبل لسانه !