حرص البعض على ظهور اسمه مجددا في لجنة الدعم لسنة 2014، رغم عضويته في هذه اللجنة في سنة 2013، ولا أدري هل الكفاءة والنزاهة هي التي جعلت البعض يحرص على البقاء، أم المنفعة، لأن أعضاء اللجنة لهم "بخشيش" معتبر، حسب تجربة 2013!.
ولم يخل عمل اللجنة من المجاملة، حيث حصلت بعض المواقع الالكترونية، على نقطة 18 مثلا، وهي نادرة التحديث، وكان آخر تحديث لأحدها "عاجل: وصول رئيس الجمهورية إلى مدينة النعمة"، وذلك سنة 2013، كما أكدت بعض المصادر إتصال بعض القيادات العسكرية للتوصية على بعض الزملاء، ربما لصلات عائلية أو سياسية. ونافست على الدعم بعض المواقع ذات الصلة بحزب معروف، رغم أنها أكثر حظوة من غيرها بأسباب العون المادي، وهي قائمة بذاتها ربما، حتى من دون الدخول في سباق مع السواد الأعظم من التجارب الإعلامية الفردية.
ورغم الإلحاح على كم هائل من الأوراق والإثباتات، إلا أن هذه الوثائق يبدو أنها لم تكن الأساسية في حسم الأسبقية. ومن وجه آخر كان للبعض، جريدته المدعومة وموقعه المدعوم ونقابته المدعومة، بينما لم يحستب للأغلب إلا جريدة أو موقع فقط، وبينما توجد مؤسسات إعلامية عدة لها مواقع مع جرائدها، فلم توضع إطلاقا تلك المواقع في الحسبان.
مبلغ زهيد كان ضحية التأخير أولا، ثم المغالطة ثانيا، رغم أن اللجنة نجحت نسبيا في أنها لم تقصي أحدا، إلا أنها اعتمدت أسلوب التعامل السلبي غير المباشر، خصوصا مع الذين جاؤوا بوثائق إيجار ومقرات عائلية، كان بالإمكان على الأقل احتساب نقطة الأجور لصالحهم لأن جل ما يذكر من توظيف لا يتعدى أسلوب التعاون، لأن أغلب المؤسسات الإعلامية لا تستطيع باختصار أن تنتظم في دفع رواتب العمال، فهي في الواقع عاجزة، وإن دفع بعضها للضمان الاجتماعي، فأين المقابل، وأين التأمين الصحي المروج له، دون أن يكون معتمدا على أرض الواقع؟!.
ومن وجه آخر أين الضمانة للسلامة من الضرائب على الصحفيين ورواتبهم النظرية، مع أنهم أتوا باعترافات بمؤسساتهم الإعلامية من طرف إدارة الضرائب "نيف"!.
دعم زهيد جدا مقابل الإلزام عند الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذلك الضرائب، خسارة أكثر من الربح.
قطاع صحفي يستبيحه الجدد لعفاف بعض القدامى وحرصهم على النأي عن الواجهة الحارقة، فيقترب بعض أصحاب الأغراض، فيكسبون لذواتهم ويوصون لبعض أصدقائهم، لتتحول العملية إلى لعبة موريتانية بإمتياز، مكرسة المحسوبية في بعض جوانبها على الأقل، ورغم هذا فقد استطاعت هذه اللجنة ملأ الفراغ الحاصل بسبب تأخر توزيع المبلغ المحدود إلى أن دخلت سنة 2015، فحصل بمحصلة عملها عدد معتبر من الزملاء على مبالغ متفاوتة، يميل أغلبه إلى الدنو والقلة، ليساعدهم ذلك في تسديد جزء بسيط من ديونهم وإلتزاماتهم المالية الكثيرة.
فالعمل الصحفي -خصوصا الصحف الورقية- يتطلب الكثير، إلا أنه محدود الموارد، لقلة الاشتراكات والإعلانات وفوضويتها، ولعل الكثير منها بحاجة إلى الضم، إلى مبلغ لجنة الدعم، عسى أن يجد طريقه لتوزيع أقرب إلى العدالة، من أن تثرى مواقع وجرائد من مخصصات الدعم عند مؤسسات الدولة المختلفة وفي المقابل لا يجد البعض أي فلس!.
ورغم نواقص عمل اللجنة إلا أنها بصراحة خطوة على الطريق، عندما تمحص وتراجع بتجرد، قد تؤتي أكلها يوما، مع ضرورة مراجعة المبالغ، خصوصا بعد استحداث الإعلام السمعي البصري وتزايد عدد المواقع الالكترونية، وقد سجلت بإيجابية حرص اللجنة على عدم منع أي جريدة تقريبا من حق السحب المخفض، ما دامت تقدمت بملف ولو كان ناقصا، حتى لا تختفي نهائيا الجرائد من المسرح الصحفي الوطني.
كما أنها ينبغي أن تحظى بالدعم أكثر من المواقع، لأنها باختصار أكثر تكاليف من التجربة الالكترونية الناشئة والمفيدة.
بينما توجد المقرات عند أهل الجرائد أساسا، ويعتمد بعض أصحاب المواقع في بعض الحالات على حقائبهم أو يدعون تحويل منازلهم إلى مقرات مبررة الوئائق فحسب.
ومن الجدير ببعض الناشئة الصحفية، أن لا تظن أن الاستحواذ على منافع هذه المهنة إن وجدت، على حساب من يعمل ويبذل بجدية في هذا القطاع، خصوصا قطاع الجرائد المكلفة فعلا، أمر لا يخلو من شطط وظلم صريح.
فلكل مقامه وتجربته، ولا ينبغي تجاهل عامل الوقت أو بعبارة أخرى الأسبقية.
وإذا كان من المتوقع أن يوزع المبلغ المعهود أو زيادة في شهر مارس أو بعد ذلك بقليل، فما الفائدة من تكليف الصحفيين باستنساخ الأوراق، وتصديقها من جديد، وهي نفسها الموجودة بحوزة نفس اللجنة، سوى الرغبة في إتعاب وإشغال الزملاء بما لا يزيد المعلومات، من أي وجه.
إن الدولة -رسميا- بحاجة لتفهم الحاجة إلى لفت الإنتباه للقطاع الإعلامي المستقل، لأنه إن بقي على حاله من الحاجة المادية الملحة، فسيتحول إلى مرفق -شبه رسمي- للتسول الصريح، لأنه استوعب قطاعا كبيرا من أبناء هذا الوطن، دون رعاية أو عناية، والتمييز في الاستفادة من المال العمومي لا يسمح لأي كان "بلحس" أصبعه من الثروة العمومية، أحرى أن يأخذ منها ما ينفعه بحق.
مبلغ 200 مليون أوقية فقط، لهذا العدد الكبير من المؤسسات الإعلامية، الورقية والألكترونية والسمعية البصرية لا يكفي، وهو ما وصل ذكره، حتى لمسامع قناة الجزيرة!.
وأكرر هنا ضرورة تجديد الدولة على عدم فرض ضرائب على هذه المؤسسات الإعلامية الناشئة، وتخفيف مبالغ الضمان الاجتماعي على نشاط الصحفيين، مع ضرورة توفير خدمة التأمين الصحي عمليا، فتحويل تجاربنا المتواضعة إلى مؤسسات دون دعمها وتخفيف العبء عنها مسألة قد تعني المزيد من الحصار والتعويق، بدل الدعم الحقيقي الناجع.
ومن الجدير بالذكر أن المستلزمات المادية للمهنة الصحفية لا تتوافق مع ما هو متوفر من دعم رمزي محدود.
فالحاجة ماسة لرفع مبلغ الدعم وإعادة النظر في هذا الجانب.
ولم يلاحظ أي بند في شروط الدعم المعلنة على الأقل، يمنع الصحفي من كتابة ما يريد أو التصريح بما يرى، وهذا مهم إذا كان على هذا المنحى الظاهر، بلا مستور.
وأما الإشتراكات فمعلوم أنها في قمة الفوضوية والمحسوبية، وكذلك الإعلانات، فمتى يمكن تسهيل الاستفادة العادلة منها، دون فرض قيود صارخة على المؤسسات المعنية، على نحو شبه تدخل في طريقة توزيعها لدعمها للصحافة.
دعم الصحافة الحرة أمر ضروري لكنه مشبوه، لأن الحرية عندما تدعم قد يكون ذلك جزءا ذكيا من مشروع تدجين واسع، أقله صبغ أنظمة الاستبداد العسكري بصباغ ديمقراطي، عنوانه حرية الصحافة مع ترك سائر العيوب الأخرى في هيكل النظام.
وترك الصحافة دون دعم، رغم توفر الفرصة، وأحيانا جلب دعم خارجي باسمها دون أن ينالها منه القسط القليل، في هذا الخيار ظلم كبير مركب.
والحل أن تدعم الصحافة دون شروط أو قيود على حرية النشر، إن أمكن ذلك.