يقول الله تعالي ( حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التى انعمت علي وعلي والدي وان اعمل صالحا ترضاه )
ويقول جل من قائل (ولما بلغ اشد ه اتيناه حكما وعلما > وفي القصص <ولما بلغ اشده واستوي اتيناه حكما وعلما وكذالك نجزي المحسنين )
والاشد هو تمام القوة وهو الشباب وهو القوة التى ذكرها الله تعالي في الاية الكريمة ولان الشباب قوة بين ضعفين ولانه افضل مراحل العمر كان الذي لم يصل مرحلته يتلهف ويصبو اليه ومن تخطاه يحن ويشتاق اليه
ليت وهل ينفع شيئا ليت ليت شبابا بوع فاشتريت
ومن جوائز اهل الجنة ان يشبوا فلا يهرموا ابدا ولم يتفق علي مجال محدد لدخول الشباب ولا الخروج منه فالبعض يحد دخوله بالخامسة عشر والبعض يعتبر اوله عند الثلاثينات كما ان البعض يوصله الستين في حين يوقفه آخرون عند الخامسة والعشرين
وعلي العموم فان الشباب هو تلك الفترة التى يمتاز جسم الانسان فيها بالقوة والنشاط ويكون في نفس الوقت قادرا علي التحكم ومسؤولا عن تصرفاته فالانسان في فترة الصبا نشط لكنه غير مسؤول عن تصرفاته وغير قادر علي توجيهها ومن هنا تبرز اهمية الشباب فما قبله نشاط غير محكم فيه وما بعده وهن وضعف يريد الانسان فيه من النشاط مالا يستطيع فعله
وفي مجتمع مثل مجتمعنا تفوق نسبة الذين تقل اعمارهم عن 25سنة الستين في المائة ولا يتجاوز متوسط مدى الحياة 53 سنة تظهر اهمية الشباب وتتعدد ادواره فما هي هذه الادوار ؟وما الوسائل التي علي الشباب ان يستصحبها للقيام بتلك الادوار ؟وما هي أهم العقبات التى تعترض طريق العمل الشبابي ؟
اولا- دور الشباب :لايمكن مطلقا حصر الادوار التى يمكن للشباب ان يقوم بها داخل مجتمعه الا انه يمكن تقسيمها الى دورين رئيسين هما :1_الادوار الفردية وتتلخص في أن الشاب ينبغي ان يتقن عمله وأن يمارسه بوصفه خدمة عامة ذلك ان قيام كل فرد بعمله علي أحسن وجه يعني في المحصلة بناء صحيحا للمجتمع والعكس صحيح كما ان من الادوار الفردية ان يحرص كل صاحب تخصص علي اطلاع الناس علي ما يستطيعون فهمه من تخصصه فالطبيب يبين اهمية النظافة ووسائل نقل العدوى وطرق الوقاية وغيرها كما يشرح المهندس المعماري اهمية تقدير مكونات الخرسانة وكيفية اختيار اماكن الاعمار والبناء المناسب للمناطق الحارة وهلم جرا
2_الادوار الجماعية :او العمل الجمعوي وهنا يأتى دور النوادى والجمعيات وأدوارها كثيرة ومتنوعة فمنها التوعية والتثقيف عن طريق المحاضرات والندوات والاماسي الثقافية التى يجب ان تتنوع وتركز علي ما يشد الانتباه ويثير الاهتمام وحبذا لو كان ذالك في اسلوب شيق ساخر كما فعل بعض شباب الانصار مع آلهة بعض كبارهم حيث رموها في الغائط وربطوا معها جيفة فكان ذلك سببا لإسلامه و مثلما فعل المفكرون في اورابا في عصر التنوير حيث كان بعضهم مثلا يقارن بين فوائد النبيل الذي لايعرف الاعدد ابواب قصر الملك واسماء كلبه الخاص ومتي يعقد اجتماعاته وبين صاحب المهنة الذي يقدم للمجتمع خدمات ويغني نفسه وعياله
كما ان من ادوار النوادى والجمعيات التطوع والعمل الخيرى الذي يفتح القلوب وينشر المحبة بين الناس كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم تهادوا تحابوا ومن آكد الاعمال الجماعية ان يسود التآخي والتجانس بين افراد النوادي والجمعيات ليكونوا قدوة للجميع وان لا تكون هذه النوادي والجمعيات مغلقة بل يجب ان تكون مفتوحة امام جميع الشباب وأن تحترم نظمها الداخلية ومواعيد تجديد هئياتها
ثانياـ سلاح الشباب او وسائله للقيام بادواره :ان اهم ماينبغي ان يتسلح به الشباب سلاحان اثنان ذكرهما القرآن الكريم في الايات السابقة هما :العلم والحكمة فبالعلم نتعرف علي الاشياء وبالحكمة نفرق بين الضار والنافع وإشارة القرآن الكريم اليهما اتت بالنسبة للنبيين موسي ويوسف بصفة العطاء الذي حصل بالفعل لكنه متبوع بجملة [وكذالك نجزي المحسنين ] حتى يبقى الباب مفتوحا واتت بالنسبة لعامة الناس في صيغة الدعاء الذي قد يتحقق وقد لا، فعلي الشاب اذن ان يسعي لتحقيق هذا الطلب بشتي الوسائل فعليه ان يتعلم وهنا يطرح سؤال :ماهو العلم المطلوب تعلمه ؟ فنقول ان العلم الذي ينبغي للشاب التسلح به هو العلم المستمر الفائدة فلا يكفي ان يكون مفيدا فحسب بل يجب ان يكون مفيدا وان تكون فائدته مستمرة في كل مكان وفي كل وقت ولنضرب لذلك مثالا :دخل احمد وسعيد وعمر علي مقهي فدخل سعيد مواقع اخبارية تعرف منها علي اخبار السياسة والرياضة والتقاتل والانتخابات ...اما احمد فقد دخل مواقع علمية فاطلع مثلا علي قانون الجاذبية الارضية او الضغط الاسموزي او قرأ شرح مفردة كان يجهلها واخيرا دخل عمر مواقع ضارة فبعد فترة سنجد ان عمرانحرف وان سعيدا تجاوزته الاحداث واما احمد فقد بنا معلومات متراكمة لا ينتهى تاريخها وليست لها حدود مكانية فعلي الشباب ان يقلل من الارتباط بالاخبار المثيرة وان يكثر من العلوم التجريبية دون ان ننسي ان الشاب المسلم يتقن فرض عينه من التعاليم الشرعية بمعنى انه يعلم ظاهرا من الحياة الدنيا وغير غافل عن الاخرة
اما الحكمة فهي ثمرة التلاقح بين العلم والعقل لذا يتفاوت ذووا نفس المستوى العلمى في الحكمة بتفاوت عقولهم والشباب احوج النا س الي الحكمة لانه مظنة التسرع لنشاطه واندفاعه
وما لم يتسلح الشباب بسلاح العلم والحكمة فانه سيكون معرضا للانحرافات والمنزلقات التى لن تقف مضارها عند حدوده بل ستعصف بالمجتمع كله
ثالثا ـ معوقات العمل الشبابي :معوقات العمل الشبابي تتناسب مع ادواره وفوائدها فكلما تعددت هذه الادوار وكثرت فوائدها كلما ازدادت هذه المعوقات وتعقدت ويظل ابرز تلك المعوقات :ما يتعلق بالشباب ـوما يتلق بالمجتمع
1ـما يتعلق بالشباب :غالبا ما يجد الشباب نفسه بين واقع لا يرضون عنه وطموح لم تتحقق وسائله فتتحصل لديهم ردات فعل خاطئة كلها فإما أن يستسلموا وإما ان يدخلوا في صراع مع المجتمع وقل أن يهتدوا الى خيارثالث
2ـما يتعلق بالمجتمع :غالبا ما تكون لدى المجتمع طرقه ووسائله لحل مشاكله التى استمدها من التجارب تلك التجارب التي لايعرفها الشباب وليس له ان يعرفها فعليه أن يكون تابعا و مقلدا وما لم يفعل ذالك يكون قد تجاوز الخطوط الحمراء وآذن بحرب من المجتمع
وخلاصة القول كما يقول اهل علم الاجتماع أن الخلاف بين الشباب والشيوخ مصدره جذري فالشباب ينظر الي المستقبل المتحرك نظرة ملؤها التطور والتغيرواما الشيوخ فينظرون الى الماضي الجامد ويقرؤون الحاضر بناء عليه أما المستقبل بالنسبة لهم فلا يأتي الا بالشر والوبال فيأتى الصراع الذي يأخذ أشكالا مختلفة فهذا الشاب يتحدى المجتمع وذك لديه آخرون يوجهونه,وهذه الجماعة من الشباب تريد تهميش الآخرين .وتلك اعمال ما سبكم بها من احد من العالمين ...
وهنا نتساءل ماذا علي الشباب أن يفعل لتجاوز تلك العقبات والقيام بدوره الذي لا يمكنه ان يتخلي عنه؟
في اعتقادي ان النشاط الشبابي المؤسس علي العلم والحكمة والمبتعد عن التهور والطموح غير المحدد سيبقي بعيد ا ولو نسبيا عن تلك العوائق وأنه يستطيع تجاوزها والتغلب عليها فمثلا اذا كان الشباب يحدد الاهداف العامة التى يريدها و يقسمها إلي أهداف جزئية و يؤمن بأن نفس الهدف يمكن الوصول اليه بعدة طرق ولايهتم بمصادر الاقتراحات بل بفائدتها ولا يخوض في التفاصيل غير المهمة ولا يعاند ولا يكابر ولا يمن بأفعاله ولا يسفه آراء وأفعال واقتراحات الآخرين حينها لن يجد الآخرون وسيلة غير اتباعه والانقياد لما يريد ’ وكما يقول معلموا السياقة فإن السائق الناجح هو ذالك الذي يعتقد ان كل السائقين مجانين وغير مسؤولين عن تصرفاتهم بل هو وحده المسؤول عن كل خطأ مهما كان دور الاخرين فيه