كلمة الإصلاح هذه المرة تحركت جميع خلايا جسمها فجأة أسفا وألما وحزنا وهي تستمع إلى بعض التلفزيونات الأوربية الناطقة بالعربية (إذاعة فرنسا24 بـباريز وإذاعة بي بي سي بلندن )وهي تـنـقل بوضوح عن باحثين ومحللين حقيقة العراك الحاصل الآن والمتطور والقابـل للتصعيد
بين "الخنزي"ر نـتـنـياه و"الثور الأمريكي" أباما بسبب إهانة الخنزير نتـنـياه للثور أوباما في وطنه وأمام مشرعيه بـإلقائه خطابا أمام المشرعيـن الأمريكيـين بالرغم من عدم رضى أوباما وجميع معاونيه عن استدعاء الكونكرس الأمريكي للخنزير ليـلقي خطابه من غير أن تمر هذه الدعوة بالبيت الأبيض ليأذن فيها أو يرفضها .
وللتذكير هنا فإن أوبا عندما جاء إلى البيت الأبيض سنة 2009 كان أول اهتماماته كسر شوكة هيمنة اسرائيل وعدوانيتها على جميع الأصعـدة باستخدام جميع الأجهزة الأمريكية بمالها وتشريعها ودوـبلماسيتها و"فيـتوها" في مجلس الأمن .
وكان من أهم القضايا التي يرى سيطرة اسرائيل فيها على الدولة الأمريكية والشعب الأمريكي هما قضية فلسطين والطاقة النووية الإيرانية .
فقام أولا بزيارة مصر مقر الجامعة العربية ليعرف من ذلك المقـر مدى قوة الجامعة العربية على مساندته في المجابهة الجديدة أو على الأقـل مساندته في تـنـفيذ اسرائيل لآخر استسلام للجامعة العربية تؤكـد فيه قبولها بالإجماع على تقسيم فلسطين حسب الحدود التي بدأت منها الهزيمة العربية سنة 1967 أي إنشـاء دولتين لاسرائيل وفلسطين طبقا لتـلك الحدود .
ومن المعلوم أن هذا الاستسلام والتنازل آمنت به الدول العربية أشـد الإيمان ،أما اسرائيل فعازمه ألا يطبق أبدا ولكن باستـنزاف جميع الخيرات من الجميع مع طول مباحثات عقيمة لا يقـف أثناءها استيطان ولا يظهر فيها تقاصر عن إهانة الشعب الفلسطيني وتـدميره كل ما حانت الفرصة لذلـك .
وعند أول زيارة لأوباما لمصر مقر الجامعة العربية اطلع على حقيقة ما يسمى بالجامعة العربية واطلع على حقيقة دولة مقر الجامعة ( مصر ) .
وبعد الزيارة أنشد يقول :
لقد اسمعت لو ناديت حيا ** ولكن لا حياة لمن تـنادي
فعلم أن الجامعة العربية تـتركب أساسا من ناحيـتـين شرقية وأخرى غـربية ، فالشرقية تـتكون من ثروات تملكها سلطات تريدها للغرب مقابـل قيمة زينة الحياة الدنيا من الغرب بعضها يستهلك في الغرب وبعضها يجلب للاستهلاك محليا ،وزينة الحياة الدنيا هذه ليس منها الخيل المسومة التي هي عبارة الآن عن أنواع السلاح المتطور والرجال الذين يجيدون استخدامه بالدفاع عن وطنهم على الأقـل بل ما بقي من الزينة الأخرى وهي النساء والبنين والقناطير المقـنـطرة من الذهب والفضة والأنعام والحرث ، وهذه الناحية من الجامعة تسمى دول التعاون الخليجي .
وأود هـنا أن أفـتح قوسا صغـرا جدا لأضع فيه نخوة وإباء دولة من هذا الخليج تسمى قطر حسب استطاعتها وتـنـفيذها لآخر الحديث ( فإن لم يستطع فبقـلبه فإن لم يستطع فبلسانه) .
أما الناحية الغربـية من الجامعة العربية فـتسمى ( دول المغرب العربي) ، ومن المعلوم أن من أهم دوله هما دولتي : الجزائر والمغرب عددا وعـدة وثروة في الجزائر وعمق حضارة في المغرب إلا أن هاتـين الدولتين من إرادة الله أن جعـل بأسهما بينهما وتم حرمانهما من المولى عز وجل من أن يخلق فيهما طول هذه السنين رجالا أو أفكارا تحمل مودة ورحمة بينهما ليستطيعا أن ينفعا صديقا أو يغضبا عـدوا بل بدل ذلك سلطهم الله على شعـوبهما من الحرمان من التعاون والتواصل مع أنه لا يفرق بينهما بحر ولا مسافات اللهم إلا إذا كان بحر مسافات من الحقـد والكـراهية العقيمة .
أما مقـر الجامعة العربية وهي دولة مصر ففهم أوباما عـند زيارتها أن فيها كـثيرا من البشر ولكنه تحت قيادة رجل واحـد فإذا كان عربـيا يكون الجميع عـربيا وإذا كان صهيونـيا يكون الجميع صهيونـيا بمعـنى أنها لا رجال فيها ولا أفكار يعول عليها خارج فكرة الرجل الواحد وإذا كان لكل قاعـدة استـثـناء فإن الاستـثـناء هنا لا ينهض مع فكرة القائـد لتمكن التبعـية العمياء من السواد الأعظم من سكان المنطقة .
وعـند رؤية هذا الثور الأمريكي الإفريقي بفكره الثاقب أن الجامعة العربية شيء فقط وليست فكرة وعزما وإرادة ترك اسرائيل تـلعب بمحادثاتها مع فلسطين محادثة نهايتها بنهاية الفلسطينيين فوق أرضهم واتـجه إلى الطرف الآخر الذي وجده دولة واحدة ولكنها الفرد الذي يفوق الجميع بكثير: قوة وحزما وعـزما فأراد أن يجعل محادثـته معه تشبه على قوته وسلاحه النووي محادثة اسرائيل مع الفلسطينيين بمعنى أن إيران تبني نفسها وقـوتها تحت محادثـتـها مثـل بناء اسرائيل لقـوتها وتحطيمها للجسد الفلسطيني أثـناء المحادثة وأمام ما يسمى بالجامعة العربية .
وهذا هو الذي فهمه الخنزير نتـنياه وقام ينـشط غيظا ، وبما أن أموال اللوبي اليهودي في أمريكا وظفوها في امتـلاك انتخاب الكونكرس الأمريكي وتحكمه في أصواته بينما أموال العرب وجهوها لامتـلاك الفنادق والمسارح ولاستـثمار المادي الذي لا ينطق ضد صاحبه إلا في الآخرة فقد قام اللوبي اليهودي باستدعاء الخنزير إلى إلقاء خطابه ضد إيران وسير المحادثات وتهاون أوباما مع إيران في شأنها ، وكان الثور أوباما على الحق في موقـفه هذا لأنه وجـد إيران وظفت خيراتها في تـقوية نفسها وتحت اسم دينها من غـير مواراة وإن كان فيه اعوجاج ولكنه فيه إباء وشهامة وتصميم لتحمي نفسها وكل من تعـلق بها فهنيئا لها ولقوتها ومقارعتها لاسرائيل .
والآن استدعي كل ضمير عربي مسلم حي لا يستكـفي بوظيفة الأنعام يأكل ويتمتع ويلهيه الأمل لينظر هذه المعادلة: ثلاث وعشرون دوله ملآ من الأموال والأفراد ودينهــــــــــــــــا واحد 99% لا تمـلك من القوة إلا قـوة الكراهية والحقد فلا تستطيع أن ترد عنها عدوا غازيا وجيوشها لا يعرفون إلا قـتال أبنائها وشرطتها لا تعرف إلا أفانين التعـذيب لمواطنيها داخل سجون دولها مقابـل دولة واحدة تقوى وتـتـوسع تحمي نفسها وكل من تعـلق بها وتـكيل التهديد الصاع صاعين بصواريخها العابرة للقارات وبوارجها ومناوراتها العسكرية المخيفة للعـدو.
هذه المعادلة البائسة من جهة الجامعة العربية والمشرفة من جهة جيرانها هي التي أريد أن أنـقلها إلى الضمير العربي المسلم ليتألم ويتحير ويحزن مع أهل الضمائر التي مازال فيها حياة تـتـألم وتحـزن .
ولاشك أن هذا الرمق الأخير من حياة هذا الضمير سينـتـهي غما عندما أملي عليه آخر الخبر الذي سمعته من نفس الإذاعات أعلاه الأوربـية الناطقـة بالعربية حيث استضافوا متحدثا ومحللا استراتيجيا اسرائيليا فسألوه عن حقيقة تحليق الطائرات الإسرائيلية بدون طيار يوميا فوق الأراضي المصرية وفوق سيناء بالذات فأكـد هذا المتحدث لمخاطبه القضية وقال بالحرف الواحد إن الخبراء العسكريـين الإسرلئليين والمصريـين يتبادلون الزيارة يوميا في الموضوعات التي تهم البلدين .
والذي ظهر أن من ما يهم البـلدان: اسرائيل ومصر هو تدمير غـزة بالحصار الحانق ثم إعلان أحكام قضاة مصر أولا بأن "القسام" منظمة إرهابية وبما إن اسرائيل تعـتـبر حماس وجميع فصائـل المقاومة منظمات إرهابـية فعلى قضاة مصر أن يحكموا بذلك ويعـلنوه للـملأ غـير مبالين بإظهار هذه السوءات أمام العالم ولا سيما سوءات القضاة .
ومن هـنا أوجه هذا السؤال للدول العربية : إذا كانت الجامعة العربية قد نـقلت مقـرها عن القاهـرة بمجرد زيارة السادات لإسرائيل فماذا تـنـتـظر الجامعة العربية بعد تبادل جميع الموظفين السامين للزيارات مع الكيان الصهيوني وإعلان القضاء المصري أن المنظمات الفلسطينية هي منظمات إرهابية ؟ .
فهي بحق إرهابية على الكيان الصهيوني فإذا كان إرهابها لهذا الكيان هو إرهاب لمصر فإن الجامعة العربية أصبح مقرها في دولة صديقـة وشقيقة للكيان الصهيوني ولا عـلم لـي بتعاون في أي قضية كان يجمع الدول العربية إلا قضية فلسطين المغـتـصبة .
وإذا كانت الأمنيات المستحيلة مسموح بطرحها ، فإني أتمنى أن يبعث الله الآن زعماء العرب الثلاثة : جمال عبد الناصر وصدام حسين ومعمر القـذافي رحم الله الجميع حتى يروا ما فعـل بأوطانهم بعدهم ، ولكن هذه الأمنية أتمناها بعد لقائهم لله وبعد انتهاء خصومتهم أمام الله مع ضحاياهم كما قال تعالى : (( إنـك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون )) وهنا أرجو من الله أن يكفر عنهم نتيجة وصف وفاتهم أمام أهل الدنيا جميع ما عـملوا مما نهاهم الله عنه .
فبـعد لقاء الله سوف يكون تمحصوا من كبرياء العروبة المحضة وبقي معهم كبرياء العروبة بالإسلام ( الرسالة الأخيرة من الله للبشرية )التي أختارها أن تكون العروبة ناسوته الأول الحافظ للاهوته بمعنى حقيقـته الناصعة المتمثلة في قوله تعالى:(( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) .
وهنا أذكر أن وفاة جمال رحمه الله وإن كان توفى على فراشه فإن وجود إسرائيل في سيناء لا يحول بينها وبين منزله إلا نـيل مصر أصعب من وفاة نظيريه الآخرين .
فعندما يـبعثون الآن فسيرى جمال عبد الناصر رئيس مصر السيسي وجنوده يتخـذون الصهاينة أولياء يلقون إليهم بالمودة ويتخذون الفلسطينيون أعداء لا يالونهم خبالا قد بدت البغضاء من أفواههم ويرى كذلك السيسي وقضاته جعلوا من مصر الحضارة أضحوكة للعالم بتصرفاتهم التي لا تصدر من عاقـل فضلا عن رئيس وقاض .
وسيرى صدام حسين ما فعـله الأكراد والشيعة بالعرب السنة دمروا ديارهم وأخذوا أموالهم وشردوا نسائهم وأبناءهم ، وسيرى معمر القذافي ما فعله سكان مسقط رأسه سرت من قـتـلهم للأبرياء ضد تعاليم الإسلام وما فعله حفـتر وبرلمانه الطبرقي من تمزيق عروس ليبيا في برقة بنغازي بقـتـل أطفالها ونسائها وتدميـر بيوتها .
فإذا بعث هؤلاء بإبائهم العروبي الإسلامي وبنخوة أرومة أصولهم حاملين لأفكار الفاتحين الأول الذي أعزهم الله بالإسلام متيقـنين أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فسوف يشفي الله بهم عندئذ صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم أو يبعث الله من المؤمنين الموجودين أحياءا قوما يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائـم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .