احتفت موريتانيا اليوم باليوم الوطني للغة الضاد تحت شعار " اللغة العربية لغة تلاقح ثقافي"،قبل أيام من الآن.
و في العام 1973، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 3190 باعتماد اللغة العربية التي يتحدث بها أكثر من 430 مليون شخص كلغة رسمية في الأمم المتحدة،
ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية.
لكن ما ينغص الاحتفال باليوم الوطني للغة العربية هو أن حوال الـ 50 مليون عربي، معظمهم من النساء لا يجيدون القراءة والكتابة بلغتهم الأم.
وقد كشف عن هذا الرقم، مدير مكتب اليونيسكو الإقليمي في الدول العربية الدكتور حمد بن سيف الهمامي، في خطابه عشية اليوم العالمي للغة العربية العام المنصرم(2014).
تعد نسبة الأمية في الدول العربية مرتفعة كثيرا في زمن العولمة والتطور التكنولوجي، وفي زمن لم تعد الأمية مقتصرة على "فك الحرف" والقراءة، بل على مهارات التواصل التكنولوجي والفكري مع الآخر.
كما تعتبر اللغة العربية في خطر-بحسب "وثيقة بيروت" - التي خرج بها "المؤتمر الدولي للغة العربية في العاصمة اللبنانية في مارس الماضي من العام المنصرم أن "اللغة العربية في خطر، و الجميع شركاء في حمايتها".
فقد أظهرت الدراسة الصادرة عن ذلك المؤتمر أن "معظم المعلمين والمعلمات في العالم العربي لا يجيدون اللغة العربية كتابة ولا نطقا ولا قراءة".
وأشارت الدراسة إلى أن "الخلل في الكتب" وإلى أن "العاميّة باتت لغة التدريس"، وإلى أن "اللغة الأجنبية أو اللغات الأجنبية باتت شرطا للتوظيف والعربية لا".
ولفتت الدراسة إلى أن "الاستثمار في اللغة العربية من أولويات الاستثمار في الإنسان العربي وعقله وفكره ومهاراته وقدراته الشخصية وهويته".
وحذرت الدراسة من أن "استمرار الأزمة يؤدي إلى كارثة لغوية تهدد السيادة والاستقلال والهوية الثقافية والوطنية والشخصية".
واليوم ونحن نحتفى باليوم الوطني للغة الضاد في مورينانيا علينا أن نتساءل لماذا سميت لغة الضاد؟ ومتي كان ذلك؟
إن حرف الضاد أحد حروف الهجاء العربية وله منزلة فريدة ولذلك اختاروه ليكون مميزا للعرب عن غيرهم في لغتهم و أطلقوا اسم الحرف على اللغة العربية فقالوا:لغة الضاد ولسان الضاد والناقون بالضاد ومنذ الصغر ونحن نردد:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان
ومن نجد إلي يمن إلي مصر فتوان
لسان الضاد يجمعنا بعدنان وقحطان
فلماذا خصوا هذا الحرف بهذه الميزة؟ ومتى كان ذلك؟
أما لماذا خصوا حرف الضاد من بين الحروف،فذلك لأسباب أذكر منها:
صعوبة نطق حرف الضاد لدى غير العرب بل وبعض القبئل العربية.
خلو اللغات غير العربية من صوت الضاد تماما.
عجز الناطقين بغير العربية عن إيجاد الصوت البديل الذي يغني عن صوت الضاد في لغاتهم.
ولكن هذا الإصطلاح لم يكن قديما قدم اللغة العربية ولم يكن معروفا في الجاهلية وصدر الإسلام بل و العصر الأموي،لأن التنبية إلي قيمة الضاد في لغة العرب برزت منذ تعرب العجم وعجز هذه الأفواج الجديدة و الطارئة على اللغة العربية في نطق هذا الحرف مما جعل علماء اللغة العربية يولونه الاهتمام ويخصونه بالدراسة ولعل أقدم النصوص التي وصلتنا الحديث الذي روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم(أنا أفصح من نطق بالضاد،بيد أني من قريش) وهذا الحديث من جهة المعني صحيح لاشك فيه ولكن أدرج ضمن الأحاديث الموضوعة وأنا لست بصدد دراسة سند ومتن الحديث لأنى لم استشهد به على موضوع ديني.
أما التأريخ لمصطلح لغة الضاد فكان في نهاية القرن الثاني،وبداية القرن الثالث وقت تدوين وتقعيد اللغة.
وهذه الفترة برز فيها الخليل وسيبويه والأصمعي وغيرهم وهي الفترة التي بدأ علماء اللغة يتحدثون فيها عن حرف الضاد فهذا سيبويه(183 ه) يقول يعد حرف الضاد ضمن الأصوات غير المستحسنة ولا الكثيرة في لغة من ترتضى عربيته ولا تستحسن (في قراءة القرآن ولا في الشعر)ذلك أن بعض العجم بل وبعض العرب يخلطون بين الظاء والضاد في النطق، وقال الأصمعي(284 ه) ليس للروم ضاد.
وإزاء هذه الظاهرة(غياب الضاد وإبدال الظاء بالضاد) ألف بعض اللغويين رسائل تميز بين الحرفين ومنها أرجوزة في التمييز بين الضاد والظاء لأبن قتبية(276 ه) ورسالة(الفرق بين الضاد والظاء للصاحب بن عباد(385 ه) ومقامة الحريري المكونة من تسعة عشر بيتا جمع فيها قدرا كبيرا من الألفاظ الظائية ومنها قوله:
أيها السائلي عن الظاء والضاد لكيلا تضله الألفاظ
إن حفظت الظاءات يغنيك فاسمعنا استماع امرئ له استيقاظ
هي ظمياء والمظالم والإظلام والظلم و اللحاظ
ورغم بروز هذه الظاهرة (ظاهرة التأليف في الضاد) وإظهار خصوصية اللغة العربية بها إلا أنها لم تجعل لغتنا تسمى لغة الضاد بعد وأغلب الظن أن أبيات المتنبي(303-354) التي يفخر فيها بقوله:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضاد وعوذ الجاني وغوث الطريد
كانت قد مهدت لهذا الاصطلاح فالمتنبي لا يريد بالضاد اللغة العربية وإنما أراد الضاد بوصفه حرف الفصاحة وفخر كل عربي لأن الضاد كما يقول العكبري لم ينطق بها إلا العرب.
أما جعل الضاد مساوية للغة العربية فهذا في العصور اللاحقة عندما بدأت الحركات القومية تأخذ طريقها إلي هذه الظاهرة ،وأعتني الأدباء في العصر الحديث باللغة العربية.
وانطلاقا مما سبق فإن لغة الضاد ستبقى شامخة رغم كل المطبات التى تعيق طريقها والهجمات المغرضة التى تتعرض لها من لدن أعداء الإسلام وأعداء الأمة العربية المجيدة.