الزراعة في بلادنا ..المزارع هو التحدي الحقيقي / م . لمهابه ولد بلاّل

الزراعة عملية فضفاضة وكبيرة ومتشعبة تجمع بين المفهوم العام المتداول الشعبي و بين القطاع الذي يمثل ركيزة اقتصادية تمثله دولة عبر جهاز حكومي متكامل يسعى للرفع من أداء هذا القطاع ؛ وللزراعة ركائز كثيرة وسلم ومثلث أّضلاعه الانسان والأرض والمناخ وظلت كل الخطط

الرامية لتطوير الزراعة تصطدم بمعوقات كثيرة منها ماهو بنيوي وتنظيمي واداري ومايتعلق بالوسائل والاستثمارات بيد ان المزارع ظل هو الحلقة الثابتة الأهم في كل مراحل تطوير الزراعة في بلادنا و اللاعب الأبرز في العملية الانتاجية ، وكلما غاب تحديد مفهوم المزارع بشكل أدق انعكس ذلك سلبا في مرحلة لاحقة على النتائج المرجوة ؛ فالمزارع الذي هو الانسان المهتم بنتيجة الزراعة في الأخير والمستفيد منها والمفيد سواء كان مستثثمرا أو مالكا أو تقليديا قد تأثر هو الآخر في العقود الماضية بسبب تنوع الزراعة وتطورها فأفرز هذا المفهوم أنماطا عدة منها المزارع المؤقت ومزارع الفرصة أو الاستفادة الذي يخلع جلباب باقي المهن للاستفادة من قروض او مساعدات وسرعان ما يخل بالتزاماته مما يؤثر على العملية ؛ وغير ذلك من التقسيمات التي تثبت ان هذا المفهوم دخل مرحلة من الضبابية منذ سنوات السبعينيات من القرن الماضي والهجرة غير المسبوقة نحو المدن مما شكل نزيفا امستمرا لصيد المزارعين الحقيقيين . هذا الواقع يستثنى منه بشكل اقل حدة المزارع في الواحات الذي ظل يحافظ على نمط من التميز بسسب طبيعة زراعة النخيل وطريقة ملكية الواحات وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي . وقد شهدت فترة الثمانينيات وحتى التسعينيات تسيير رحلات موسمية باشراف الدولة للمزارعين الى أماكن الانتاج في خطوة اعادت وان بشكل محدود المزارعين الى مناطق زراعتهم التقليدية ، بيد أن حجم الاستثمارات في السنوات الأخيرة وخاصة في مناطق الضفة كشق قنوات الري وتقديم الدعم والقروض وانتشار الزراعة المروية وخاصة زراعة الأرز وانشاء السدود وتمرميها في المناطق المطرية ظهر للعلن وبشكل اكثر استقرارا تكتلات أشبه بالمجتمعات الزراعية شبه العصرية كالتعاونيات التي ظلت هشة بشكل عام وان كانت هناك تعاونيات وصلت لمرحلة من الوعي وشكلت شبه بنية مرضية اداريا وتنظيميا وماليا .. ومهما يكن من أمر فان المهتم بتطوير قطاع الزراعة في ظل التنوع الحاصل وادخال محاصيل استراتيجية كالقمح وبعض أصناف الخضراوات وحتى قصب السكر وربما لاحقا أشجار الفاكهة بأنواعها وظهور أساليب جديدة من الري كالري بالتنقيط أو المحوري أو الري بالرذاذ ؛ يتحتم عليه أكثر من أي وقت مضى غربلة مفهوم المزارع غربلة تقوم على أسس علمية وعملية تؤدي في الأخير الى افراز مزارعين حقيقيين قادرين على الافادة والاستفادة ولن تتأتى هذه الخطوة الا بالجواب على عدة أسئلة من هو المزارع ؟ أين يوجد وطبيعة عمله أو اسهاماته في العملية الانتاجية هل هو تقليدي بسيط يملك قطعة أرضية صغيرة أم عضو في تعاونية أم مستثمر لديه الامكانات ؟ هل هو مؤقت وما مدة عمله في الزراعة وكيف ستؤثر على الانتاج ؟ يعمل في الزراعة المطرية أم المروية ؟ الى غير ذلك من المعلومات التي في الأخير تكون بمثابة استمارة احصائية أو قاعدة بيانات تحصر بشكل شبه كامل عدد الزراعين على خارطة الانتاج الوطني وبالتالي سهولة مساعدتهم في القروض أو التكوين ومراقبة التزاماتهم وتقييم انتاجهم وتصحيح أخطائهم . 

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق

13. مارس 2015 - 15:42

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا