أضحى التعليم فضاءًا رحبا للتنكيت و اللعب الرديء بالكلمات و التعنيف المُتَكَلَّفُ للحروف , و الحديث عنه مناسبة للبكاء الرخيص و انهمار دموع التماسيح ....... و ليس ذلك بالأمر الغريب عندما يتعلق الأمر بقطاع انقطعت به السبل و ازدحمت عليه المصائب و تكالبت عليه السرقات و الخيانات
و الوعود الكاذبة و الشعارات الملفقة و أيتام الضمير و لصوص الحرف وطلاب الرزية و قطاع الطرق ...........
التعليم و ما أدراك ما التعليم في بلادنا ! إذ لا يوجد في بلادنا تعليم على الإطلاق منذ إفساد 99 الذي حمل معه كل علامات التردي و الخيبة و الفساد , و سائر وسائل الهدم و الردم و الإخفاق ....
آنذاك تغنى كثير من (المسؤولين) و على رأسهم مدير التعليم العالي تلك الفترة ( إزيد بيه ولد محمد محمود) على ذلك المنعرج الخطير و تلك الإنتكاسة المؤلمة , ليتحول التعليم المثخن بالجراح بين عشية و ضحاها من لُغةٍ أم إلى لغةِ استعمار قديمة متجددة و لعبة موغلة في المتاجرة بالهوية و الوطن و الدين !
إفساد 99 كان بمثابة إنقلاب واضح المعالم مكتمل الأركان على الروح الوطنية و الهوية الحضارية , قادته طقمة من ضباط التصفيق و التملق بدعم خارجي ( فرنسي ) لا لبس فسه , حاله حال جميع الإنقلابات الرجعية في دول العالم المتخلف , لتبدأ المأساة تأخذ بعدها الإنساني الخطير تجهيلا و تعجيما و تغييبا .........!
و لَمَّا كان الكثير من المُكَوَّنينَ باللغة الأم هم أوائل المَقْصِيِّين من ضحايا الإفساد بفعل التحول الفجائي نظرا لعجزهم عن التدريس باللغة الفرنسية المفروضة فرضا , كان على الإنقلابيين البحث في العتمة عن مجندين يَكِلونَ إليهم مهمة السطو على الحجرات و التلاميذ ..... فجاءت أول كتيبة من العقدويين ( مفاتيح في الدقيقة ) التي نزلت سنة 2006 على عجل و دون تكوين و لا تأطير إلى الميدان بشكل عشوائي متولية ممارسة أول إبادة جماعية في حق الأبرياء من التلاميذ و الطلاب ! لتتوالى بعد ذلك و بشكل فَجٍ و رهيب تلك الإكتتابات الإستثنائية قبل أن تتحول الكارثة إلى ظاهرة طبيعية و المأساة إلى واقع لا مناص منه مع إسلام سيقان الفوضى لريح العبث داخل القطاع !
هكذا بَدا التعليم في سنواته العجاف تلك و أيامه الغريبة هذه , و هكذا أصبحت ساحاته تعج بالمدفوعين و المقطوعين و المعتوهين و الموتورين و المهصورين,,,,, فتبدل الحال من سيء إلى أسوء و توضح المآل في إفرازات هذا القطاع المظلوم !
التكوين , التأطير , النزاهة , الحيطة و الحذر خاصة في مجال التعليم أمور لا غنى عنها و واجبات لا تسقط بالإستعجال , لأن معلما فاسدا يصنع جيلا من المفسدين لا قبل للمجتمع بأعباءه , أحرى آلاف مُدرِّسي أَكُفِّ العفاريت !
ضف إلى ذلك ماكنات الفساد التي تشتغل بالليل و النهار , في السر و العلن من داخل مباني الوزارة و إداراتها المتفرعة شوكا و حنظلا في البلاد , حيث تغيب النزاهة عند اختيار المسؤولين و يفسح المجال لكل ذي سرقة و تلصص لإستعراض مهاراته , فلا رقيب و لا حسيب و لا مُتألم ...! عالم من المضاربات و المقايضات و الوساطات و سوء التسيير و شيوع الظلم و الإجحاف بكل العناويين و التفاصيل .
مشكل التعليم في بلادنا اليوم كارثة بكل المقاييس , يعتلي أعلى الهرم فيه شخص غريب لا يفقه من أمره شيئاً سوى أن المدرس محاط ب"دكاكين أمل" التي كانت أهم المعطيات الإيجابية التي تحدث عنها الوزير بلغته المُهَشَّمَةِ في برنامج "الحكومة في ميزان الشعب" , حيث لا أمل و لا حلول و لا أفق لِطَرْقِ مشاكل التعليم الحقيقية , الجوهرية التي تتعلق بالأساس بعينة المدرس و نوعية المربي و معدنه و قدرته و فاعليته و تكوينه و تأطيره و صقله و إعداده و تمكينه .....فيصور الوزير لنا مثلا أن مشاكل التعليم في "بورات" قد تم تسويتها ببناء بعض الحجرات على نحو تخطت فيه المطالب هناك إلى مشاريع الخضروات لَمَّا فرغوا من مشكل التعليم !!!!!
التعليم يئِن , يُحتضر ... و البعض يُنَكِّتُ بإهانة الحروف و تعنيف الكلمات و البعض الآخر يلعب على الحبال و ينظر للكارثة من زاوية اللهو و محاولات الوصول اليائسة و التزلف و كسب النقاط و الدرجات ثم التمرغ في طين ود من لا ود له إلا ما كان من المنة ب"دكاكين أمل" .