للإصلاح كلمة تتعلق بزيارة رؤساء العالم الثالث لداخل وطنهم / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة تريد فقط أن تـنبه العقلاء من رؤساء العالم الثالث أن الشكل الذي يقومون به لزيارة الولايات الداخلية لا ينسجم مع مأموريتهم المحدودة في الحكم .
فهم ليسوا ملوكا دائمين حتى يكون

الاحتفال بقدومهم ولقائهم مع المواطنين شيء مستمر خارج من القـلب لأسباب كثيرة ، وحتى ينظر إلى احتـفاء المواطنين بـلقائهم ورفعهم للشعارات المكتوبة والمنطوقة عنده أصالة ثابتة لا تـتـغير لعدم تغير ذوات المحتـفل بقدومه اللهم إلا إذا كان خلـفه السلالى الذي يحمل من الاعـتبار والتـقدير ما يحمله سلفه  الملك الراحل .
وكذلك ليسوا أصحاب قيادة دينية مقـدسة لها من الاعـتـبار الديني ما يجعل كل تصرف يقوم به الشعب من الاحـتـفاء وإظهار البشر الخالص على وجوه المستـقـبلين وسخائهم بكل ما ينفـقون وما يقومون به تجاه ذلك الملك أو ذلك القائد الديني إلى آخر كل التـقديس الثابت له ما يبرره  .
فهم أولا وصولهم إلى الرئاسة إما بانـقلاب بالقوة التي تحت أيديهم وهي ملك للشعب ومقـنن موضوع استعمالها وفي هذه الحالة فالأقـل من المواطنين بصفة ضيقـة هو الذي لا يكن لهم البغضاء الذي لو كان مجردها يقـتـل الانقـلابي لأصيـب فورا بجلطة دماغية من شدة الغضب وهذا الغضب مدته تـكـثـر وتـقـل حسب تأثـر من أغضبهم الانـقلاب وبعضهم يتمخخه هذا الغضب حتى يحيي بحياته ويموت بموتـه .
فلا يعـقـل أبدا أن يحتـفـل أو يحتـفي بقدوم أو برؤية هذا الانـقلابي أو هذا الرئيس المنـتخب الذي صوت كل من لم يـرضه ضـد نجاحه .
فكان على هؤلاء الرؤساء سواء كانوا انقلابيين أو منتخبين أن يفهموا وضعيتهم في المجتمع ولا يعرضوا أنفسهم إلي فحوي حديث النبي صل الله عليه وسلم إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم .
فالعالم المتحضر رؤساؤه الجمهوريين لا يقومون بهذه الزيارة التي تلزم الشعب أن يصطف في طوابير طويلة ليلتمس بأقل من 1% على الثانية يد رئيس لم يصوت علي وجوده كرئيس ولا يقدسه تقديسا دينيا بل أولئك العقلاء الجمهوريين من العالم المتحضر لا يقومون بهذا التحرك داخل دولهم إلا لطارئ يتأثر منه الشعب بأكمله مثل: الكوارث الطبيعة في مختلف أنواعها أو الحوادث المهمة أو تدشين منشآت تعود إلي المجتمع نتيجتها، كما كان هو فعل رئيس موريتانيا الحالي .
هذه الحقيقة متعلقة برؤساء الجمهورية في العالم الثالث وعليهم أن يتفهموا مضمونها.
أما من حيث الشعب فهو الآخر عليه لومة لائم مليم أكثر من لوم الرؤساء لأن الرؤساء عندهم حاسية استعلائية من جهة الواقع ومؤقتة وهم يعرفونها ويؤرقهم ذلك ومن جهة الرئاسة حيث أنهم يحبون أن تتمثل لهم الرجال وقوفا ينتظرون قدومهم يتبعون في ذلك خطوات الشيطان في خلود الأشياء وبقائها والتمتع بذلك سنين وقل أن يتذكر أحدهم قوله تعالى : (( أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يتمتعون )) .
هذه ضربة لازب جعلها الله في الإنسان مثل تنفسه وقضاء حوائجه الإنسانية .
أما الشعب  فإن لومه ينصب على أن الماثـل بين عينيه ضرورياته الملحة ولاسيما المعيـشية منها ويعـرف جـيـدا أن كـثـيرا من مؤثـرات صعوبة المعيشة يتحكم فيها الرؤساء والسلطة التـنفيـذية بصفة عامة مثـل: صعود الأسعـار والافـتـقار إلى جميع متطـلبات الحياة من ماء وكهـرباء إلى آخره ، ولا أظن أن أي عـاقــل يظـل يزغرد ويصفق لمن لا يحس بإحساسه ويسـتـطيع أن يـزيل ما به من ضـنـك ولم يفــعــل .
وهنا أود أن يعلم الجميع أن هذه الملاحظات ليست مكتوبـة أمام أو إبان الزيارات التي ينوي الرئيس الحالي لموريتانيا أن يقوم بها للولايات بل إن هذه الزيارات التي يطـلـق عليها الزيارات الشعـبـيـة تـشمل جميع مناطق الولاية وكان يكـتوي بنارها جميع الوطن الموريتاني بـدءا من خزينة الدولة واستـنـزافها على جميع الأصـعـدة بدءا من الإنفاق على طوابـيـر جميع أجهزة الأمن وإجبار كل مولود في الولاية على الحضور إليها في تـلك الآونة  من كـل فـج عمـيـق .
فهذا الاستـنـزاف عشناه وشاهـدناه مع الحكم السابـق في أشـد مظاهره ، فكانت السيارات قـبـل الزيارة بأسبوع تـقوم بنـقـل صالونات بجميع تجهـيزاتها لمبـيـت ليلة واحدة وذلك في جميع المقاطعات وتبني في كل نقطة تـوقـف محطة للخطاب ، ويقوم الوالي من جهتـه بابتزاز جميع المواطنـين ولا يرضيه منهم إلا دفع الملايـين حسب مظنة وجود المقدرة على ذلك   زيادة على عشرات الملايـين التي تحولها الخزينة العامة إلى والي  الولاية المزورة حتى سمعـنا نـكتة آنذاك تـقول : إن واحدا من أكبر رجال الأعمال رحمه الله طـلب من الرئيس آنـذاك أن يعـيـنه واليا ويزوره ويقـيـله بعـد ذلك ليستريح بـتـلك الزيارة مـن تعـب التجارة .
وهنا أصرح بأن المعطيات توحى بأن الرئيس الحالي لم يقلد ذلك الشكل من الزيارة وسوف لا يـقـلده ولكني كـنت أظن أنه سوف يكـتـفي بما كان يقوم به من الزيارات وهو زيارة المكان المحدد فقط لمهمة التـدشـين أو لإنشاء وخـلق مدينة أو منشأة محتاج إليها في المكان إلى آخره كما يفعـل الرؤساء المؤقـتة رئاستهم بزمان يكونون بعده أشخاص عاديون يدخلون ويخرجون من غـيـر أن يلـفـتوا نظر أي مواطن بعـد أن ذهبوا عن سجلاتهم بما حملوا إن خيرا فخيرا وإن شرا فـشرا ، كما هو الشأن الآن في حياة رؤسائـنا السابقـين الذين مازالوا على قـيـد الحياة رحم الله السلف وبارك في الخلف منهم  .
فهذه الحقيقة وهي زوال هذه المظاهـر الاحتـفالية والحفاوة المفـتـعـلة التي تنتهي بعـد حين مع جعـل المواطن ينوء كاهـله بما تحمل من هذه الزيارة التي لا تعـني حقيقـــة إلا أعضاء لجان الاستـقبال الذين يستطيعون المعاش مع صعوبة أسعـار المواد الغـذائية وجميع حاجـيات الإنسان الضرورية بإمكانياتهم المعروفة لدى الجميع .
ومن هـنا أذكــر السلطة التـنـفيذية إذا كانت حقا تريد حوارا يرضي الله ورسوله وتـنال به أجر الدار الآخـرة فـلتـتحاور مع ذلك الشعب المزور التي سوف تسـأل غدا عن ضرورياته ومطلوب أيضا من المعارضة طلب إزالـة كل ضرر عـنه وليس مطلوب من السلطة التـنفيذية المحاورة مع المعارضة.
فالمعارضة جسم خـلقـته الديمقراطية وعليه ما حملته الديمقراطية والسلطة التنفيذية شيء خلقة الله وعليها ما حملها الله من حقوق المواطنين.
فكل من السلطة التنفيذية والمعارضة لم يلتزم بالكتاب المقدس للديمقراطية( الدسـتـور) فالدستور لم يدخل الديمقراطية في شأن وضعية الحرس الرئاسي ولا الأمـلاك الخاصة للمواطن اللهم إلا إذا كان اخـتـلسها فـقانون الجرائم هو المسؤول عن ذلك إلى آخر أكـثـر متـطلبات المعارضة في وثيـقـتها ، وكذلك فإن الكتاب الأول الدستور لم يعط للسلطة التـنـفيـذية إلا صلاحيات خاصة تعنى الالتزام بأمن البلاد داخـليا وخارجيا والبحث عن تخـفيف وطأة الكوارث من ارتـفاع الأسعار .. الخ ، ولم يعطها التصرف في أملاك الدولة حيث تشاء وإصدار الصفـقات باسم الدولة فالآمر بالصرف في الدول الديمقراطية هو وزير المالية وليس الرئيس فكل وزير هو المنفذ لما تحت يده وهو المحاسب عليه أمام البرلمان .  
وباخـتـصار فإن صلاحيات الرئيس تبدأ من المادة27 إلى المادة40 من الدستور فكان على كل من المعارضة أن تتكلم أو تحاور داخل هذه المواد أما المعارضة فلا وجود لها في الدستور ولا في الإسلام إلا بالنصح والتوجيه والإرشاد.
فعلى السلطة التـنـفيذية ومعارضة الديمقراطية أن يراجعوا الوثيقة الأولى في القوانين وهي الدستور  لا لتـغـيـير موادها التي استـفــتي الشعب عليها وأقرها ولكن لمعرفة صلاحيات السلطة التـنفيذية لتـقـف عندها وصلاحية المعارضة خارج الدستور لتـقـف عندها فإن فعـل الجميع ذلك فعلى الرئيس ما حمل وعلى المعارضة ما حملـت وإن تطيعوا الله ورسوله في الجميع فقد اهـتـديتم ولم يبق إلا أن أقول: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
       
    
                    

14. مارس 2015 - 9:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا