من المعلم إلى الأستاذ.. وجب الفصل بين همزة القطع وهمزة الوصل " / عثمان جدو

من المعروف أن النقد هو تعبير مكتوب أو منطوق من متخصص يظهر سلبيات أو إيجابيات أقوال أو أفعال أو إبداعات أو قرارات متخذة من طرف إنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر هذا الناقد ، كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف في ما ينتقد وقد يقترح حلول .

بعد هذا التعريف الذي يكاد يكون جامعا ؛ نبدأ تعليقنا على المقال المسمى "التعليم بين انقلاب 99 ودكاكين أمل" ، وبما أن الكاتب نصب نفسه مدافعا عن التعليم رافعا لشعاره ؛متقمصا بذلك شخصية السابر لأغواره ، حيث بدأ بالتقليل من قيمة ما يكتب في هذا الميدان من طرف غيره ، واصفا ذلك بالتنكيت ومحض اللعب وأشياء أخرى ، واستطرد في أسلوبه المعهود ؛ الهجاء عن طريق النقد الغير بناء ، وأخذ يرمي التهم جزافا ؛ وينثر الشهادات من مخيلته دون احترام المعايير اللازمة للتقويم ؛وإنما فقط إبرازا لعضلات متكزرة وإظهارا لنيات خبيثة حبا في التفرد والاستعلاء .
إن النقد البناء إذا حاد عن جادته تحول إلى ضده ، ولايكفي للناقد كما يخيل إلى البعض ؛أن يمتلك لسانا بسبعة أذرع ولحما نبت على الهجاء وعظاما تفتقت عليه وقلبا يتضوع حقدا ، بل لابد للناقد من أن يكون منصفا ، فالإنصاف من شيم الأشراف ، وعليه أن يكون شريفا في ذكر ما يذكر وشكر ما يشكر وإنكار ما ينكر، وعليه أن يظهر الاعتراف بما هو جلي ، وطبعا لا عبرة باعتماد بعض هذه المعايير وتجاهل الآخر جهلا أو حسدا أو بغضا .
وبما أننا في حديث عن التعليم ووقوفا عند هذا المقال الذي يقصي صاحبه كل ما أثير حول موضوع التعليم ؛ دون الاعتراف بحسنة واحدة وردت في كلام من تكلموا فيه على كثرتهم ، سنعتمد معيارين بسيطين للتعليق على هذا المقال أولهما يتعلق بالمحتوى العلمي والثاني أخلاقي ، وطبعا التعليم يرتكز على العلوم والأخلاق ؛فكم المعلومات ليس بأولى من تأثير التربية وانعكاس التهذيب .
وبدءا بموضوع العلوم أو المعلومات سنقتصر في هذا المقال على أول ذلك وأبسطه ولن نتجاوز مشكل الإملاء وسنترك الخوض في ما سواه مع أنه موجود منه مايثير النقاش .
بالنسبة للإملاء ولأن ناقدنا أخذ الحديث عن الكلمات والمعاني من وقته الكثير ، وبالتالي عار عليه وعيب أن يقع في تافه اللحن وسيء الأخطاء ؛ خاصة تلك التي لا يقع فيها تلاميذ المعلمين اللذين يزدريهم بكلامه وتصنيفه .
ونبدأ بالعنوان مع أول الأخطاء الإملائية التي لا تليق بكاتبنا وناقدنا ؛حيث كتب في عنوانه كلمة انقلاب بهمزة قطع "إنقلاب" وهذا خطأ نصححه قبل الصف الخامس ابتدائي ،نفس الخطإ تكرر في الكلمات التالية ( الإنتكاسة - الإكتتابات -لإستعراض- الإستثنائية - الإستعجال )  وطبعا يتم إصلاح هذه الأخطاء بكتابة الهمزة على طبيعتها الوصلية ، ولو أن الخطأ وقع في إحدى هذه الكلمات أو في اثنتين منها فقط لكان الأمر متجاوزا شيئا ما ،وعزي إلى أخطاء الطابعة أو النسيان لكن أن يتكرر الخطأ في كلمات متباينة وفي أماكن متفرقة من النص  فمعنى ذلك أن مخيلة الكاتب تختزن المعلومة هكذا ؛وهذا طبعا يعاب على من لا يتوارى عن عيب الناس وتقييمهم والانشغال بالتقليل من مجهوداتهم ...
كما أن كتابة الكلمة "فضاءا" هكذا كما فعل الكاتب في بداية مقاله تحتاج إلى تصحيح فعندنا في الصف الخامس ابتدائي نرسخ في أذهان الأطفال بعض القواعد منها أن الهمزة إذا كانت متطرفة وقبلها مد لم تعقب بآخر ..!
وسأتجاوز العتاب في كتابة "فيه" هكذا "فسه" كما ورد في مقال الكاتب وأعتبر  ذلك من أخطاء الطابعة لأنه لا يعقل عن كاتب مهما كان..
لكني لن أتجاوز الخطأ الوارد في كلمته "بأعباءه" لأننا في الابتدائية ندرس للأطفال وفقا للقاعدة أن الهمزة إذا كانت في الوسط وكانت مكسورة كتبت علي النبرة لأن الكسر أقوى الحركات، أي أن الكلمة المذكورة ينبغي أن تكون هكذا " بأعبائه" .. سنكتفي بهذا في مجال الإملاء وننتقل إلى الجانب الآخر وكلنا رجاء أن يكون تأثير هذا الدرس باد في قادم كتابات ناقدنا وكاتبنا ؛إن لم تعتريه نوبات المكابرة والتصنع،وتكرار العودة بقناع من حديد ...  إن موضوع الأخلاق لايقل أهمية عن المحتوى العلمي فالأخلاق هي ثمرة التعليم الناضجة ؛وبدونها لا اعتبار لاكتساب العلوم والمعارف ، وبدون التخلق بالأخلاق الفاضلة والابتعاد عن الشوائب لا وجود ولا معنى للتعلم ولا يليق بأستاذ مثلا أن يترك حبل الالتزام كأن تربطه علاقات غرامية مع تلميذات يدرسهن في الفصول ؛ لأن ذلك لا يمثل الأخلاق ولا النبل ولا يعكس قدسية رسالة التعليم ؛ التي يتغنى بها كاتبنا كل لحظة وحين ،واللبيب تكفيه الإشارة .
ووصولا إلى قضية العقدويين سنة "2006" فإن بطلان ماقاله صاحبنا لا ينطلي على ذي صلة بالتعليم ، فهذه الدفعة بالذات وبشهادة المنصفين في القطاع ، ميدانيين أو إداريين ؛ أضافت دما جديدا للقطاع ، ومن أحسن مايستأنس به في هذا المقام ، مقولة أو وصف  المدير الجهوي السابق للتعليم والخبيرالتربوي المميز " ولد بخ" الذي كان يصف هذه الدفعة عموما دون التفريق بين الأساتذة والمعلمين بأنها بمثابة "أصحاب القبعات الزرق" ومعروف عن المدير المذكور صرامته وصدقه وعدم مجاملته ، وطبعا لعبت هذه الدفعة دورا رياديا في إنقاذ التعليم آنذاك وبشهادة مختلف المديرين الجهويين والخبراء التربويين ونالت إعجاب أغلب المتتبعين للعملية التربوية ، وسواء أقر بذلك المنصفون أو جحده المكابرون الجاحدون ، فسيظل كلام الخبراء وشهادتهم هي الاعتماد وسيظل كلام الجاحدين وهواة الهجاء محل إبعاد .
وفي الأخير وكي لا أطيل ، إن عيب التعليم دون تقديم حلول أو مقترحات لايعدو كونه جحود ومحض سفاهات لا تفيد شيئا ولا يطرب لها ولا يعجب إلا من كان من هواة التفاهة ، ولا يركن إليها ويصر على الولوج بها دوما إلا من تتلمذ على ابن أبي أو كان ظهيرا لمن سلكوا طريق أبي لهب .. أرجو أن أكون قد أسمعت الفالل .

15. مارس 2015 - 18:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا