لنتخيل نواكشوط وقد أختفت من شوارعها عربات الحمير ومكبرات الصوت التى تؤذن فى الناس بالرصيد ، لنتصور دكاكين العاصمة وقد أقفرت من براميل زيت الطهي البليدة التى توضع قرب ابواب الحوانيت فى الإحياء العشوائية، لنحلم لحظة باختفاء صيدليات الموت التى توزع السموم مع كل
إشراقه شمس ، حتما سنعجز عن التخيل والتصور والحلم بعاصمة موريتانية لامكان فيها لهذا الثلاثي .
قبل سنوات قادني حب الاستكشاف و البحث عن أسباب انتشار الأدوية المزورة فى موريتانيا الى هذا الحد المميت ، ساعتها لم يكن قد تحول واقع السموم الى هذا المستوى الكارثي الذي وصل اليه اليوم ، كان "تجار الموت" يوزعون بضاعتهم بنوع من الخجل القاتل ، سلكت دروبا لا توصل الى حقائق ، متاهات مُحكمة الاغلاق والسرية ، توجسُ من كل غريب ، لم أستطع أن أعرف بالتحديد من هو المسؤول عن تجارة الربح السريع والموت الأسرع ،
لاتوجد أرقام دقيقة بحجم الادوية المزورة التى تدخل الى موريتانيا ، لكن الأكيد أنها تدخل ، وتجد طريقها الى مرضى مغلوبين على أمرهم ، يعبونها وكلهم أمل فى الشفاء ؛ و مع ذلك لايُكتب لهم ما أرادوا فى الغالب ، وحين يملون من شرب الحبوب البيضاء والصفراء ، يشعرون بتوعك بسيط ثم يودعون الحياة ،