مراكز التفكير.. بيوتات خبرة نحتاجها كثيرا / محمدسالم ولد الداه

من المعروف أن مهمة التفكير أو البحث أو الدراسة هي مهمة نخبوية بامتياز، ولا بدّ للمتصدّر لها من أدوات معرفية تستند لكم معتبر من المعلومات المتخصصة في أغلبها، وأن تكون هذه المعلومات متنوعة المصادر، ولها أهداف وتشكل في خلاصتها النهائية مرجعا للمجتمع والدولة ودوائر

 وصناع القرار فيهما، ويفترض أن تنتج عن كل حالة تفكير حلولا لإشكالات بعينها.وقد عرفت البلاد العربية خلال العشرية الأخيرة ظهور العديد من مراكز البحث والدراسة والتفكير هدفها المساهمة في التقييم والتقدير وكذلك التنوير وتقديم الحلول والمقترحات ذات البعد الاستراتيجي العلمى المحض ، وقد أصبحت هذه المراكز أداة من أدوات الإنتاج في مجال تحليل السياسات واقتراح الحلول للإشكالات مهما كانت مستوياتها، وكانت تحظى بمكانة معتبرة لدى الغرب بشكل خاص أكثر من غيره بعد أن أصبحت تلعب دورا كبيرا في   صناعة قراره وترشيده وتوجيه دوائره نحو بوصلة انتاجها. 
ولا شك أن منظومتنا العربية الراهنة وما تعيشه  من هزات سياسية واقتصادية واجتماعية هي أحوج ما تكون  إلى هذ النوع من المركز  لعله  يساهم فى تحديد خياراتها وسياساتها بشكل يقوم على الدقة والوضوح في المواقف وتهيئة البدائل بعيدا عن التخندق الإيديولوجي او العقدى و تأثير مراكز القوى العالمية و حتى  تلك الداخلية أيضا ،   وألاّ يكون  نتاج التفكير الصادر عن هذه المراكز مجرد عملية استقطاب للنخب الفكرية فقط أو السّعى إلى تمرير مواقف معينة، خصوصا أنها تعتمد في الغالب الأعم  على مراكز حكومية أو شبه حكومية لا يساعد محيطها على جذب وخلق الأفكار عكس مراكز التفكير الخاصة، التي هي عبارة عن منظمات مدنية محضة وهي أقرب إلى الاستقلالية أكثر من غيرها، وينصب اهتمامها حول قضايا المجتمع واهتماماته و قد أصبحت هي الأكثر انتشارا على المستوى العربي، وتقوم  باستقطاب أهل الخبرة من باحثين وأكاديميين وإعلاميين وحقوقيين وغيرهم ولها العديد من الوسائل والأدوات التى تعتمد عليها في بلورة أفكارها ومشاريعها وتسعى من خلالها إلى تحضير المجتمع لما ينتج عنها والهدف أولا واخيرا هو  إرشاد صّاع القرار وتوجيه سياساتهم نحو الحلول الناجعة لكل الإشكالات مهما كان طابعها وذلك من خلال اتخاذ خطوات استباقية تعتمد على عملية التوجيه الصادرة  عن رصد وتحليل  مراكز التفكير  ..
إن سياسات الغرب التى مكّنته من السيطرة وبناء سياسات مستحكمة ، ومنحته القدرة على التأثير، تمت صياغتها وفق مخرجات التفكير والتنظير والتقييم  والتقدير التي تقدمها خلاصات وتقارير مراكزه التفكيرية وهي عبارة عن عصارة تفكير جماعي يقدمها متخصصون وفق مقاربات مؤ سّسة على بعد الخبرة والتراكم الّذى يفضي إلى كسر الهوة ما بين منتجي الفكر والمعرفة وصانعي القرار، من خلال منابر النقاش الجماعي وما تنتهي إليه من توصيات بشأن القضايا العامة، لكن إشكالات كثيرة لا زالت تعترض تطور هذه المراكز فى منطقتنا العربية  رغم حاجتنا الماسة لها في المرحلة الراهنة ،ولعل أبرزها هو  الاعتراف بأهميتها وأهمية ما تقدمه من خلاصات ، إضافة إلى ضعف قدراتها المالية التي تجعلها ستعدة لتنفيذ برامجها ومشاريعها البحثية ودعم قدراتها البشرية  التى تمكّنها من مواكبة التطورات السريعة للأحداث، وتقييمها ومعرفة طرق وأساليب التّعاطى معها ،  ويمنحها فرصة تقديم حلول لها  دون انتظارما قد ينجر عن تلك الأحداث من أزمات قد تستعصى علي الحل إن هي  تراكمت وتمددت بفعل عوامل كثيرة ،  وقد ساهمت هذه المراكز على تنامى  أهمية التفكير والرصد والبحث والتبادل مابين اصحاب الخبرات وصنّاع القرار من أجل خلق رؤية استيراتيجية تفيد المجتمع والدولة وتفتح الآفاق لمستقبل واعد نمتلك فيه الأهلية لمسايرة ما يدور من حولنا .    

25. مارس 2015 - 15:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا