في لحظة حاسمة من تاريخ العرب والمسلمين أقدمت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك المفدى سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبدعم ومشاركة من دول خليجية وعربية عديدة، على اتخاذ قرار تاريخي يرقى إلى مستوى القرارات الاستراتيجية ذات الوزن الثقيل التي تغير مجرى التاريخ، وتؤثر بفعل قوتها في التوازنات الاستراتيجية الكبرى.
لقد انطلقت عاصفة الحزم في ظرف حساس ودقيق تواجه فيه أمة العرب والمسلمين خطرا محدقا يهدد كينونتها ويستهدف نسيجها الحضاري والثقافي والاجتماعي.
فرغم أن الأمة تعرضت منذ سقوط الدولة الإسلامية لمحن كبرى هزت كيانها، ومؤامرات استهدفتها في صميم وجودها، إلا أن ما يجري اليوم في بلدان إسلامية وعربية عديدة يوحي بأن مسار الأحداث يتجه نحو لحظة الانهيار الكلي والفوضى العارمة حيث انهارت دول بأكملها وتفكك كيانها، وانطلقت شرارة الفوضى والحرب الأهلية في دول أخرى عديدة.
ولئن كان المجال يضيق هنا عن تحليل العوامل والأسباب التي أفرزت هذا الواقع بتجلياته المرعبة، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن المشروع الإيراني التوسعي قد كان له حضوره الواضح فيما يجري في المنطقة العربية من حروب أهلية تمولها إيران وتديرها وتشرف عليها بشكل مباشر.
فمنذ فترة ليست بالقصيرة سيطرت إيران على الدولة اللبنانية واحتلتها عن طريق حزب الله الذي أمدته بالمال والسلاح حتى أصبح قوة ضاربة أقوى من جيش الدولة اللبنانية نفسه.
وفي سوريا تشارك إيران في حرب الإبادة التي يمارسها بشار السفاح ضد الشعب السوري الأبي، حيث تمده بالمال والسلاح والرجال، مسهمة بذلك في تقتيل الأطفال والنساء والشيوخ وترويع المدنيين الأبرياء وتشريدهم من أوطانهم.
وفي العراق تذكي إيران أوار الحرب الأهلية، وتشرف العصابات التابعة لها على تقتيل المسلمين السنة وتشريدهم في حرب إبادة ترقى إلى مستوى الجرائم الإنسانية.
وفي اليمن باضت إيران وفرخت وصرفت الوقت والمال في تسمين أفراخها وتقويتهم حتى إذا ما صلُب عودهم وقويت شوكتهم انقضوا على الشعب اليمني ليكسروا إرادته ويرغموه على الخضوع للمشروع الإيراني والانصهار فيه.
هنا في هذه اللحظة الحاسمة، حين أصبح الخطر محدقا، ووصل الواقع العربي حافة الهاوية، كان لا بد من عمل يتسم بالحزم والشجاعة وقوة العزم.. كان لا بد من قرار ينقذ الموقف، وينتشل الأمة من الضياع والانهيار.
وبسبب خطورة الوضع وحجم التهديد، لم تكن المواقف المترددة والقرارات الارتجالية الضعيفة لترد تهديدا، ولا لتنقذ موقفا.
وعلى ذلك جاء التدخل السعودي حازما وبحجم الخطر الذي تواجهه الأمة، وعلى مستوى تطلعات أبنائها المشرئبة أعناقهم إلى فعل حضاري تاريخي يرد لهم الأمل، ويحفظ لهم أمن أوطانهم وكرامة أمتهم.
ولا شك أن هذا العمل التاريخي الجبار سيكون له تأثيره الكبير على المستوى الإقليمي وحتى العالمي، وسيحدث تحولات عميقة في الخارطة السياسية في المنطقة، وستتمخض عنه تغيرات استراتيجية كبرى، يمكن رصد بعض ملامحها على النحو التالي:
- ستتمخض هذه الحملة العسكرية عن نصر مبين للملكة العربية السعودية وحلفائها، ما سيسهم في تعاظم الدور السعودي المبارك في المنطقة والعالم.
- ستبرز المملكة العربية السعودية كقوة عسكرية يحسب لها حسابها، بعد أن كشفت هذه الحملة العسكرية عن أن المملكة تمتلك –ولله الحمد- جيشا قويا مدربا له خبرته وقدراته التي أظهرت تفوقه على جيوش دول أخرى في المنطقة كان ينظر إليها حتى قبل أيام قليلة على أنها جيوش لا تقهر.
- ستسهم هذه النتائج في دعم الدور السياسي والدبلوماسي للملكة العربية السعودية في المنطقة وفي العالم، ما سيساعد كثيرا في إرساء السلم والاستقرار الإقليمي والدولي، وهي ثوابت ومحددات ظلت تميز الدور السعودي، الهادف دائما إلى حل النزاعات بالطرق السلمية وإشاعة السلم والاستقرار.
- ولا شك أن كل هذه التحولات ستساعد الملك سلمان بن عبد العزيز على قيادة المنطقة نحو مرحلة جديدة قوامها السلم والاستقرار، وهي قيادة بدا واضحا أنه جدير بها لما يمتلكه من حزم وشجاعة وعزم وكاريزما تؤهله لأن يحجز لنفسه مركز قيادة الأمة نحو مرحلة جديدة من تاريخها قوامها العز والكرامة والحرية.
فهنيئا لقائد الأمة ورافع رايتها الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أيده الله بالنصر والتمكين، وهنيئا للأمة بقائد انبرى بشجاعة وحزم للذود عنها واستعادة أمجادها وحماية أوطانها.
أحمد الأمين فال
كاتب صحفي