الإلحاد هو موقف فكري لايومن بوجود إله واع للوجود ، ويعرفه الكثيرون بأنه إنكار للأدلة العلمية والعقلية ونحوهما على وجود صانع واع للكون والحياة مستحق للعبادة ، وطبعا لا توجد مدرسة فلسفية جامعة لكل الملحدين ، فمن هؤلاء من يميلون إلى العلم والتشكيك خصوصا ما يتصل بعالم ما وراء
الطبيعة ، ومعنى الإلحاد في اللغة الميل عن القصد، ولحد إليه بلسانه مال وهو العدول عن الشيء .
قال تعالى " لسان الذين يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" -صدق الله العظيم-
وقد ظهر من الملحدين صنف -اللاربوبيين- عندما دعا زعيمهم 'ريتشارد دكنز' إلى هذه الكلمة (اللاربوبية) إلى جانب (إلحاد) كمحاولة لإشهار كلمة ثانية لا تحمل دلالة سلبية من حيث اللغة وتعطي المعنى المطلوب المتمثل بعدم الاعتقاد بإله .
وقد وجد الإلحاد قبل الإسلام باسم آخر هو -الدهريين- الذين كانوا يعتقدون بقدم العالم وأن العالم لا أول له ، ويذكرهم القرآن بقولهم : " وقالوا ماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ومالهم بذلك من علم إنهم إلا يظنون " الجاثية.
ولقد كانت فكرة إنكار وجود الخالق من الأساس مستبعدة تماما ولم تلق قبولا شعبيا في كل العصور كما يقول المؤرخ -بلوتارك - : لقد وجدت في التاريخ مدن بلاحصون ومدن بلا قصور ومدن بلا مدارس ولكن لم توجد مدن بلا معابد ..
ولقد انبرى علماء الإسلام للرد على هؤلاء الملحدين ودحض أباطيلهم وإظهار زيف معتقداتهم وكتبوا في ذلك وخطبوا وألفوا ؛ ونذكرمن التآليف التي رد بها علماؤنا على الملحدين المعاصرين ؛ كتاب جمال الدين الأفغاني ؛ الذي أسماه "الرد على الدهريين"
ولقد كان الإنسان القديم رغم جهله وتخلفه في العصور الغابرة يعترف بوجود إله خارق يرجع إليه تصريف هذا الكون ..
ولقد كان صناديد قريش رغم كفرهم أكثر إيمانا وأثبت يقينا من هذا الدعي الذي خرج بين ظهرانينا وتربى على أرض المنارة والرباط ، مهد المرابطين ومنبع الدعاة ...
أيعقل أن يكون الأعرابي الذي لا يفقه شيئا في أمور الدين أظهر بصيرة ممن ولدوا في أرض الإسلام بل في مرابع أهل القرآن والفقه والأصول ...
لما سئل الأعرابي عن دليل وجود الله ؟ قال : "البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ؛ فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على العليم الخبير ..!!
لكن لا عجب مع قدرة الله فهو الهادي إلى صراط مستقيم ، يضل من يشاء ويهدي من يشاء ؛ ولا يمكننا أن نرشد من لم يرشده الله وأعمى بصيرته ..
أتحدث جازما أن الوسط الذي تربى فيه -هذا العمل الغير صالح-كان يلقن فيه الصغار ويعلم فيه الكبار أن : كل حادث لا بد له من محدث ولا محدث للحوادث إلا الله عز وجل ، وأن دلالة الحادث على المحدث دلالة حسية عقلية لكونها مشاهدة بالحس ، ولأن العقل يدل على أن كل حادث لابد له من محدث .
فالمطر يدل بلاشك على وجود الخالق ويدل كذلك على رحمته ، كما أن وجود الجدب والخوف والحروب تدل أيضا على وجود الخالق وتدل على غضبه وانتقامه ، فكل حادث له دلالتان :
-دلالة كلية عامة :تشترك فيها الحوادث وهي وجود الخالق أي وجود المحدث .
- ودلالة خاصة في كل حادث بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة ودلالة الجدب على الغضب وهكذا.
وهناك دلالة أخرى : النوازل التي تنزل لسبب ؛دالة على وجود الخالق ، مثل : دعاء الله عز وجل ثم استجابته للدعاء دليل على وجوده ؛ وهذه إن كانت من دلالة الحادث على المحدث لكنها أخص ، لما دعى النبي صلى الله عليه وسلم أن يغيث الخلق قال : " اللهم أغثنا اللهم أغثنا " ثم نشأ السحاب وأمطر قبل أن ينزل عن المنبر- هذا حديث أنس ؛يدل على وجود الخالق وهذا أخص من دلالة العموم .
كما أن القرآن الكريم لم يترك مجالا للملحدين وقدم الدلائل الكونية التي لا تدع مجالا للشك والريبة ، ومن هذه الأمثلة القرآنية المتعلقة بالخلق والتكوين قوله تعالى "ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس والقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون" - كما أن من هذه الآيات ماورد في سورة الروم مثالا لا حصرا .
-قال تعالى : "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون" 20الروم
-قال تعالى : "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الارض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ومن آياته أن تقوم السماء والارض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الارض إذا أنتم تخرجون" 22-25 الروم .
فهذه الآيات كونية قدرية لا يستطيع الخلق فعلها ، فمن ذا الذي يستطيع أن يخلق الشمس أو القمر ومن ذا الذي يستطيع من الخلق أن يأتي بالنهار إذا جاء الليل والعكس ؟.
إن الذي خلف هذا الكون لإله قوي قدير متين قديم باق حي سبحانه لا يموت ؛ وهو الذي اصطفى رسله لتبليغ رسالاته وكان من أفضلهم وأشملهم رسالة وأعظمهم في النفوس ؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة ناشر العدالة الهادي من الضلالة ... وسنقتصر هنا على عرض صفات المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال شهادة علماء الغرب ورموز الفكر في أوروبا وغيرها فالحق ماشهدت به الأعداء .. ولقد جاءت أقوال هؤلاء بعد دراسة متأنية للتاريخ الإسلامي لا سيما الفترة التي عايشها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وتناول مواقعه مع أعدائه قبل أصدقائه وأتباعه وهي التي جعلت الكثبر منهم ينبهر بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم حتى أن بعضهم قال إنه يتسم بأهم صفتين وهما العدااة والرحمة .
يقول المفكر والشاعر الفرنسي "لا مارتين" في مقدمة كتابه "تاريخ تركيا" الجزء الثاني -الصادر1854: " إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة ، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد في عبقريته ، فهؤلاء مشاهير صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين ، وأقاموا الامبراطوريات فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم " ويتابع لا مارتين في المقدمة التي أصبحت كتابا مستقلا في مابعد حمل عنوان "حياة محمد" يتابع قائلا " لكن هذا الرجل "محمد" لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس في ما كان يعد ثلث العالم آن ذاك ، ليس هذا فقط بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة " ، وأضاف "لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر .. كان طموح النبي موجها إلى هدف واحد ، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك ، حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته ، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين -الإيمان بوحدانية الله - والإيمان بمخالفته للحوادث .
وقال لا مارتين أيضا: " مامن إنسان البتة رسم لنفسه إدراك هدف أسمى مما نوى محمد أن يبلغ ،إذ كان هدفا يفوق طاقة البشر ، يتمثل في نسف المعتقدات الزائفة التي تقف بين المخلوق والخالق "
وقال :" ما من إنسان البتة في نهاية المطاف استطاع أن ينجز في وقت أوجز ثورة على الأرض أعظم وأبقى مما أنجز هو" .
أما العالم الأمريكي "مايكل هارت" في كتابه -الخالدون مائة- فكتب يقول :"إن اختياري محمدا ليكون الأول في أهم و أعظم رجال التاريخ ؛ قد يدهش بعض القراء ، لكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي ، فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدؤوا رسالات عظيمة لكنهم ماتوا دون إتمامها ؛ كا لمسيح في المسيحية أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليها سواهم ؛كموسى في اليهودية ، لكن محمد هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكامها ، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته ؛ ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة ووضع لها كل أسس حياتها ورسم أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم أيضا في حياته ، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها " .
-المستشرق الإنكليزي" جورج برنارد شو " فهو من قال في مؤلفه "محمد" الذي أحرقته السلطات البريطانية خوفا من تأثيره " إن المثل الأعلى للشخصية الدينية عنده هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فتمثل في النبي العربي تلك الحماسة الدينية وذلك الجهاد في سبيل التحرر من السلطة ، وهو يرى أن خير ما في حياة محمد صلى الله عليه وسلم ؛أنه لم يدع سلطة دينية سخرها من مأرب ديني ، ولم يحاول أن يسيطر على قول المؤمنين ، ولا أن يحول بين المؤمن وربه ولم يفرض على المسلمين أن يتخذوه وسيلة إلى الله تعالى " وقال برنارد شو: إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة ، لقد كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية ، لكنه أطلع على أمر هذا الرجل ، فوجده أعجوبة خارقة ، وتوصل إلى أنه لم يكن عدو للمسيحية بل يحب أن يسمى منقذ البشرية .
وفي رواية أنه " لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها " وقال أن محمدا لو تولى العالم الأوروبي لشفاه من علله .. وقال إنه يعتقد أن الديانة المحمدية هي الديانة التي تجمع كل الشرائط اللازمة وتنبأ بأن يكون دين محمد مقبولا عند أوروبا غدا .
وقال ^المهاتما غاندي^ في حديث صحفي " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بل منازع قلوب الملايين من البشر ...لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في وعوده وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.
المستشرق البريطاني ^ويليام مونتجمري وات^ " إن استعداد هذ الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة ، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه.
- وقال ^تولستوي ^ :يكفي محمدا فخرا أنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم ؛ وأن شريعته ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
وقال ^الآسوجي^ : إننا لم ننصف محمدا إذا أنكرنا ماهو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا ، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية ؛مصرا على مبدئه ومازال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ.
أما ^السير موير^ فقد قال إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ولا يعرفه من جهله،وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد ذلك التاريخ الذي ترك محمد في طليعة الرسل ومفكري العالم.
وقال ^ الدكتوررويمر^ إن محمدا كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين ويصدق عليه القول أيضا أنه كان مصلحا قديراوبليغا وفصيحا وجريئا مغوارا ومفكرا عظيما ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الإدعاء.
ويقول ^شبرك النمساوي^ :"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها إذ إنه رغم أميته ؛استطاع قبل بضعة عشر قرنا أن يأتي بتشريع ؛سنكون نحن الأوروبيون أسعد ما نكون إذا توصلنا إلى قمته.
أما شاعرة الهند ^شاروخي ندو^ فقد قالت : "نعتبر الإسلام أول الأديان مناديا ومنطقيا للديمقراطية وتبدأ هذه الديمقراطية في المسجد خمس مرات في اليوم الواحد عندما ينادى للصلاة ، ويسجد القروي والملك جنبا لجنب اعترافا بأن الله أكبر، ما أدهشني هو هذه الوحدة الغير قابلة للتقسيم والتي جعلت من كل رجل بشكل تلقائي أخا للآخر.
وغير هؤلاء كثير من المنصفين الذين شهدوا للنبي صلى الله عليه وسلم ؛مصداقا لقول الحق سبحانه وتعالى:( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي) صدق الله العظيم.
لقد عرف آباء و أجداد هذا الملحد اللعين بالعلم والورع وإعانة الضعيف ، فكانوا حملة لمشعل العلوم ، وكانوا عمارا للأرض ؛فهم أكثر أهل هذه البلاد حفرا للآبار في القفار.
لقد حاد هذا الدعي عن نهج آبائه الذين ولدوا على فطرة الإسلام وتمسكوا بها ولقنوها لغيرهم ، بل اتخذ طريقا منافيا ؛ لما بدأ فكر الإلحاد ينمو بداخله وهو صغير يرتاد مكتبة يوحنا أو مايعرف (بمكتبة النصراني) في مقاطعة تيارت بالعاصمة انوكشوط ،قبل أن يغذي شيطانياته لما كان في منحة دراسية للأردن حيث لا شك أنه أكثر من مخالطة المسيحيين والملحدين هناك ليس قناعة وإنما هروبا عن الإسلام تبعا للمادة وغيرة من عبدة الشيطان ، وتنامت شيطانياته لما وصل إلى اليابان ليزداد قربا من الشيطان لما صادفت البوذية هوى في نفسه توجها بإلحاده وتجاوزه على ذات الإله العلي واتبعها بالإعتداء على خير خلقه بشهادة العرب والعجم والشجر والدواب..!
وطبعا لقد عرف هذا الدعي الحق كما عرفه إبليس لكنه ضل كما ضل وجدد نهجه وحاد عن نهج أبائه؛ المجددين لدين الله المتبعين لخطى نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام .. كل ذلك حبا في التميز بعبادة المادة والحصول على أوراق دنيئة تبقيه بجوار مراحيض أسياده من الملحدين في بلد الإلحاد والتناقض والمخنثين...
اللهم إنا نبرأ إليك منه وممن سبقوه وممن سيلحقون به...