من أطرف مداخلات (أطر كيفه )؛ ذاك الذي زعم أنّ موريتانيا استقلت سنة 1969 م ؛ إلّا أنّ استقلالها الحقيقي عنده كان منذ 6 ـ 06 ـ 2008 !؛ ومتدخلا آخر يرى أنّ الولاية في عهد ول عبد العزيز حظيت باهتمام عظيم ؛ لأنّ أربعة من وزراء حكومته كانت من قبيلته ! ؛
وهذا شيخ آخر يتبرّأ من الإصلاحيين من عهد المستعمر وحتى هذه اللحظة ! ؛ ورجل يدّعي أنّ محظرته تضم ستّ مائة طالب ؛ وداعمة تطري الرئيس وتطلب العون لتعاونيتها ؛ التي تضم خمسا وعشرين ألف امرأة ! .
ومن أغرب ما شاهدناه بين (أطر كيفه ) المدعوين للقاء الرئيس مراهقين وبداة أميّون لا يقرؤون ولا يكتبون ؛ وهم عن الشأن العام غائبون؛ ومتسوّلين بسطاء؛ وشيوخ أصابهم الخرف ؛ وأطفال صغار.
وقد أصابني الذهول من اكتظاظ القاعة بأمواج المدعوين؛ وغياب المنظمين ؛ وكثرة الغوغائيين ؛ وحين انبلج الرئيس ؛كان الانفلات عملة رائجة بين يديه .
وطفق الرئيس في تلافي الموقف ؛ بسحب إدارة المكرفون من يد الوالي ؛ لكن بدون جدوى ؛ لأنّ الازدحام والتدافع كانا سيّدا الموقف .
إنّ فشل الزيارة في ضبط خلق المطار؛ والانفلات الذي حصل فيه إلى حدّ التلاسن ؛والعراك بين بعض المدعوين ؛ والبلبلة التي طبعت اجتماع الأطر؛ وإذكاء النّعرات ؛ وغياب نظام السكينة والهدوء في أغلب مراحل الزيارة ؛ والعجز عن تهذيب الخطاب التقليدي؛ مما انعكس سلبا على الحفاوة ؛ بل وغياب أحد شيوخ القبائل عن استقبال الرئيس وهو الذي يحسب له ألف حساب فزاد الطين بلّة ؛هذه أمور مجتمعة نقرأها كالتالي :
إمّا أنّ الرئيس كان مغيّبا عن مشاكل المقاطعة ؛ وفي آخر لحظة ؛ ومن خلال عيونه ؛ علم أنّ أهل الولاية سوف يواجهونه بأمرين أحلاهما مرّ: أولهما عطش مزمن في المدينة؛ وفي جميع أحيائها ؛حتى حنفية الولاية التي استضافته ؛فإنّ مددها يسقى بالصهاريج ؛ وثانيهما أنّ الشحن القبلي وصل ذروته ؛ وصار فيحه يلفح الشوارع والأسواق ؛ فخشي شرارة احتكاك تطير من اجتماع ( أطر كيفه ) فتحرق ما في غابتها.
فأحبّ الرئيس أن يختلق الذرائع ؛ حتى ينفلت من هذه الورطة؛ فأوعز إلى الولاية بإثارة البلبلة في الصباح عند المطار ؛ وفي المساء بإثارة الفوضى قي اجتماع الأطر .
وإمّا أنّ الولاية كما يهمس البعض عديمة الخبرة؛ فعصفت بها الحساسيات التي أجّجتها ؛ من أجل حشد أكبر في استقبال الرئيس ؛ فانقلب السحر على الساحر ؛ وزاد الخرق عليها ؛فآثرت الاستسلام والخنوع أمام الوجهاء والنافذين ؛ لعلّها أن تغنم العافية .
غالي بن الصغير