الفساد المالي : المفهوم والعلاج : نظرة فقهية / محمد محمود الجودة

صح عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كتب إليه أحد ولاته   يطلب المزيد من الأقلام وورق الكتابة، فأجابه عمر
"إذا جاءك كتابي هذا فأدقَّ قلمك، وقارب بين أسطرك، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به، ولا حاجة للمسلمين في فضل قول أضر ببيت مالهم"   

 (الطبقات الكبرى ج5 /400)
هكذا فهم الخلفاء الراشدون المال العام وأهمية  المحافظة عليه  , لأنه  هو العمود الفقري للدول , وهو العنصر الأساسي المؤثر في الحياة  وذلك لما يتعلق به من الخدمات اليومية , التي تقدمها الدولة , للمواطن , وللمصالح العامة ,
ونظرا لما يتعرض له  المال العام , من سوء إدارة  واختلاس , في بلادنا  وغيرها من البلدان العربية , مما يوقع  كثيرا من الدول في  المديونية , التي تهز اقتصادها , وتغير من سياساتها , وتفرض عليها بعض المواقف بسببها ,    مما يؤثر سلبا علي الأوطان ,  الأفراد .
أردت أن أشارك في علاج هذه الظاهرة التي تزداد يوما بعد يوم في بلادنا , ولن تجد علاجا أحسن لها من العلاج المنبثق من القرآن والسنة وسيرة خلفاء الأمة , لأنه هو العلاج الذي طبق ونفع يقول شهيد الإسلام سيد قطب معلقا علي قول الله تعالي " وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"   (آل عمران الآية 106 )
وقد عَمِلتْ هذه الآية القرآنية والأحاديث الشريفة عملها في تربية الجماعة المسلمة حتى أتت بالعجب العجاب. حُملت الغنائم إلى عمر بعد القادسية وفيها تاج كسرى و إيوانه لا يقومان بثمن، فنظر رضي الله عنه إلى ما أداه الجند في غبطة وقال: "إن قوماً أدوا هذا لإ ميرهم لأمناء"

ـ أولا : مفهوم المال العام في الفقه الإسلامي
هو كل ما عبر عنه أنه مال لله , قال تعالي (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور الآية 24)
وقول النبي صلي الله عليه وسلم , وإن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو , ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل و لا يشبع ويكون شهيدا عليه يوم القيامة (البخاري 6063)
وقوله صلي الله عليه وسلم في اللقطة , فإن جاء صاحبها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء (أحمد وبن ماجه )
والمال العام هنا هو كل ما ثبتت عليه اليد في بلاد من بلاد المسلمين ولم يتعين مالكه  وكان الجميع مشتركا فيه علي حد السواء وقد جاء في الحديث المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار . (أحمد في المسند ) وهي أمثلة يقاس عليها
وكان قديما يطلق علي بيت المال , والأوقاف, إلا أن المفهوم اتسع في وقتنا الحاضر , وذلك لكثرة الوسائل الحياتية , ووسائل الإنتاج  فتدخل فيه ميزانية الدولة , والمرافق العامة , و , و.....و ....
ثانيا :  الفساد المالي : وتعدد حالاته
هناك  كثير من الصور التي تتخذ في إهدار  المال العام , وإفساده و منها:
ـ الاختلاس :
ويقصد به :" استيلاء العاملين, والموظفين, في مكان ما , على ما بأيديهم من أموال نقدية, أو عقارية أو ونحوهما بدون سند  شرعي "
وهو منتشر كثيرا في المؤسسات الحكومية والدليل علي حرمته
الحديث  : " من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه فهو غلول يأتي به يوم القيامة ".(مسلم /3421) 
وفي حديث البخاري , فجاء رجل بشراك أ وشراكين ,فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم شراك من نار أو شراكان من نار
خيانة الأمانة :
ويقصد بها : استيلاء العاملين  في أماكن عملهم على الأمانات, بحكم مناصبهم في العمل, أو المشاركة, أو المساعدة في ذلك. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)  (الأنفال 27 )
ومن صور خيانة الأمانة المنتشرة في الوظائف في العصر الحاضر ما يلي  :
أ- تعيين العمال غير الأكفاء  وذلك بسبب المحسوبية  والمجاملة  أو عن طريق الرشوة, وفي هذا إهدار للمال العام بسبب قلة كفا ئتهم وعدم خبرتهم.
ب- استخدام الأشياء التي تخص الوظيفة لأغراض شخصية ؛ مثل السيارات الحكومية, وهواتف  المكتب ....
هـ- عدم الاستخدام الرشيد للأموال العامة الذي يؤدي إلى إتلافها أو إضاعتها

ـ عدم الوفاء بالعهود والعقود :
ويقصد به : عدم التزام الموظف بالعقد الذي أبرمه مع جهة التوظيف العامة, وهو منهي عنه شرعاً ؛ لقوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة الآية /1)
ومن صور عدم الوفاء بالعهود :
أ - عدم الانضباط, والالتزام في ساعات العمل .
ب - التمارض, والحصول على إجازات بدون حق .
ج - عدم الالتزام في تنفيذ العقود في مواعيدها .
وهذا كله يدخل في الفساد المالي , لأنه يؤدي  إلي إتلاف المال العام
استغلال المال العام لأغراض حزبية وفئوية :
فالمال العام ملك للجميع فلذلك لا يجوز استعماله لصالح فئة معينة , ولا صرفه لمصلحة حزب بعينه  , فما جرت به العادة في أغلب البلدان العربية من استعمال الحزب الحاكم للمال العام في الانتخابات هو منكر يجب علي الجميع استنكاره والحيلولة دون وقوعه
تضييع وقت الموظفين في غير منفعة العمل :
ومن صور ضياع الوقت التي فيها اعتداء على المال العام, ما يلي
أ-عدم الالتزام بالحضور, والانصراف, وتعطيل المصالح بدون عذر مقبول شرعاً .
ب-إنجاز الأعمال في وقت أطول من الوقت المحدد لها.
ج- تعقيد الإجراءات بقصد ما , بحيث يؤدي إلى استغراق وقت طويل, وهذا بدوره يزيد من التكلفة, والمصروفات .
د- استغراق وقت طويل في قضاء الحاجات, وتناول الطعام, والشراب أكثر مما  يكون, وفي ذلك تعطيل لمصالح الناس
هـ-استغراق وقت طويل في الاستعداد للصلاة, وصلاة النوافل ؛ مما يؤدي إلى تعطيل العمل.

التربح من الوظيفة :
ويقصد بذلك أن الموظف يستغل وظيفته إما بالضغط بها علي الآخرين , أو قبول هدايا بسبب الوظيفة وليس لها سبب آخر ,أو يعقد صفقات تجارية خاصة به أو لذويه , بشروط مجحفة وغير عادلة للجهة التي يعمل بها ومن أمثلة ذلك ما يلي :
إعطاء المشاريع لأقاربه أو لشركة هو شريك فيها , بطريق مباشر أو مستتر
ـ تزوير بعض الأوراق مستغلا موقعه الوظيفي ليحقق مكسبا له , أو لمن يهمه أمره علي حساب الجهة التي يعمل فيها

ثالثا ـ علاقة الحاكم  بالمال العام :
ـ فهي علاقة , منظم وقاسم ومسير يضع الأمور في أماكنها ويمنعها من التسيب وعدم الانضباط  والدليل علي ذلك الحديث
وَاللَّهِ مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ ، أَضَعُهُ حَيْثُ أُمِرْتُ " (المسند 10048)
وهذا الحديث يؤكد مبدأ ,  ملكية المال العام للمسلمين، وأنها ليست لولي الأمر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: يدل على أنه ليس بمالكٍ للأموال" (منهاج السنة النبوية 4/97
وكان عمر رضي الله عنه يحلف علي هذا الأمر ويقول : ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما أنا بأحق به من أحد. و و الله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب، ، والله لئن  بقيت لهم ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعي مكانه (أحمد 1/42)
وحينما سأل  عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب عن ما يحل له من المال العام قال له : لك من هذا المال ما يقيمك ويصلح عيالك بالمعروف وليس لك من هذا المال غيره”.(الطبري 2/452)
وما فرضه أهل الحل والعقد  ــ  البرلمان ــ  للحاكم سواء كان رئيسا أو موظفا غيره  لا تجوز له الزيادة عليه , وما أخذه زيادة فهو سرقة , للحديث , من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول،  (أبو داوود 2943)
2ـ توظيف الأموال  للوصول بالمجتمع إلى حد الكفاية بحيث تستأصل في المجتمع الإسلامي ظاهرة الفقر, ويتوفر المجتمع علي الضروريات من صحة , وتعليم , ,والحاجيات من نقل وبنية تحتية متمدنة  ,والتحسينيات  من ساحات خضراء  ومراكب عامة , وملاعب للشباب  , واستراحات للعائلات والأطفال
ومن التصور الخاطئ  القول بأن المال العام ملك للحاكم أو لعائلته أو لحزبه  وهو تصور له سلبيات كثيرة علي الدولة وعلي اقتصادها فمن سلبياته
ـ أنه يجعل الحاكم يتصر ف في المال العام حيث يشاء يعطي من يشاء ويمنع من يشاء , والمال العام لا يجوز إ عطاؤه لفرد بعينه,  لحديث ـ أبيض بن حمال  ؛ وهو أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطاه  الملح الذي بمأرب فقطعه له فلما أن ولي قال رجل في المجلس أتدري ما قطعته إنما قطعته الماء العد , (الذي لا ينقطع ) فانتزعه رسول الله صلي الله عليه وسلم منه (أبو داوود والترمذي )
ووجه الاستدلال
أنه لما ذكر للنبي صلي الله عليه وسلم أنما أقطعه لأبيض بن حمال هو من قبيل المال العام الدائم , الذي لا ينقطع  , انتزع منه ما أقطعه , ولو كانت حيازة المال العام من قبل فرد بعينه جائزة  لما انتزعه منه
ـ ومن السلبيات كذلك المبنية علي هذا التصور , أن بعض الأفراد صار لا يمانع من الاستيلاء علي شيء من المال العام من وزارة أو مستشفى أو مدرسة أو غيرها ويتذرعون أن هذا المال مال الحكومة وأنها لم تنصفهم ويحق لهم أخذه

رابعا : العلاج
الضوابط الشرعية لعلاج ظاهرة الفساد المالي :
الناظر إلي الدولة النبوية , والفترة الراشدة  يمكنه أن يقف علي بعض الضوابط الشرعية لعلاج هذه الظاهرة , التي  بدأت تنخر في معظم مؤسساتنا , ولا يمر عليك يوم إلا وتطالعك الأخبار ببعض ما يظهر في هذه المؤسسات من الفساد المالي , وما خفي فهو أعظم , ومن أهم هذه الضوابط العلاجية ما يلي.
ـ أولا: التربية الإيمانية : في البيت والمدرسة والجامعة , فهذه هي القاعدة الأساسية لمحاربة كافة أنواع الفساد والإفساد  والتوعية الوطنية في أهمية المحافظة علي المال العام فقد انتشرت  في مجتمعنا ثقافة مضمونها أن المال العام لا بواكي له .
ثانيا : قوة مُساءلة الموظفين وكثرة  الأجهزة الرقابية:  ومن المعلوم أن الإسلام قد قرر مبدأ مساءلة الموظفين انطلاقا من حديث من أين لك هذا ؟ حديث بن اللتبية , والذي جاء فيه , والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت مرتين (مسلم 1832)
ثالثا : وضع نظامٍ عادلٍ للأجور تراعى فيه كفاية احتياجات الموظفين، وأهمها أن يكون الراتب يكفي الضروريات التي يحتاج لها الموظف , وهذه الضروريات , تتمثل في :
ـ  تزويج الأعزب
ـ  وتوفير السكن
ـ والخادم
ـ  السيارة
وهي ضروريات حدها النبي صلي الله عليه وسلم في دولته وأذن أن يأخذها الموظف من المال العام  ففي حديث أحمد وبن أبي شيبة والطبراني  مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ ، فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا ، أَوْ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيَتَزَوَّجْ ، أَوْ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَتَّخِذْ خَادِمًا ، أَوْ لَيْسَتْ لَهُ دَابَّةٌ ، فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ .
وفيه من الحكمة أن الموظف لو يسرت له حاجاته لا ستغني عن الخيانة وكان ذلك حافزا له علي الأمانة وهذا ما فطن له أبو عبيدة بن الجراح لما رأي عمر بن الخطاب وظف أصحاب النبي صلي عليه وسلم قال له , دنست أصحاب رسول الله  صلي الله عليه وسلم ـ أي بالوظائف ـ فقال له عمر: يا أبا عبيدة إذا لم أستعن بأهل الدين على سلامة ديني فبمن أستعين؟ قال: أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة. يقول: إذا استعملتهم على شيءٍ فأجزل لهم في العطاء والرزق لا يحتاجون (الخراج لأبي يوسف الحديث رقم 118 )
ـ رابعا : اختيار الموظفين على أسسٍ صحيحةٍ من الكفاءة والنزاهة والأمانة والصدق والعدل، بعيدا عن المحسوبية والجهوية والحزبية
قال تعالي (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} وقال  ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)  وقد حدد صاحب كتاب الخراج مواصفات الموظف الذي ينبغي أن تراعي في كل من سيتولى المسئولية العامة , وستجعل تحت يده حقوق الفقراء والمستضعفين , فقال في رسالته لهارون الرشيد ,
ومن وليت منهم فليكن فقيهاً عالماً مشاوراً لأهل الرأي عفيفاً ,,,,,,, فإذا لم يكن عدلاً ثقةً أميناً فلا يؤتمن عَلَى الأموال”(كتاب الخراج )
والتدين وحده لا يكفي في اختيار الموظف , فقد امتنع النبي صلي الله عليه وسلم من توظيف أبي ذر وهو رجل متدين وعفيف , وهو أول من ثار علي بوادر الفساد المالي التي بدأت تظهر في خلافة عثمان رضي الله عنهما  , ومع ذلك قال له النبي صلي الله عليه وسلم , ... يا أبا ذر، إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" (رواه مسلم).
خامسا : إقرار الذمة المالية للموظفين وخاصة لكبارهم  انطلاقا من المبدإ الإسلامي  المعروف ( اكتبا لي بكل مال هو لكما ) فلابد أن يفصح كبار الموظفين , عن ذممهم المالية , قبل توليهم المناصب , هم و زجا تهم  وأولادهم , حتي لا تستغل الوظائف العامة للثراء غير المشروع , وهو أمر معمول به في الدول المتقدمة الآن  , لكنه طبق في الدولة الراشدة في زمن عمر بن الخطاب , فقد كتب خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص  إلي أبي بكر رضي الله عنه أن زدنا في أرزاقنا , وإلا فابعث إلي عملك من يكفيكه , فاستشار أبوبكر رضي الله عنه في ذلك فقال عمر رضي الله عنه لا تزدهم درهما واحدا , قال فمن لعملهم ؟ قال أنا أكفيكه  ولا أريد أن ترزقني شيئا , قال فتجهز فبلغ ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه , فقال لأبي بكر يا خليفة رسول الله  : إن قرب عمر منك ومشاورته  أنفع للمسلمين من شيء  يسير فزد هؤلاء القوم , وهو الخليفة بعدك  فعزم علي عمر أن يقيم , قال وزادهم ما سألوا قال فلما ولي عمر رضي الله عنه كتب إليهم إن رضيتم بالرزق الأول , وإلا فاعتزلوا عملنا وقال وقد كان معاوية يعني بن أبي سفيان استعمل مكان يزيد  , قال فأما معاوية وعمرو فرضيا , وأما خلد فاعتزل , قال فكتب إليهما عمر : أن اكتبا لي بكل مال هو لكما , ففعلا قال , فجعل لا يقدر لهما بعد علي مال إلا أخذه فجعله في بيت المال .
فضائل الصحابة 1/ 292

فهذه أهم الضوابط الشرعية لمحاربة هذه الظاهرة , ويفهم منها أن الإسلام حمي الملكية العامة وتوعد عليها بالوعيد الشديد وشرع بعض العقوبات الرادعة لمن سولت له نفسه سرقتها أ وغصبها ولهذا قال الله تعالي (" وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"   (آل عمران الآية 106 ) )
وقال صلي الله عليه وسلم من استعملناه منكم علي عمل فليجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهي (الطبراني الكبير 13728)
وجعل النبي صلي الله عليه وسلم المتكتم علي من سرق المال العام سارقا مثله فقال : من كتم غالا فإنه مثله (أبو داوود 3/70 )
وهو حديث يفهم منه أنه يجب علي الدعاة والأئمة والعلماء عدم السكوت علي أكلة المال العام , والتكلم في هذا المجال وتقديم النصيحة فيه للموظفين والمسؤولين ,
فالسكوت علي هذه الجريمة والجلوس مع أهلها هو مشاركة لهم في جرمهم , وفيه تلبيس علي عوام الناس فاحذروا

 

4. مايو 2015 - 10:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا